آخبار عاجل

بيت القبطية وتساؤلات أشرف العشماوي .. بقلم د محمد مصطفى الخياط

18 - 06 - 2021 12:55 580


(ثار في ذهني السؤال الذي لم أجد إجابة عنه منذ بداية التحقيق في قضية القبطية، هل الدين والقانون في خدمة المجتمع، أم أن المجتمع والقانون هما اللذان في خدمة الدين؟!!)، يطرح الكاتب أشرف العشماوي هذا التساؤل على لسان وكيل النيابة نادر فايز كمال، بطل روايته، بيت القبطية.

نزفت هدى حبيب كثيرًا بعد الولادة ولم تجد من يتبرع لها بالدم من المسلمين أو المسيحيين. من جهة أخرى، سجل المستشفى أسمى الطفلين وترك خانة الأب فارغة بحجة أن زوجها السابق، مسلم، رفع قضية إثبات نسب، وزوجها الحالي، مسيحي، يطالب بحقه في الأولاد. وعندما ماتت دفنتها الشرطة بمدافن الصدقة، (بعد ما لفظتها الكنيسة وتبرأ منها الشيخ رجب).

بنفس التلقائية يضعنا الكاتب وجهًا لوجه أمام سؤاله السالف عبر مشاهد متكررة، (رفضت الكنيسة الصلاة على الخفير نبوي الديب لحمله بطاقة مسيحية مزورة، ورفض الشيخ رجب الصلاة عليه أو السماح بدفنه بمدافن المسلمين متحججًا بالبطاقة المسيحية ذاتها، فلا يوجد لديه ما يدل على إشهار إسلامه مرة ثانية).

ماذا لو تمت مراسم الدفن دون تمحيص في الضمائر والنفوس، ماذا لو أقيمت صلاة الجنازة تبعًا لمناسك الدين وانصرف المصلون في هدوء، دون نبش الماضي وادعاء الظنون. ترك العِبَاد عبادتهم وتألهوا على الله. ما الذى حدث لنا حتى تمنح فئة ما نفسها حق التفتيش في نوايا الآخرين وإصدار أحكام لا تقبل النقض ولا المراجعة. لماذا نُصر على فهم الدين بهذه الطريقة المركبة.

يقول العشماوي في موضع آخر من الرواية (لم أعد أرى أقباطًا ومسلمين، رأيت مهووسين متعصبين من الجانبين، يعيشون في جحيم طوال حياتهم، فقط ليثبتوا لتابعيهم أن الآخرين لن يدخلوا الجنة في الآخرة). ما الذى ننتظره من متعصب؟.

لم تكن هدى حبيب سوى امرأة عادية زوجتها أمها المسيحية من رجل مسلم، خِضر، مع كثرة الخلافات بينهما وتعديه عليها بالضرب، ضربته على رأسه بعصا غليظة فَخَرَ يشخب في دمه. ظنت أنه مات فهربت ولجأت إلى قرية أخرى وهناك تزوجت من رزق. عاملها أهل القرية كسيدة مبروكة، فصار بيتها مزارًا للمسلمين والمسيحيين على حد سواء، وعُرف بينهم ببيت القبطية. يمسحون أكفهم بجدرانه ثم يضعونها على وجوههم وأجسامهم طلبًا للبركة ويتمتمون بالدعاء.

وفي حياة لا تغير من طبعها، تصفو حينًا وتتعكر أحيانًا أخرى، اجتاحت القرية نوبة من نوبات التوتر الطائفي أججها التكالب على الأراضي الزراعية والنظرة الضيقة للدين. سقط الكثير من القتلى، وانكشف سر هدى وقُبض عليها، بعد ما ظهر أن زوجها الأول، خضر، ما زال حيًا.

يدعي خضر أنها حامل منه. ويخشي عليها رزق من أهل القرية. أهل القرية الذين كانوا يتمنون قربها ودعائها لهم هدموا بيتها ودهسوه بأقدامهم. 

أنكرتها الكنيسة؛ إذ رأتها خاطئة، ورفضها جماعة السنية. وفي المحكمة وجهت كلامها إلى وكيل النيابة نادر كمال، الذى وقف إلى جوارها عندما نزلت القرية، وحكت له سرها عندما انكشفت قصتها. 

لم تطلب من القاضي سوى (محاكمة عادلة ولو لمرة وحيدة في حياتها، سئمت العيش في المسافة الفاصلة بين الحلم والحقيقة، بين الظلم والمساواة، لا تريد سوى العدل ..... لا تريد أن تنقل خوفها لأطفالها القادمين للدنيا)، وعندما يتحقق لها ذلك سوف تستطيع هدى حبيب، ونبوي الديب، وكل إنسان بسيط النفس أن يقبل الآخر في سلام وأن يجيب على تساؤلات العشماوي، حتى لو حكم القاضي بحبسها سنة مع إيقاف التنفيذ، كما جاء في الرواية.
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved