عدت إلى مصر بعد سنتين بسبب ظروف وباء كوفيد 19.. ووجدتها قد تغيرت في هذه الفترة القصيرة كثيرًا.. حيث اتسعت الشوارع الرئيسية ووصل اتساع بعضها إلى ستة مسارات للسيارات ذهابًا وإيابًا بعمل متقن وعلى أحدث الأساليب الانشائية.
والسبب في سرعة الإنجاز.. هو قيام قسم الإنشاءات في الجيش المصري برصف الشوارع الحديثة والعديد من المشاريع القومية، منها العاصمة الإدارية الجديدة التي وصلت إلى آخر مراحلها.. ومشروع مد المترو المعلق في جميع أنحاء مصر حيث وصل الآن إلى منطقة 6 أكتوبر وغيرها من المناطق في مصر.
ويؤكد الأستاذ خالد الشافعي رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية أن حدوث هذه الإنجازات الضخمة على المستوى الاقتصادي حدث خلال السنوات الماضية منذ تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكم في عام 2013.. منها إنشاء 14 مدينة ذكية ومليون وحدة سكنية والقضاء على العشوائيات وبناء عمارات سكنية لمن كان يسكن تلك العشوائيات.. إلى جانب آلاف المشروعات الانتاجية وارتفاع مستوى التصدير إلى جانب إصلاح البنية التحتية وتقويتها لتخدم الدولة لسنوات طويلة قادمة إلى جانب مشروعات المدن الحديثة وانجازها في مدة قصيرة.. لكي يحقق الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وعده للشعب المصري أن يتم تجديد البنية التحية في مصر في فترة قصيرة نسبيًا بحيث لا تتجاوز العشر سنوات أو أقل.. مثل العاصمة الادارية الجديدة التي بنيت على أحدث طراز واكتملت أخيرًا بعد خمس سنوات من إنشائها.. وسوف يتم نقل الدوائر الحكومية إليها في بداية عام 2022.
إن إنشاء المدن في العالم يستغرق على الأقل عشرين عامًا، ويعتبر ما أنجزه قطاع المقاولات في الجيش المصري أمرًا قياسيًا بالنسبة للانتهاء من بناء العاصمة الإدارية في هذه المدة الزمنية القصيرة.. وبالطبع يشارك الجيش في العمل الشركات المصرية الخاصة في قطاع المقاولات تحت مظلته.. وقد يكون سبب ذلك هو الحزم الشديد في الإنجاز الذي يتمتع به قطاع المقاولات في الجيش المصري، ولولا هذا الحزم الذي يتصف به المسؤولون عن هذا القطاع لما تمكنت الحكومة المصرية من إنجاز هذه المشاريع في هذا الوقت القصير.
وفي تصريح آخر للأستاذ خالد الشافعي للأهرام الاقتصادي شرح كيف كان الوضع الاقتصادي في مصر بداية حكم الرئيس عبدالفتاح السياسي.. مهترئًا حيث وصل إنتاج مصر الاقتصادي إلى 3.7% لكنه وصل اليوم إلى 5.6% ويعود ذلك في المقام الأول إلى كل هذه المشاريع الضخمة التي ذكرتها واستمرار ذلك النشاط الاقتصادي للقطاعات المختلفة في مصر بصورة جيدة.. منذ بدء الاصلاح وتوفير العملة الصعبة بصورة منتظمة إلى جانب بعض الإصلاحات الهيكلية لمواجهة الترهل والفساد والبيروقراطية في جهاز الدولة الاقتصادي.
ولا يقتصر التقدم العمراني على الشوارع وإنما رأيته متمثلاً في إنشاء المتحف المصري الضخم الذي لم يتم افتتاحه بعد ويضم ثلثي آثار العالم منذ الحقبة الفرعونية حتى اليوم.. ويقع بالقرب من الاهرام الثلاثة.
وقد تم افتتاح متحف الفسطاط الذي انبهرت عند زيارته بالمستوى التكنولوجي المتقدم الذي اعتمده المسؤولون عن هذا المتحف.. في عرض آثاره، وخصوصًا القسم الذي عرض فيه مومياءات ملوك الفراعنة.
كما وجدت العديد من المشاريع التي تشجع السياحة في منطقة الشيخ زايد ومنطقة 6 أكتوبر حيث أسكن.. منها إنشاء المطاعم التي ازدحمت بها المنطقة وأدت إلى تناقص الأرض الزراعية.. كما ارتفعت أسعار هذه المحلات أضعاف ما كانت عليه، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المأكولات بها.. لكنني أصبت بالدهشة أني لم أجد موقفا للسيارات وكان على هذا الجهاز أن يقوم بتوفيره لهذه المقاهي.. لذلك انقلب الهدوء الذي تتمتع به المنطقة الهادئة التي أعيش فيها إلى ازدحام للسيارات وفوضى مرورية لزوار هذه المقاهي.
وكانت هذه المنطقة قد خصصت للشباب الراغب في الأعمال الحرة في مجال المطاعم الصغيرة.. لكن الخطة تغيرت حسبما علمت نظرًا لأهمية الموقع المطل على الشارع الرئيسي، وأصابني هذا التغيير بخيبة أمل.. إذ كيف يمكن للشباب النجاح في مشاريعهم الصغيرة إذا لم تكن تطل على الشوارع لكي ينتبه إليها الناس لشراء احتياجاتهم أو تناول الطعام في مطاعمهم الصغيرة.
كما أن من المؤسف أن حكومات معظم الدول العربية لا تلتزم بنهج ملزم لتخطيط المنطقة لأصحاب المشاريع.. ما يؤدي إلى فوضى وازدحام مروري مرهق لأعصاب الناس التي اختارت أن تقيم في تلك المناطق.
الدول المتقدمة تلتزم دائما بقوانين لا يستطيع أحد أن يتجاوزها مهما علا شأنه، لكني لم أجد هذا الالتزام في بعض الدول العربية.. ربما بسبب الثورات التي توالت عليها فتراكمت الأخطاء وعمت الفوضى في المناطق السكنية التي أصبحت ترهق سكان هذه المناطق.
إن أكثر سكان منطقة 6 أكتوبر والشيخ زايد اختاروا هذه المناطق لوجود التنظيم والهدوء بها.. فكيف انقلبت هاتان المنطقتان إلى هذا الضجيج وبدأت المباني تقلص الأراضي الزراعية الجميلة حول المباني التجارية الحديثة.
وأخيرًا.. لا بد أن أشيد هنا بتجديد المباني القديمة وسط القاهرة المعروفة ببنائها الجميل الذي تآكل كثيرًا بسبب الإهمال في السنوات السابقة حيث بدت جميلة مثلما تمنيتها دائما مع شوارع مرصوفة حديثًا.. ويتوج ذلك الجهد الذي قامت به الحكومة المصرية لتجميل وتنسيق ميدان التحرير وتوزيع أشجار الورود المتناثرة وسط هذه المساحة الواسعة التي تم عمل موقف سيارات ضخم بها ساعد على تنظيم السيارات الواقفة في تلك المنطقة التاريخية.