آخبار عاجل

الله والكون الهدف من وجود الحياة (الأخيرة) .. بقلم/ سلوى المؤيد 

29 - 08 - 2021 11:54 4403

لماذا نعيش ؟ سؤال يفرض نفسه على ذهن المرء منذ أن يعي الحياة حوله .. إلى أن ينقطع الخيط الذي يربطه بعالمه الدنيوي .. سؤال يعكس حيرة الأنسان وضياعه .. فهو لا يعلم يقيناً مطلقاً من أين أتى وإلى أين يذهب ؟ ولماذا هو ماض ٍ في رحلته الدنيوية شاء ذلك أم أبى ليقطعها بشتى الانفعالات والأفكار المتفاوتة بين شخص وآخر لينقطع كل شيء في لحظة لم يتجاوزها أي كائن منذ بدء الخليقة , بصيص من نور يطل علينا من بين سطور الكتب السماوية .. والعلم والدين سائران فى طريق البحث عن الهدف الحقيقي للحياة .. وما علاقته بخلق الإنسان .. الكائن المدرك المفكر. 

   ولم يقتصر تمجيد الإسلام للعلماء .. بل جعلهم في مرتبة أفضل من مرتبة العابدين ويتجلى ذلك بوضوح , إن إرادة الله من خلق الإنسان هو الاغتراف من منابع العلوم .. لا العبادة والتسبيح له سبحانه وتعالى فقط وإن كانت العبادة لله فرضا ً على المسلم عليه أن يؤديه تلازماً مع سيره في طريق التحصيل والمعرفة وهو الهدف الرئيسي من خلق الكون والإنسان .. الكائن الحر المفكر المسئول .

   ففى الحديث الشريف للرسول الكريم .. يتجلى ذلك التفضيل إذ يقول " فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ".

   ولمن يهمل تزويد عقله بالمعرفة ويحصر اهتمامه بالعبادة فقط يوجه قوله في حديثه الشريف " قليل العلم خير من كثير العبادة".

   ويشفع العالم للناس يوم القيامة .. إذ يقول الرسول الكريم في الحديث الشريف : " يبعث الله العالم والعابد فيقول للعابد ادخل الجنة ويقول للعالم اشفع للناس كما أحسنت أدبهم " والشفاعة هي درجة الأنبياء وهذا تكريم للعلماء ما بعده تكريم وإيثار لهم على غيرهم من المقربين بالعبادة .

   ويدعى بعض الجهلاء إن الدين الإسلامي سبب تخلف العرب ولو علموا حقيقته التي لا يعلمها إلا من قضى الكثير من سنين حياته غارقاً في بحر التحصيل والمعرفة فيكتشفها في ظواهر الكون الذي يدرسه ويستعين بعلمه هذا في فهم آيات القرآن التي تحمل عدة معان في حروف آية واحدة والدين الإسلامي دين علم وثقافة واجتهاد .. ومن لا تتوافر فيه هذه الصفات لا يستطيع أن يعد نفسه عالما ً في الدين .. وعارفا ً ببواطن آياته .. وأمثال هؤلاء الجهلاء كثيرون وهم سبب هذه النظرة المتأخرة والتعصب الجامد الذي أصبحت عليه صورة الدين الإسلامي .. وهم سبب تحريف بعض آيات القرآن بسبب جهلهم وتصورهم فيقوم كل منهم بتفسير هذه الآيات حسب اعتقاده وأهوائه ويكون في ذلك أذى عظيم للدين الإسلامي وإساءة كبيرة لصورته الناصعة المشرفة .

   يكفى أن نقرأ هذه الأحاديث الشريفة لكي ندرك مدى ما يدعو إليه الدين الإسلامي من تقدم ورقى قائم على العلم " فضل المؤمن العالم على المؤمن العابد بسبعين درجة " " العلماء ورثة الأنبياء " .. والمعروف إن الأنبياء هم الذروة العليا في الكمال الإنساني وليس هناك أكثر تشريفاً للعلماء من أن يكونوا ورثتهم " اشتراكية الإسلام ص 96 " ..ودم الشهداء أفضل دم يراق .. فأي تكريم أفضل من وزن مداد العلماء بدماء الشهداء يوم القيامة أليس في ذلك أروع التمجيد بالعلم والعلماء .. إذ يقول النبي الكريم  " يوزن مداد العلماء بدماء الشهداء يوم القيامة " .

   أما من يملك المعرفة ويكتمها عن سائله ومستفسره .. فان الرسول الكريم يبين عقابه في حديثه الشريف " من سئل عن علم فكتمه الجم يوم القيامة بلجام من نار".

   ويتناول هذه المسألة الأستاذ عباس العقاد في كتابه "التفكير فريضة إسلامية" فيقول : ما يتميز به القرآن الكريم هو التنويه بالعقل والتعويل عليه في أمر العقيدة .. وأمر التبعة والتكلف والقرآن لا يذكر العقل إلا في مقام التعظيم والتنبيه في وجوب العمل والرجوع إليه ويأتي ذكره في آياته سبحانه وتعالى بتأكيد جازم باللفظ والدلالة.. ويستطرد قائلاً:
                                                     
   الدين الإسلامي يقرر إن التفكير فريضة إسلامية والتنويه بالعقل في القرآن نتيجة منتظرة يستلزمها لباب الدين وجوهره.

 ويذكر الدكتور السباعي إن القرآن قد جعل المعرفة ميزة آدم التي خلقه الله من اجلها .. ويصل الدكتور يوسف مروة الباحث والمخترع الفيزيائي .. بعد عشر سنوات أمضاها في بلاد الغرب باحثاً ودارساً ومخترعاً في مجال الكيمياء والفيزياء إلى حتمية وجود الله .. فيقول :
 
   إن القوانين الطبيعية هي كلمات الله وأنظمته في تسيير الكون منذ بدء الخليقة وإن كل قانون نكتشفه وندرسه ونتفهمه هو برهان ساطع على وجود الله وعلى عظمته وحكمته ومقدرته .
ويقول في صفحة أخرى في كتابه العلوم الطبيعية في القرآن .
   
   العلم والدين بينهما ربط مصيري وهما يقرران مصير الإنسان وكماله , فالعلم إذن ضياء يكشف الواقع , ولمعرفة الحقيقة والحقيقة هي فعل الله وأثره .. فالعلم طريق طبيعي لرؤية أثار الخالق وتزداد معرفة الخالق بازدياد العلم .

   ويأتي ذكر القرآن والإعجاب به على لسان" غوته " المفكر الألماني الذي يقول ..إذا اتجهنا إلى القرآن نفرنا منه في البداية ولكن سرعان ما يذهلنا ثم يجبرنا على تقديره في النهاية .. أما أسلوبه وهدفه فعظيم ورهيب وسام ولذا سيظل هذا الكتاب ذا تأثير فعال على مدى الأجيال . 

   والدليل على ارتباط العلم بفهم آيات الله وإبداع خلقه ما يبدو في سورة فاطر 27 , 28 " الم تر أن الله انزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها, وغرابيب سود, ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء  وإن الله عزيز غفور".

   ويدعى الكثير من الناس إن دعوة الدين الإسلامي إلى المعرفة اقتصرت على العلوم الدينية والاجتماعية والسياسية والحربية وغيرها إلا العلوم الطبيعية .. وهذا جهل وعدم إنصاف مجحف بالدين الإسلامي العظيم .. إذ يكفى أن نقرأ سورة النساء 113 لندرك إلى أي مدى يدعو الله الإنسان إلى العلم " وانزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم , وكان فضل الله عليك عظيما".. 

   والكتاب هنا يعنى بها الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم أما الحكمة فهي المعرفة والفهم أو استكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم وتحقيق الهدف من وجودها وهذا ما تميز به الإنسان عن الحيوان .

   ويؤكد ذلك المفكر العربي الكبير الأستاذ عباس العقاد .. إذ يقول في كتابه التفكير فريضة إسلامية " إن العلم في الإسلام يتناول كل موجود وكل ما يوجد فمن الواجب أن يعلم "

   إذن دعوة الدين الإسلامي إلى اقتباس المعرفة واغترافها من مصادر العلوم الطبيعية واضحة .. بل ومما يزيدها وضوحاً هو معرفتنا على وجه الدقة إن هناك 670 أية في القرآن الكريم تبحث فى شتى المواضيع العلمية موزعة كما يلي:
1-    الرياضيات 61 آية .
2-    الفيزياء 64 آية .
3-    الذرة 5 آيات .
4-    الكيمياء 9 آيات .                               
5-    النسبية 62 آية .
6-    الفلك 100 آية .
7-    المناخيات 20 آية .
8-    المائيات 14 آية  .
9-    الرياضيات 57 آية .                                                        
10-     علم الفضاء 11 آية .
11-     علم الحيوان 12 آية .
12-     علم الزراعة 21 آية .
13-     علم الأحياء 36 آية . 
14-     الجغرافيا العامة 73 آية .
15-     علم السلالات البشرية 100 آية .
16-     علم طبقات الأرض 20 آية . 
17-     علم الكون وتاريخ الأحداث الكونية 36 آية .
18-     وصف العلم والعلماء والحث على طلب العلم 64 آية .

   ويطلب الناس من الدين الإسلامي أن يشرح النظريات وأن يتناسب مع كل اختراع جديد .. وغاب عن أذهانهم إن العلوم والنظريات أمور متغيرة, ما يثبته العلم اليوم يدحضه غداً أو يكتشف امورا ً أفضل منه .. والدين الإسلامي دين لجميع الأجيال والأزمان لا يستطيع أن يتناول أمورا ً تتغير فهو يدعو إلى البحث في السماوات والأرض، وعلى الإنسان السعي في طريق المعرفة قاصداً خير البشرية عاملاً على تحقيق الهدف من وجوده .. ونذكر هنا حديثا ً على لسان الشيخ مصطفى الغلاييني بهذا الصدد .. " إن القرآن ليس كتاباً علميا ً يشرح العلوم ومن اختصاصه ذلك وإنما ذكر العلوم الكونية أتى ذكرها فيه للعبرة والموعظة والوصول إلى الله ".

   وتأتى كلمات ريتو نبورث معبرة عن رأى الأجانب في اهتمام الدين الإسلامي بالعلوم إذ يقول " يجب أن نعترف إن العلوم الطبيعية والفلك والفلسفة مقتبسة من القرآن فجميع العلماء مدينون له ".

   وأخيراً الدين الإسلامي .. دين عظيم يتناول أوجه الحياة المختلفة الفكرية والمادية .. يدعو إلى التقدم والرقى عن طريق العلم والمعرفة وهما الهدف من وجود الحياة ومن وجود الإنسان خليفة الله على الأرض فمزيد من العلم والمعرفة ومزيد من الموضوعية والأمانة الفكرية .. ينتج عنهما مزيد من معرفة الله سبحانه وتعالى بكل ما يسطع في ثنايا حقيقة وجوده من روعة باهرة وإبداع عظيم وحكمة ودقة تتصل بكل ذرة من ذرات هذا الكون الشاسع .

                                      انتهى
المراجع لكل الحلقات :

1-    طريق إلى الله لعبد الرزاق نوفل .
2-    بين عالمين عالم المادة وعالم الروح لمصطفى الكيك .
3-    العلوم الطبيعية فى القرآن الكريم للدكتور يوسف مروة .
4-    التفكير فريضة إسلامية لعباس محمود العقاد .


 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved