آخبار عاجل

الطاقة ونفق أوكرانيا .. بقلم د: محمد مصطفى الخياط

18 - 03 - 2022 10:26 401

اختلطت الأوراق. وسواء أكان عملاً مقصودًا مُرتبًا له منذ زمن بعيد أم دُفعَ إليه دَفعًا، فقد انتهى الأمر ودخل الدب الروسي محل الخزف الأوكراني ترافق خطواته الثقيلة الموت والدمار. على الجانب الآخر، شحذت أمريكا وأوروبا أدواتهما الإعلامية والاقتصادية.

تدرك أمريكا والغرب أن إطلاقهما رصاصة واحدة تنقل الصراع إلى مستوى يفوق نظيريه في الحربين العالميتين السابقتين، ويحقق نبوءة آينشتاين بأن الحرب العالمية الرابعة ستكون بالعصي والحجارة؛ إذ تفني الحضارات. وعليه تدرك روسيا محدودية ردود فعل الغرب في عدة محاور؛ تزويد أوكرانيا المحطمة الأضلاع بالسلاح، إطلاق العنان للآلة الإعلامية لتشويه صورة كل ما هو روسي، (شيطنة روسيا)، فرض عقوبات اقتصادية عليها. 

ربما أخرت إمدادات العتاد العسكري تقدم القوات الروسية المنطلقة في شكل قوس لإحكام الحصار حول العاصمة كييف، إما للإمساك بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أو قتله، ظَنًا أن ذلك يُنهي الحرب. (كِش ملك)، اتباعًا لمنهج أسطورة الشطرنج جارى كاسباروف.

تحول تطبيق (الرغي) الاجتماعي، فيسبوك، إلى منصة سياسية تصب جام غضبها على بوتين، مما جعله في المقابل يهدد بوقف تطبيق أنستجرام، وترحيبه بمشاركة متطوعين إلى جانب قواته أسوة بما فعلته أمريكا معه في أفغانستان فتأسس تنظيم القاعدة. الإعلام آخر ما يفكر فيه سيد الكرملين الآن، الأهم لديه تغيير قواعد اللعب، وإعادة رسم خارطة القوى العالمية. لن يتوقف ما يحدث في أوكرانيا عند حدودها بل سيتجاوزها إلى الفضاء العالمي بقواته الخشنة منها والناعمة.

عالميًا، أثبتت العقوبات الاقتصادية فشلها في عراق صدام، وسوريا الأسد، وإيران آيات الله، ويمن الحوثيين، فمن جهة حولتها النظم الحاكمة إلى ذريعة للسيطرة والبقاء، ومن جهة أخرى منحتهم أسبابًا لتصوير الغرب كشيطان يحول الدواء والطعام إلى سلاح يهدد به الشعوب لتحقيق مآربه بغض النظر عن عدد الضحايا من المرضى والفقراء والمشردين. والغربُ واهمًا يظن أن مثل هذه الإجراءات قد تدفع الشعوب للثورة.

أمثال هذه القرارات يؤلم ولا يميت. تمتلك موسكو 17% و 12%، من إمدادات الغاز الطبيعي والنفط العالميين، على الترتيب. ويستورد الاتحاد الأوربي نحو 40% من احتياجات الطاقة من روسيا بقيمة 64 مليار دولار سنويًا. من ثم، فسر البعض تصريح المستشار الألماني شولتز وقف واردات الفحم الروسي بحلول الخريف، والنفط بنهاية العام، أنه عزفٌ على وتر الزمن. الفطامُ ليس سهلاً. وكذلك فعل بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، الذي أنقذته الحرب، ولو إلى حين، من حصار استجوابات أعضاء مجلس العموم البريطاني عن مخالفته وطاقم مكتبه الإجراءات الاحترازية التي اعلنتها حكومته لمجابهة فيروس كورونا.

تحديات عدة تنتظر الطاقة، كانت قطر قد أعلنت صعوبة تعويض احتياجات الأسواق حال انخفاض الإمدادات الروسية، أضف إلى ذلك حساسية السوق جراء انخفاض الإمدادات الإيرانية تنفيذًا للعقوبات الاقتصادية، أيضًا تهديد طائرات الدرون الحوثية حقول بترول ومصافي التكرير في الخليج، يرفع كل ذلك مستوي هشاشة أسواق الطاقة العالمية، ويزيد تعقيدها عدم تورع أي طرف عن استخدام ذخيرته الاستراتيجية.

يعيدنا المشهد إلى حرب أكتوبر 1973، حين خفضت الدول العربية نسبة من إنتاجها النفطي مساندة لمصر، فارتفعت الأسعار من 3 دولار للبرميل إلى 12 دولار. جراء ذلك اُنشات الوكالة الدولية للطاقة في محاولة لإيجاد منظور عام للأسواق إلى جانب جدية التوجه نحو الطاقة المتجددة. تكرار نفس السيناريو حاليًا كفيل برفع أسعار النفط بين 300 – 400 دولار للبرميل، وهو ما يعني دخول العالم في نفق لا يعرف أحد نهايته.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved