آخبار عاجل

كورونا وساعات السفر بقلم د: محمد مصطفى الخياط

04 - 11 - 2021 1:27 613

داخلني قلق أثناء إعداد حقيبة السفر متوجهًا إلى أبو ظبي مرجعه موقف قديم، فمنذ سنوات بعيدة، لم نكن سمعنا حينها عن فيروس كورونا وعائلته، اجتاحني برد ورشح احتجت معهما إلي بعض أقراص دواء من تلك التي يمكن لأي شخص شراؤها متى أراد، مثلها مثل معروضات السوبر ماركت، تعبأ ما تشاء، ثم تدفع الفاتورة وتنصرف.

 

اتصلت بموظفة الاستقبال في الفندق وسألتها عن دواء متوقعًا أن تبادر متعاطفة وتقول (سلامتك. حالاً بيكون عندك). لكنها بدلاً من ذلك راحت تتلو علي بإنجليزية تكتنفها لكنة هندية -يلتصق فيها لسان المتحدث بسقف حلقه- قوانين الإمارة الخاصة بالحصول على دواء، كل هذا وأنا صابرٌ محتسب أسحب منديلاً تلو آخر أملاً أن تُشنف آذاني بأنها رغم ذلك سوف ترسل لي قُرصًا أو قرصين. وبعد فاصل من حديثها وصمتي -إلا مننفنفات أنف معطوب- ألقتفي ختام خطبتها حجر الاعتذار في بحر رشحي وقالت (عذرًا. إنها قوانين أبو ظبي). أنهيت المكالمة، وأنا أقبض بيمناى على السماعة وبيسراي على المناديل. 

 

إذا كان كل هذا بشأن الرشح، فما بالك بالإجراءات والاحتياطات بعد جائحة قصمت ظهر الاقتصاد العالمي.

وصدق حدسي، أصبح اختبار تفاعل البلمرة المتسلسل، والمعروف عالميًا بحروفه الأولي PCR, Polymerase Chain Reactionجواز المرور من مبنى إلى مبنى، ومن باب إلى باب. بدونه تُحبس في غرفتك. تقولويكيبديا،(يجري اختبار PCRلاكتشاف المواد الجينية من كائن حي معين، مثل الفيروس، وقت اجراء الاختبار).

تقدم نتيجة الاختبار قبل إقلاع الطائرة. وحين تهبط تسجل بياناتك ورقم هاتفك ثم تؤخذ مسحة، تظهر نتيجتها بعد نحو أربع ساعات مع رابط لبرنامج يدعى (الحصن)، يعطي عند الضغط عليه أحد لونين، أخضر إذا كانت النتيجة سلبية، وأحمر إذا كانت إيجابية. وستعتاد أذنك سؤاللكنة الحارس المشوهة –قبل دخول أي مبني- سائلاً عن (الحصن). 

وعندما تغادرعائدًا للوطن، عليك تقديم نتيجة اختبار لم يمر عليها أكثر من ثمانية وأربعين ساعة. وعليك في كل مرة تَحَمُل مرور المجس البلاستيكي الرفيع المنتهي بقطعة قطن في أنفك، ثم الانتظار مترقبًا النتيجة. تكمن مخاطر إيجابية الاختبار في الخضوع لفترة عزل، لا يعلم سوي الله متى تنتهي. 

مشددة هي الإجراءات في أبو ظبي، تشعر أنك في المدينة/المستشفي. الكل يرتدي الكمامات، في الشارع وخلف الجدران. ويزيد عليها المتعاملون مع الجمهور بارتداء قفازات. حتى في المطعم، يقف النادل على مقربة منك، ليس لخدمتك فقط، بل لينبهك من حين لآخر بضرورة ارتداء قناع الوجه، Maskبين كل لقمة وأخري، وأثناء المضغ، وبعد شرب الماء وحينتتجشأ شبعًا.

أول رحلة سفر للخارج بعد قرابة عامين من تاريخ آخر رحلة. صيام طويل عاشه العالم توقف فيه قطاع الطيران عن العمل، جثمت الطائرات على الأرض بعد أن كانتتجوب الفضاء الرحب. قدر الاتحاد الدولي للنقل الجوي الخسائر العالمية بأكثر من 150 مليار دولار. سَرَحت العديد من الشركات آلاف العاملين. وتحسب الجميع لطول اجراءات التعافي واستعادة الثقة، ثقة المسافرين في سلامة التنقل، وتقديم ما يفيد سلبية إصابتهم بالفيروس، والإبلاغ المسبق عن تحركاتهم، وغيرها من اجراءات تجعل المسافرين يفكرون أكثر من مرة قبل الإقدام على السفر.

كنت كمن يتعلم المشي لأول مرة بعد سنوات من الحبو، استغربت المطارات، والطائرات، ووجوه المسافرين، وصوت ارتطام الحقائب بفواصل البلاط. بدا كل شيء غريبًاحتى حطت الطائرة في مطار القاهرة ليشملنا أُنس، بينما وقفت مسافرة تدندن–منتظرة- بصوت رخيم(فيها حاجة حلوة).


 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved