نشعر بالضيق عندما نغضب علي ابنائنا ونخاف عندما نثور عليهم بعنف بل نخجل من أنفسنا ونشعر بالذنب لما فعلنا بهم ونقرر أننا لن نعود إلي هذا الاسلوب العصبي في معاملتهم لكننا سرعان ما نشعر بالغضب مرة اخري عندما يثير هؤلاء الابناء اعصابنا بسوء تصرفاتهم فنهجم عليهم مرة اخري انهاماً وضرباً في بعض الأحيان بينما نحن في الواقع نشقي ونتعب ونكرس حياتنا وثرواتنا من أجل راحتهم ورفاهيتم .
إذن كيف يمكننا التخفيف من هذا الغضب والاستفادة منه في تطوير شخصيات ابنائنا؟ علينا أولاً أن ندرك بأن الغضب امر يتكرر في حياتنا مثلما تتكرر نزلات البرد العادية وهذا يتطلب منا أن نتقبله كحقيقة من حقائق الحياة لا نخجل منه أو نشعر بالذنب عندما نغضب علي اطفالنا بل واجب علينا أن نريبهم علي اساس تقبل هذه الحقيقة وبدل أن نكتمه علينا أن نتعلم كيف نسيطر عليه ونوجهه وجة ايجابية تفيد صحة الغاضب وتساعد علي تطوير شخصية المغضوب عليه .
إن الخطأ الذي نقع فيه ونحن نربي ابناءنا هو محاولتنا أن نكتم غضبنا عليهم عندما يسيئون التصرف لأننا مهما حاولنا كتمان هذا الغضب لابد وأن يأتي يوم وننفجر إذ أن قدرة الانسان علي كتمان غضبة محدود وهذا ما يجعل غضبنا علي اطفالنا عنيفاً وسلبياً نبدو خلاله وكأننا فقدنا عقولنا نقول ونفعل بهم اشياء نندم عليها فيما بعد .
والواقع أن البيوت الهادئة المريحة لا تصبح هكذا فجأة وانما يمارس الآباء فيها طرقاً تمكنهم من التعامل مع التوتر والغضب عندما يحدث بينهم وبين ابنائهم باسلوب يؤدي إلي تخفيفه قبل أن يصل إلي مرحلة الانفجار.
إلا أننا يجب أن نؤكد هنا أن لايترك الآباء بعض اخطاء الاطفال تمر بسهولة لأنهم عندئذ سيفقدون احترام اطفالهم إذا لم يردعوهم في الوقت المناسب مما يسيء إلي شخصية هؤلاء الابناء والردع يجب أن لا يكون في شكل ثورة عارمة لأنها تسء ايضا إفي نفسياتهم وانما بأسلوب حازم يقول لهؤلاء الابناء: إن هناك حدوداً لتسامح أبائهم معهم .
وبما أننا نستهلك اثناء الغضب بعض مشاعرنا فلماذا إذن لا نوظفها في امر ايجابي يؤدي إلي راحتنا كإباء ويمنح الطفل رؤية واضحة لما يجب عليه القيام به حتي يتفادي غضب والديه؟
إلا أن علينا كأباء أن لا نغضب علي ابنائنا امام اصدقائهم لأننا سنجرح بهذه الطريقة كبرياءهم الامر الذي يجعلهم يزدادون غضباً بينما ما نريده هو أن تصل وجهة نظرنا فيما بعل ابناؤنا اليهم ليتبخر الغضب في هدوء بينا وبينهم نصل إذن إلي أن هناك ثلاث خطوات علينا أن ندركها جيداً لكي نعد أنفسنا لحالات الغضب مع ابنائنا .
أولاً : أن نقبل بحقيقة هامة تتلخص في أن الاطفال لابد وأن يثيروا غضبنا.
ثانياً: أن نمنح أنفسنا الحق في الغضب علي ابنائنا دون أن نشعر بالذنب والخجل .
ثالثا: أن نعطي لانفسنا الحق في التعبير عما نشعر به من غضب علي ابنائنا دون أن نمس أو نهاجم شخصياتهم
تري كيف يعبر الآباء عن هذا الغضب مع ابنائهم ؟
يستطيع الأب الغاضب علي ابنه في الخطوة الاولي أن يعبر عن مشاعره الغاضبة بصوت عال وكأنه يعطي انذاراً لهذا الأبن لكي يعدل من سلوكه بأن يقول مثلاً:
أشعر أني منزعج من تصرفاتك يابني .
أو يقول : إذا لم تتوقف عن هذه الحركات فإني سأنفجر فيك إذا كان تعليقه لم يمنحه الراحة فإن عليه عندئذ أن يخطو إلي الخطوة الثانية بأن يعبر عن غضبه المتزايد بقوله مثلاً : تصرفاتك تجعلني اشعر بالغضب .
وإذا شعر أن غضبه يتزايد يستطيع أن يقول بصوت حازم يصر علي حروف كلماته.
أشعر أني غاضب جدا- أشعر أني غاضب جدا جداً- اشعر أني سأنفجر غضباً
إذا صرح الأب عن غضبه بهذه الطريقة ولم يتوقف طفله عن تصرفه السيء عندئذ عليه أن يخطو إلي الخطوة الثانية في التعبير عن غضبه علي ابنه بأن يتحدث خلالها عن سبب غضبه ويعلن عن ردود افعاله الداخلية وامنياته بقوله مثلاً: أشعر بالغضب يغلي في داخلي عندما اري هذه الاحذية والجوارب والقمصان والبدلات منثورة هكذا علي الارض بودي لو افتح النافذة واحذف منها كل هذه الاغراض المنثورة في وسط الشارع .
أو يقول : ضربك لأخيك الصغير يثير غضبي أشعر أني سأجن منك أنا لا استطيع أن أدعك تؤذي اخاك
عندما يعلق الأب بهذه الطريقة فإنه بذلك يعبر عن غضبه أو يصرف غضبه دون أن يؤذي ابنه أو نفسه ويمكنه بهذه الطريقة أن يضع امام هذا الابن درساً هاماً حول القنوات المسموح بها أن يعبر هو ايضا عن غضبه باسلوب هادئ وكلنا نعلم أن الآباء قدوة لابنائهم في تصرفاتهم اليومية .