برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، تعقد اليوم الأحد الموافق 19 ديسمبر في إكسبو2020 دبي، قمة اللغة العربية تحت عنوان “حوار المجتمعات وتواصل الحضارات”. والقمة هي: أول حدث على مستوى العالم من حيث الاهتمام الحكومي بهذه اللغة التي هي الأكثر انتشاراً في العالم كون أن المتحدثين بها يصل عددهم 400 مليون إنسان في العالم من مختلف الثقافات في العالم.

تبرهن الخطوة الإماراتية تجاه اللغة العربية التي تواكب الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية والتي توافق 18 من ديسمبر من كل عام وبالتزامن مع انعقاد الدورة 22 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي في مقر أكسبو مجموعة من الاعتبارات لعل أهمها حجم الاهتمام الإماراتي باللغة العربية وطريقة تفكير قيادتها ونيتها في توسعة مسألة الانفتاح العربي على الآخر في قضية التواصل الحضاري والتفاهم الإنساني. كما تعبر هذه الخطوة عن فلسفة العمل الثقافي الإماراتي القائم على نزول القيادات إلى الناس، وذلك من خلال الجمع بين أصحاب القرار في العالم العربي بالمستفيدين وهم الجمهور والمتواجد في هذه اللحظة في إكسبو2020- دبي ما يحقق الهدف الحقيقي لتلاقي الحضارات الإنسانية. وبشكل عام فهذا النهج أو الأسلوب نهج الحكومة الإماراتية في عملها لأنه يحقق معادلة المشاركة بين إصحاب القرار بأصحاب المصلحة.

وبشكل أوسع يمكن تبيان اهتمام دولة الإمارات باللغة العربية التي تتعدى مجتمعها ليخص العرب جميعاً في نقطتين اثنتين هما. النقطة الأولى: خلق أرضية ثقافية صلبة تشكل من خلالها الهوية العربية كمنطلق لمواجهة التحديات المستقبلية التي تعتبر أبرز تلك التحديات في ظل تعدد الهويات وتشرذمها فاللغة بجانب كونها أداة تواصل بين الشعوب فهي كذلك تمثل شخصية أمة وثقافة وحضارة إنسانية، وبالتالي فما تسعى له هو لصون هذه اللغة بما يجعل شعوبها يفتخرون بها أمام الحضارات الأخرى.

الشق الثاني من هذا الاهتمام الإماراتي لهذه اللغة هو الاستفادة من المناسبة العالمية التي تحتضنها دولة الإمارات وهي إكسبو 2020 حيث تتواجد كل الثقافات الإنسانية وهو تأكيد على أن استضافة الإمارات لهذا الحدث ليس اقتصادي فقط كما هو معتاد أنها الثيمة الخاصة به، وأن “حوار المجتمعات.. وتواصل الحضارات” ليس شعاراً أطلقته في افتتاح الحدث العالمي وإنما هي حقيقة ينبغي التفاعل معها وبالتالي فهي مناسبة لإبراز ما تحمله هذه اللغة الجميلة التي “أغرت وكذلك أغوت” الكثيرين في العالم لتعلمها واتقانها لما فيها من كنز معرفي كبير وسحر إنساني في التخاطب.

ومثلما هناك أسباب عدة يمكن استعراضها في مجال اهتمام وتقدير دولة الإمارات لهذه اللغة الجميلة أبرزها ذلك التقرير الذي أصدرته وزارة الثقافة والشباب عن حالة اللغة العربية ومستقبلها بمشاركة 18 جامعة حول العالم و65 مؤسسة و10 مجاميع لغوية من أجل البحث عن مقاربات لتحديات هذه اللغة لتطوير أساليب تمكينها، بجانب كل هذا، فقد أطلقت الإمارات العديد من المبادرات الثقافية والفعاليات مثل مهرجان أمير الشعراء، وشاعر المليون وشرعت مجموعة من القوانين والإجراءات للحفاظ عليها وتعزيزها لدى أبنائها.

يمكن الجزم بأن هذه الخطوة الإماراتية ستسهم في تعميق الاهتمام باللغة العربية على مستوى العالم العربي، وتعزيز مكانتها من خلال تحفيز الالتفاف الجماهيري عربياً بها. فالإمارات كما عودتنا عندما تتبنى قضية إنسانية عربية تعمل فيها بإخلاص وجهد لإنجاحها.. واللغة العربية “قضية أمة” لها حضارة تستحق الجهد الإماراتي لنهضة أمجادها.