أن تحضر متأخراً خير من ألّا تحضر، هذا ما حدث من هيئة الأوراق المالية والسلع، التي بدأت في القيام بدورها الرقابي في أسواق المال المحلية، من خلال تلقي الشكاوى وتحويل القضايا إلى النيابة العامة، لاتخاذ ما تراه مناسباً تجاه سوء إدارة عدد من الشركات المساهمة وتبدُد الملايين من أموال المساهمين.

لقد كان لافتاً الحكم الذي أصدرته قبل عدة أشهر محكمة دبي الابتدائية المتعلق بمسؤولية مجلس إدارة شركة «ماركة» عن الخسائر، وإلزام أعضاء مجلس إدارة الشركة بسداد مبلغ 448 مليون درهم، وبغض النظر عن مرحلة التقاضي التي لم تنتهِ إلى الآن، إلا أنها تمثل بداية مبشرة للكثير من المستثمرين الذين استثمروا في عدد من الشركات ثم وجدوا أنفسهم في موقف كريه لا يحسدون عليه نتيجة سوء التقدير والإهمال.
أتت بعد ذلك القضية، التي أعلن عنها النائب العام الاتحادي، المتعلقة بالتلاعب في أصول شركة الاتحاد العقارية، وبيع عدد من العقارات بأسعار تقل عن سعرها الحقيقي، وقد أكد النائب العام حينها من خلال البيان شفافية التحقيق وإعلام المجتمع والرأي العام بنتائج التحقيقات المتعلقة بهذه القضية.
أضف إلى ذلك فإن المتابعة التي تتم من جانب سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، كان لها دور إيجابي على الأسواق المالية، فبمجرد أن أعلن عن نية حكومة دبي طرح هيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا» ونظام «سالك» وشركة تيكوم، انتعشت حركة التداول في سوق دبي المالي مع وجود خطة حكومية لمضاعفة قيمة الأسواق المالية لتصل إلى 3 تريليونات درهم.

هذه القرارات الشجاعة ساهمت في انتعاش الأسواق المالية المحلية في الدولة، التي تشمل سوق أبوظبي المالي، وسوق دبي المالي، وما كان ارتفاع قيمة التداول وحركة البيع والشراء وارتفاع أسعار الورقات المالية إلا ثمرة لهذه القرارات.

هناك الكثير من صغار المستثمرين المحليين الذين توجهوا للاستثمار في السنوات الأخيرة في الأسواق العالمية، الأمر الذي يعني وجود سيولة مالية لدى العديد من المواطنين وغيرهم، وإن تعزيز ثقة المستثمر ستكون أهم خطوات التصحيح للعودة إلى الاستثمار في سوق الأوراق المالية، ولن يتحقق ذلك إلا بوضع قائمة سوداء بأسماء المتلاعبين، والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه نهب أموال المساهمين