لن أتحدث اليوم بشكل إنشائي أو مثالي، وإنما رغبتي الكبيرة أن أصل إلى قلب كل قارئ لكلماتي وأرى فيه رائداً لمستقبل مشرق، سؤالي الذي أطرحه: أين تجد نفسك اليوم … ؟ وأين تريدها أن تكون … ؟ … تساؤل مشروع لكل شخص يرى في نفسه مشروعاً ناجحاً في الحياة .
هذا التساؤل يأخذنا إلى أهمية الطموح وأثره على شخصية الإنسان وتحقيق ذاته، كون الطموح لا يقف بالإنسان عند حد معين؛ بل يصل به لأفضل النتائج المتوقعة وغير المتوقعة الممكنة، فشتان ما بين شخص طموحٍ يستشرف المستقبل وينظر إلى تحقيق هدف سامٍ في الحياة، ويأمل الوصول إليه، وشخص لا طموح له ولا غاية، فالأول يصل إلى ما تمناه وأكثر، وأما الآخر فلا هدف حدد، ولا سعى ولا وصل…، وهنا استبان الفرق بين الطموح من عدمه.
وأرى أنك تشاركني الرأي بأن القناعة هنالا تتعارض مع الطموح إذا كانت تحدُّ من الجدِّ والسعي والمثابرة، كوننا نجد أناساً محبَطين يؤكدون على أهمية القناعة تبريراً لتقاعسهم، فإذا كان الطموح هو الرغبة والحافز والدافع لدى الإنسان لتحقيق ما يصبو إليه بعزيمة وإصرار، فإن القناعة هنا هي الرضا بما تحقق.
والطموح يتفاوت بين الناس من شخص لآخر، ومن زمن لآخر، وقد قيل :
وإذا كانت النفوس كِباراً تعبتْ في مُرادِها الأجسامُ .
فالطموح هو دليلٌ على علو الهمة، والثقة بالنفس، وثبات العزيمة وطلب المعالي من الأمور، والارتفاع والنظر للأعلى لتحقيق الهدف، فلا يمنع الشخص منا بطموحه أن يسعى للمراتب العليا في شتى الأصعدة، فيستسهل الصعاب ويزيل العثرات، ولا يرضى بالقليل، كونها هي غاية الإنسان ومبتغاه في دينه ودنياه، بل هي الحقيقة التي أمر الله الإنسان بالسعي إليها، والبذل للوصول لمرضاة الله بالعمل والبصمة الواضحة في هذه الحياة، وطريق الألف ميل يبدأ بخطوة، فمن لا هدف له ولا غاية يسعى إليها؛ فإنه يتخبط في هذه الحياة على غير هدى، ولا قيمة له في مجتمعه، والإنسان بلا طموح وهدف؛ كالسفينة بلا شراعٍ تأخذها الرياح يمنة ويُسرة، وتتلاعب بها الأمواج، فما أجمل الحياة، وما أجملها مع الطموح والأمل بمستقبل مشرق، في وطن يقدِّر للإنسان تميزه وجهده وعطاءَه، فالوطن ينتظر منا الكثير لبناء مستقبل زاخر بالإنجازات والأمن والأمان والازدهار لنا وللإنسانية جمعاء، ويرى فينا المستقبل بعين الحاضر المتألق،فطموحاتنا تحدد طريق مستقبلنا وتحقق السعادة للأجيال القادمة.