آخبار عاجل

الله والفضــــاء.. بقلم د/ سلوى المؤيد

08 - 07 - 2021 1:11 3562


هذه الحلقات التي سأقدمها لك عزيزي القارئ ستدور حول أطهر وأعظم كلمات وجدت على وجه الأرض .. هي آيات الله العظيمة التي تُكَوﱠَن في مجموعها  الشامل القرآن الكريم .. ذلك الكتاب المقدس العظيم المليء بالقيم الإنسانية والتعاليم والقوانين التي تمس مختلف جوانب الدنيا والحياة الأخرى والتي من شأن العرب لو اتخذوها أساساً لتفكيرهم ومعاملاتهم لأصبحوا من أعظم الأمم وأرقاها .

لقد كان للجهل أكبر الأثر في سوء فهم عظمة الدين الإسلامي متمثل في القرآن الكريم بكل ما يحتويه من تعاليم وقيم وقوانين .. 

 والسبب في ذلك يعود إلى سنوات الاستعمار التي عاشت تحت ضغطها الدول العربية من بداية القرن السادس عشر حتى بداية القرن العشرين.. ولم تكن الدول العربية المتقدمة نسبياً أحسن حال من شقيقاتها الدول العربية المتأخرة فهي أيضاً لم تستطع التخلص من ذلك الشبح المخيف.. الجهل بكل صوره البشعة ونتائجه غير المشرفة ..
  
ومن ضمن من أنعكس عليهم هذا الجهل وكان له أسوء الأثر على رسالتهم ووظيفتهم في المجتمع هم معظم شيوخ الدين الإسلامي.. الذين لم يتعمقوا في آيات الله العظيمة ولم يتزودوا بالثقافة من مختلف الكتب الدينية والدنيوية.. وقد ارتكبوا في ذلك خطأ فادحاً أنعكس أثره السيئ على الدين الإسلامي فبدا متأخراً رجعياً  بخلاف  حقيقته  المشرقة المشرفة .. وهم في جهلهم هذا متناقضون مع قول الله سبحان وتعالى في الآية الكريمة "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون "ومع قول رسول الله عليه الصلاة والسلم " اطلب العلم ولو في الصين".

- إذاً ماذا ننتظر من تفسير رجال الدين هؤلاء للقرآن الكريم.. بالطبع سيكون تفسيرهم على حد تفكيرهم الضيق الناتج عن ثقافتهم المحدودة الضيقة .. وحسب أهوائهم .. وهذا التفكير الجاهل الضيق لا يستطيع أبدا ً أن يفسر آيات الله التي تحتوى على معان كثيرة وعميقة وواسعة وشاملة.. يصل بعضها إلى حد الإعجاز في الفهم من قبل نخبة قليلة من رجال الدين الذين كرسوا حياتهم في دراسة القرآن وكتب التفسير التي وضعت له وللأحاديث النبوية والسنن ومختلف الكتب الأخرى من الناحية الدينية والدنيوية وخاصة العلمية منها. 

إننا بحاجة اليوم إلى رجال دين مثقفين ثقافة واسعة ديناً ودنيا لكي يكونوا على مستوى فهم وتفسير هذه الآيات العظيمة فهماً وتفسيراً صحيحاً وليبرزوا حقيقة الدين المشرفة الناصعة ويطمروا الصورة الرجعية المنفرة التي أوجدها رجال الدين الجاهلون.. فيبقى دائماً شعلة أبدية تضيء الطريق للملايين من البشر نحو الحق والفضيلة والخير والإخلاص في العمل .. هذه الأسس التي هي أساس  القيم التي يدعو إليها الدين الإسلامي والتي هي قاعدة لكل مجتمع سليم قوى .. إن تكرار دعوة الدين إلى العلم والدرس والتحصيل ما يقارب 700 مرة في القرآن الكريم لتدلنا على مدى اهتمام الله سبحانه وتعالى بالعلم .. وجعله أساس كل تقدم عقلي .. ويحطم آخر ما تبقى للجهلاء بالدين الإسلامي الذين يدّعون بأن تأخر العرب يعود إلى الدين الإسلامي.. ولو أنهم عرفوا دينهم حق معرفته لما تجرؤوا على التفوه بهذا الكلام الغير المنطقي .. ولتبين لهم بأن العرب لو جعلوا الدين وقيمه ومبادئه أساسا ً لحياتهم لأصبحوا من أقوى الأمم وأرقاها.

   ذكرت من قبل بأن هناك نخبة قليلة من رجال الدين الذين كرسوا حياتهم في دراسة الدين الإسلامي وإجراء الدراسات والأبحاث حول تفسيره .. إلى جانب قراءاتهم المتنوعة الغزيرة في مختلف الكتب الدنيوية .. لقد خدم هؤلاء الدين الإسلامي خدمة جليلة وساهموا بعلمهم الغزير وأسلوبهم المثقف وتفكيرهم الواسع في إظهار حقيقة الدين والرد على الإدعاءات الظالمة الناتجة عن الجهل به ..
                                                                                                      
   ولقد اخترت من هؤلاء الرجال .. كاتبا ً دينيا ً يستحق بجدارة أن يلقب برجل دين مع أنه شغل وظيفة رسمية هي وظيفة مهندس كبير في إحدى المؤسسات الهندسية في جمهورية مصر العربية .. وذلك لاجتهاده في إظهار الدين الإسلامي على حقيقته عن طريق الدرس والتحصيل من مختلف منابع الثقافة الدينية والدنيوية وخاصة العلمية منها .. فنجد كتاباته ممزوجة بالأسلوب العلمي البسيط الذي يقصد منه إثبات حتمية وجود الله وعظمة خلقه .. إلى جانب تناوله لمواضيع دينية أخرى كثيرة . 

   قرأت كتاب عبدا لرزاق نوفل  "طريق إلى الله" فوجدته بالفعل محاولات جادة ومثمرة في أن ترصف طريقا ً سهلا ً للتعرف على عظمة الله سبحانه وتعالى ووجوده الحتمي من قبل كل من لديه الرغبة في ذلك .. ويدحض في كتابه قول الجهلاء بالدين الذين يدعون بعدم وجود إله مدبر لكل هذا الكون الدقيق الصنع العظيم الخلق.

 لقد قمت بتلخيص ما بحث عنه هذا الكاتب لأعرضه للقارئ فماذا وجدت؟

الحقيقة الكبرى
    
لنتصور مكتبة ضخمة تحتوى على الأقل على نصف مليون كتاب من الحجم العادي.. فجميع حروف الطبع التي في جميع صفحات كل كتب هذه المكتبة عددها مساو تقريباً لعدد نجوم السماء.. وإذا كنا نطالع بسرعة صفحة في الدقيقة مدة 8 ساعات يومياً فلابد من 700 سنة لقراءة هذه المكتبة كذلك لو كنا نعد النجوم بسرعة 1500 نجم في الدقيقة لأستغرق عدنا للنجوم كلها 700 سنة أما هذه الأرض التي نعيش عليها فهي أقل.. أقل كثيراً جداً من نقطة على حرف من مكتبتنا ذات النصف مليون كتاب.
 
هذا بالنسبة للنجوم التي تبلغ درجة حرارتها عشرات الملايين من الدرجات التي يعيشها الإنسان بأجهزته فكيف يكون الحال بالنسبة للكواكب يا ترى؟

لو تصورنا أن كل نجم له تسعة كواكب كما للشمس فيا ترى كم هو عدد الكواكب؟
 
أما حجمها .. فإننا لا نستطيع إلا أن نقارنها بحجم الأرض .. فقد أثبت العلماء إن هذه الكواكب يصل حجمها في معظمها إلى ملايين الملايين من حجم الأرض وبعضاً منها إلى ملايين المرات  والبعض الآخر إلى الألف مليون من  المرات أما لو تساءلنا عن المسافة التي بين هذه النجوم وبعضها والكواكب وبعضها فهي تقدر بمسيرة أيام وليال ٍ لذلك يندر أن يلتقي نجم بأخر ويقدر العلماء المسافة بين أي نجم وآخر بحوالي مليون ميل ..

حجم الكون

فيا ترى بعد ذلك كله كم يبلغ حجم هذا الكون الشاسع؟
  
لقد استطاع العلماء الوصول إلى حقيقة في حجم هذا الكون وهى أن الكون يتسع أتساعاً لا يخطر على بال أحد وإنه ليس هناك أي احتمال يشير إلى وقف أتساع الكون وانتشاره إلا إذا كانت نهاية الكون قد حانت .
 ومن الدراسات التي ألقت ضوءا ً على حجم هذا الكون العظيم هي دراسة إشعاعات النجوم فقد توصل العلم إلى معرفة أن الضوء يسير بسرعة 186 ألف ميل في الثانية وقد أختار علماء الفلك السنة الضوئية لقياس أبعاد النجوم.. فإذا وصل إلينا ضوء نجم بعد ثانية فإن معنى ذلك إن هذا النجم يبعد عنا بمسافة 186 ألف ميل .. فماذا لو عرفنا أن أقرب سديم إلى الأرض يصل إلينا ضوئه بعد 850 ألف سنة ضوئية وهو السديم 23 أما السديم 812 وهو الدب الأكبر ويعد أجمل ما في الفضاء من مدن نجومية فإن ضوءه يستغرق في الوصول إلينا مليونا ً وستمائة ألف سنة ضوئية.

   وهناك سدم يصل إلينا ضؤها بعد 240 مليون سنة ضوئية " السنة الضوئية = 365 يوما ً في كل يوم 24 ساعة في كل ساعة 60 دقيقة وكل دقيقة 60 ثانية ".

   فيا ترى كم يبلغ حجم هذا الكون العظيم وإلى أي مدى يمتد تاريخه الطويل ؟ أليس يدلنا كل ذلك على عظمة الخالق الذي خلق فأتقن الصنع ودبر فأحسن تدبير كل شيء؟ إن كون هذا الكون على هذه الدرجة الكبيرة التي ليس لها حدود من التنظيم والدقة .. تبطل أي دعوى تقول إن هذا الكون أتى نتيجة صدفة عشوائية .. وهل من المعقول أن تخلق الصدفة العشوائية هذا الكون الشاسع العظيم المتقن في الصنع .. وإذا كانت الصدفة قد أوجدت  هذا الكون الكبير كما يدعون فما هي هذه الصدفة ؟ وما هو تفسيرهم لها ؟ ومن الذي أوجدها ؟ ومن الذي يحمل هذا العبء الكبير بعد أن خلق هذا الكون ؟ إن دقة تنظيمه وعظمة خلقه لتدلنا كلما تعمقنا فيه على إن وراءه إله عظيم يخلق ويتقن في الخلق ويدبر ويشرف على كل شيء .. هل انتهينا من محتويات هذا الفضاء الشاسع ؟ .. كلا .. فقد بقيت أيضاً النيازك التي تنطلق بسرعة 50 مرة ضعف سرعة انطلاق الرصاصة وأقل كتلة صخرية منها في حجم أكبر مبنى يمكن تخيله .. وقد سمعنا عن سقوط شظية منها في ولاية أريزونا فسببت حفرة قطرها 4200 قدم .. وغير النيازك توجد المذنبات .. التي تتجه أذيالها دائماً في الاتجاه المضاد للشمس ويتفتت بعضها ويتلاشى بعضها ويرتد بعضها إلى الفضاء حيث يختفي في أعماق المجهول.                                                                 

عمر الكون

لقد قرر العلم أن هذه الوحدات كانت سديماً وانفجر في زمان ممعن في القدم .. والسديم إنما هو دخان ..فيا ترى .. أي كميات من الدخان كونت هذا الكون بما فيه ؟ وكيف تكون هذا الدخان ؟ فإذا كان قد تكو ن من غير مادته فماذا كان قبل ذلك ؟ وعلى أي صورة ؟ . 

لقد كان خلق الكون من الموضوعات التي أحتار العلماء في فهمها وإيجاد الحل لها.. إذ إن الكثير من العلماء يعتقد أن الكون إنما قد نشأ نتيجة تطورات مستمرة بدأت من مادة متجانسة شديدة الانضغاط وانفجرت منذ بضعة ملايين من السنين ويعتقد غيرهم إن الكون يكاد يكون كائناً على ما هو عليه منذ الأزل ولكن وقع العلماء في حيرة عندما سألوا أنفسهم .. كيف وجدت هذه المادة المتجانسة ؟ وهل أوجدت نفسها بنفسها ؟ وهذا ما لا يقبله العقل والمنطق.. والضغط الذي وقع عليها أليس الضغط إنما ناتج عن قوة بها ؟ فما مصدر هذه القوة ؟ أليس لكل قوة مصدر؟.

   لقد أقترب السير جيمس جينز من الحقيقة حين قال .. " لقد حدث ما يمكن أن يسمى خلقاً في وقت ليس ببعيد بعداً لانهائياً " أما القول الحق فهو ما قاله القرآن الكريم في الآية الشريفة " قل من رب السموات والأرض . قل الله .. أفإتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً .. قل هل يستوي الأعمى والبصير؟ أم هل تستوي الظلمات والنور ؟ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم .. قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار " .

أما إذا تساءلنا عن عمر هذا الوجود .. فإن الأبحاث التي أجريت عليه تزيد من أسرار هذا الكون وتظهر عمق آياته وروعة إسراره .. فقد استطاع مرصد جبل ولسن أن يرصد بأجهزته الحالية السدم التي تبعد بمقدار240 مليون سنة ضوئية .. فإن معنى ذلك إن هذه السدم موجودة منذ 240 مليون سنة وهذه هي المسافة التي يقطعها الضوء حتى وصل إلينا عبر الفضاء وهذه المدة ما هي إلا فترة قصيرة في حياة الوجود لم يتناوله أي تغيير .. ولا بد أن يكون عمر الكون إضعاف ذلك .

ولقد اكتشف أحد العلماء في كندا معدن الأدرانيت ووجد إن عمره 1985 مليون سنة تحديداً .. ولما كانت الأرض لا تعتبر شيئاً بالنسبة إلى حلقات هذا الوجود .. إذ إنها قد جاءت بعد أن وجد الكون بزمن يصعب حصره  لفرط كثرة سنينه .. فإلى أى تاريخ يرجع خلق الأرض ؟ وقبل ذلك بملايين الملايين من الأضعاف يرجع خلق الوجود فمتى بدأ ؟ إن العقل البشرى لا يحتمل مجرد التصور أو التخيل ..
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved