آخبار عاجل

الله والكون الهدف من وجود الحياة الحلقة السابعة "الجزء الأول"  أعدت الحلقة / سلوى المؤيد

24 - 08 - 2021 2:07 4709

لماذا نعيش ؟ سؤال يفرض نفسه على ذهن المرء منذ أن يعي الحياة حوله .. إلى أن ينقطع الخيط الذي يربطه بعالمه الدنيوي .. سؤال يعكس حيرة الإنسان وضياعه .. فهو لا يعلم إلا دينياً من أين أتى وإلى أين يذهب ؟ ولماذا هو ماض ٍفي رحلته الدنيوية شاء ذلك أم أبى ليقطعها بشتى الانفعالات والأفكار المتفاوتة بين شخص وآخر لينقطع كل شيء في لحظة لم يتجاوزها أي كائن منذ بدء الخليقة , بصيص من نور يطل علينا من بين سطور الكتب السماوية .. والعلم والدين سائران في طريق البحث عن الهدف الحقيقي للحياة .. وما علاقته بخلق الإنسان .. الكائن المدرك المفكر.

   يرتبط البحث عن الهدف من الوجود .. بالوجود نفسه .. هل وجد عن طريق الصدفة ؟ أم كان خلقه بتدبير من عقل مدبر وعظيم وذكى لأقصى حدود  تصل إليها هذه الصفات من الكمال .

   العلماء بحثوا في هذه المسألة .. ونقبوا ودرسوا ظواهر الطبيعة .. فوجدوا إن ما يتجلى في الكون هو النظام الشديد المذهل المتصل الحلقات والتعقيد المعجز والذكاء الهائل المدبر وهى صفات تتنافى مع العشوائية .. الناتجة عن الصدفة .. فالصدفة تترابط في خط رأسي لا في خط أفقي ذلك أن تجمع عناصر معينة في ظروف معينة قد تعطى نتائج معينة قائمة بذاتها .. ولكن هذه النتائج لا تكون ذات علاقة بظاهرة أخرى من ظواهر الحياة.
آراء الفلاسفة:
وكفكرة تتعلق بحياتنا بل هي من أقرب الأفكار ارتباطاً بنا لأنها تتعلق بذاتنا وبوجودنا .. فقد انفعل بها الفلاسفة .. وانطلقت أفكارهم الفلسفية تبحث عن الإجابة .. فلاسفة اليونان اختلفوا في آرائهم .. ديمقرطيس يؤمن بالصدفة .. والعشوائية .. لا سبب مرسوم للكون .. ولا غاية يقصدها .. أرسطو يعارض ديمقرطيس .. ويؤمن إن للوجود غاية ووظيفة يؤديها .. ويسير الزمن وتتعدد الآراء والفلاسفة لا يهدئون بحثاً عن الراحة في العثور على الإجابة ويضيق المكان عن ذكر الكثير منهم .. ويطل السفسطائيون .. ليطرحوا أراءهم التي تتركز في أن الغاية من الحياة هي الحصول على اللذة الجسدية. 

   ولكن سقراط يعترض على هذه النظرة للحياة .. ويجد إن الهدف منها هو البحث عن الفضيلة وممارستها .. ويستمر النقاش وتتعدد الآراء ..وتتوالى السنوات .. لينتهي عصر ويبدأ عصراًآخر بكل ما يحمله من فكر ومادة ويبدأ العصر المسيحي يخطو أول خطواته .. ويبرز فيه الفيلسوف فيلون أشهر فلاسفة هذه الحقبة .. فيرى إن الهدف من الوجود هو الوصول إلى الله بالذات والاتحادية ويقاربه أفلاطون في رأيه .. ويوافق عليه .. ونرى هنا التشابه الكبير بين هاذين الرأيين ورأى البوذيين .

   ويمعن المعتزلة في التساؤل عن الإجابة وتأتى النتيجة متأثرة بالفكر الإسلامي .. إذ ترى إن منفعة البشر هي التي من اجلها خلق الله الحياة .. ولكنهم ظلوا غامضين في إجابتهم لأنهم لم يذكروا صورة هذه المنفعة .

   وتوقف بعد ذلك باب الإجتهاد ودخل العالم الإسلامي مرحلة ضعف بسبب العصور المظلمة التي سيطر فيها الاستعمار على المجتمع الإسلامي .

   وتتناول هذه المسألة الكثير من آيات القرآن الكريم .. فتتشبث بها النفوس الضائعة الحائرة الباحثة عن سبب وجودها .. والهدف منه .. وتتوالى آيات القرآن الكريم المتعلقة بهذا الموضوع موضحة الهدف من وجود الحياة .. وما علاقته بوجود الإنسان .. الكائن الوحيد الناطق المفكر المتطور القادر على تبديل  مجريات الأمور في دنياه عن طريق القدح في التفكير عن وسائل الحضارة المادية والفكرية .                                                         
 
  " افحسبتم إنما خلقناكم عبثا" سورة المؤمنون 115 إجابة واضحة في هذه الآية الكريمة .. على التساؤل الذي يعانى منه فكر الإنسان .. فالكون لم يخلق عبثاً ولا يسير بصورة آلية .. وإنما وجوده لهدف مرسوم وغاية محددة ويكشف الله سبحانه وتعالى عن الهدف في سورة البقرة 30 . 

" وإذ قال ربك للملائكة أنى جاعل في الأرض خليفة , قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء , ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك , قال أنى اعلم ما لا تعلمون ".
.إذنً هناك هدف من خلق الإنسان .. غير التسبيح والعبادة لله .
ما هو هذا الهدف ؟
   يعيش الإنسان متصلاً بعالمين . عالم مادي محسوس متصل بجسده وطرق إشباعه للاستمرار في الحياة .. وعالم فكرى معنوي  متصل بعقله وإدراكه وهذا العنصر المؤثر في الظواهر الطبيعية من حوله .. معتمداً في ذلك على كمية التحصيل والمعرفة لديه .. إن زادت فقد أعطت تطوراً وتقدماً وإن نضبت نتج عنها التأخر والجهل والظلام .. والعقل العالم بصنوف المعرفة المتدبر لما حوله المفكر في ظواهر الكون هو الذي يدعو إليه الله سبحانه وتعالى في آيات كثيرة في القرآن الكريم وأحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم .

  ففي سورة النحل 78 يذكر الله سبحانه وتعالى إنه قد خلق الإنسان معدوماً من المعرفة وخلق حواسه الدنيوية لكي تؤدى وظائفها بالاتصال بالعالم الخارجي ونقل قوى الإدراك والمعلومات إلى العقل .

    فيقول جل شأنه " والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً , وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون " .. ونقرأ أول آيات القرآن الكريم لنجدها أمراً إلهياً صريحاً يحث الإنسان على القراءة والمعرفة  " اقرأ باسم ربك الذي خلق".

   ويصف الله هؤلاء الذين لا يؤدون فريضة طلب العلم ولا يستفيدون مما خلق الله فيهم من أدوات لنقل صنوف المعرفة إلى الإدراك .. بالغفلة وبأنهم كالأنعام أو اقل شأناً فينزل بهم إلى أدني درجات الخلق وذلك بقوله تعالى في سورة الأعراف 179 " لقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس , لهم قلوب لا يفقهون بها  ولهم أعين لا يبصرون بها , ولهم أذان لا يسمعون بها , أولئك كالأنعام بل هم أضل, أولئك هم الغافلون " .

   ويمجد الله سبحانه وتعالى العلماء في سورة العنكبوت 43 : " وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون " .. أما من تتوفر فيه نعمة العلم ويكتمها عن سائله  فعليه لعنة الله .

   ويوضح ذلك الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة 159 " أن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " .
 
   وتأتى أحاديث الرسول الكريم فتدعم دعوة القرآن الكريم إلى التحصيل والمعرفة وتكثر الأحاديث التي تدعو الإنسان إلى الاغتراف من مناهل العلوم .. مما يتنافى مع ما يدعى بعض رجال الدين في اقتصار الدعوة إلى التعليم في الإسلام على الرجال .. فها هو النبي الكريم يدعو إلى طلب العلم قائلاً في حديثه الشريف . . "طلب العلم فريضة على كل مسلم " وتعنى كلمة مسلم هنا الجنسين الذكر والأنثى ويقصد الرسول كذلك بالمسلم  الإنسان المنقاد لله المخلص له وهذه دعوة صريحة من النبي إلى طلب العلم وتحصيله .

   ويذكر النبي الكريم إن طريق العلم طريق إلى الجنة في حديثه الشريف .. " من سلك طريقاً يطلب به علماً سهل الله له طريقاً في الجنة .

    ويضع العلماء في أعلى الدرجات في حديثه الشريف : " يبعث الله العباد يوم القيامة ثم يميز العلماء منهم فيقول يا معشر العلماء أنى لم أضع علمي فيكم لأعذبكم , اذهبوا فقد غفرت لكم " .. والعلماء الذين يقصدهم النبي صلى الله عليه وسلم هؤلاء الذين يسيرون في طريق العلم على أسس من المبادئ والأخلاق والقيم الإنسانية الفاضلة التي تسعى لخير البشرية . 
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved