
حسنًا إن مؤسساتنا الوطنية، الوزارات الحكومية والمؤسسات التجارية والاقتصادية والرياضية والشبابية تقوم بتنظيم حفلات رمضانية وهو ما نطلق عليه في مجتمعنا «الغبقة الرمضانية» متوجًا ذلك بما يقوم به الديوان الملكي باستقبال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه المهنئين من أبناء المحافظات بحلول شهر رمضان المبارك في قصر جلالته بالصخير، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر حفظه الله وأنجال جلالته والوزراء، والمستشارين ويشمل ذلك المحافظين وأبناء المحافظات بمختلف تخصصاتهم ووظائفهم من الرجال والنساء، ويتفضل جلالته بإلقاء كلمة سامية يؤكد فيها على اللحمة الوطنية والتكاتف والتعاضد، والتأكيد على مسيرة الوطن التي تؤكدها وترسيها جهود أبنائه والتفافهم حول قيادتهم للسير بالوطن إلى مراقي التقدم والنماء والبناء يعقب ذلك كلمة أو قصيدة من أبناء المحافظات يؤكدون على التكاتف وغرس قيم الوفاء والولاء، وهذا يجسد لقاء الوالد بأبنائه والقائد بجموع شعبه في مناسبة هي من أعز المناسبات الدينية والروحية.
ستظل هذه القيم أصيلة في مجتمعنا والمناسبات التي يقدرها ويجلها ولاة الأمر في بلادنا تؤكد أهميتها والتمسك بها لما لها من مردود على مسيرة الوطن المباركة عبر أجيال وحقب تاريخية مشهودة.
وأقامت هذا العام وزارة الخارجية البحرينية غبقة رمضانية بدعوة من سعادة الوزير الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني وزير الخارجية وكانت بمثابة إطلالة على تاريخ الدبلوماسية البحرينية منذ نشأتها على يد باني صرحها سمو الشيخ محمد بن مبارك آل خليفة نائب رئيس مجلس الوزراء عميد الدبلوماسية البحرينية، وتواصلت جهود معالي الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وزير الخارجية السابق ومستشار جلالة الملك للشؤون الدبلوماسية وهو حفل ضم جميع من عمل في وزارة الخارجية على مختلف رتبهم الدبلوماسية والإدارية، حيث ألقى سعادة الوزير كلمة قال فيها: «يشرفني بداية أن أرفع أسمى آيات الشكر والعرفان إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، على ما تحظى به وزارة الخارجية من دعم ورعاية ومساندة دائمة لتنفيذ السياسة الخارجية لمملكة البحرين التي تمضي نحو أهدافها السامية بحكمة جلالته المعهودة ورؤيته الثاقبة، حتى أصبحت البحرين في هذا العهد الزاهر منارة حضارية بارزة واحتلت مكانة رفيعة على الساحة الدولية بجهودها وحضورها البناء والفاعل في كافة المحافل الإقليمية والعالمية».
وكان الحفل شاملاً المتقاعدين من دبلوماسيين وإداريين تقديرًا للجهود المخلصة التي قاموا بها خلال عملهم في وزارة الخارجية وتمثيل مملكة البحرين في الخارج والداخل بأفضل أداء وأكمله.
ومن خلال كلمته أشار سعادة وزير الخارجية إلى «أن وزارة الخارجية وهي تستذكر بكل فخر واعتزاز جهود المتقاعدين من منسوبيها من دبلوماسيين وإداريين قد قررت تأسيس مكتب خاص في الوزارة يتولى مهمة رعاية شؤون المتقاعدين وتلبية احتياجاتهم وتسهيل الخدمات التي يحتاجون لها في الداخل والخارج، كما ستطلق الوزارة تطبيقًا إلكترونيًا للتواصل مع المتقاعدين واطلاعهم على أنشطة وفعاليات الوزارة وخططها التطويرية وأخبارها الإعلامية وتلقي آرائهم ومقترحاتهم أيضًا ونتطلع أن يكون همزة وصل فاعلة ومفيدة لعملنا الدبلوماسي». وقد لاقت هذه المبادرة من وزير الخارجية قبولاً طيبًا لدى نفوس المتقاعدين، وموظفي الوزارة.
لا شك، إن العمل الوطني عطاء يتجدد والمناسبات التي يتم تذكرها وإحياؤها تدل على مواصلة من يحتفلون بها على العمل الدؤوب لما يخدم مسيرة الوطن في مختلف المجالات، وتجمع الناس على فكرة واحدة وتذكر مناقب الآخرين تزرع الأمل في مواصلة العطاء الإنساني لعمل كل ما يدفع بالمؤسسات والعاملين فيها إلى مزيد من العطاء والتألق الأدائي والوظيفي، والتواصل بين الناس.
نعم فارقنا الكثير وظلت مناقبهم يرحمهم الله خالدة على مر الزمان، يستذكرها كل من صادف موقفًا يحتاج فيه إلى من يمد يد العون له، ويساعده على بلوغ أهدافه.
فمهما طال بالمرء المدى فهو يحتاج إلى أهله وإخوانه وأصدقائه وزملاء الدراسة ورفقاء الحي «الفريج» وكل من بيده أو فكره ما يستطيع أن يقدمه للآخرين.
يشعر المرء بأن هذه المناسبات التي نحتفل بها تزيد من مجتمعنا ألفة ومحبة، وتغرس في أجيالنا الحاضرة والمستقبلية قيم من التسامح والألفة والمودة، ونحتاج نحن كآباء أن نؤكد في كل خطواتنا العملية أهمية ذلك والتركيز عليه، بحيث لا تفوت علينا سانحة إلا اقتنصناها وأكدنا عليها فنحن أمة نملك من القيم والعادات والتقاليد ما يجب أن نحافظ عليه ونغرسه ونؤصله وأن يكون نبراسًا لكل أعمالنا وخطواتنا، فالتحديات جسام والعوائق تملأ الطرق، ولكن إرادة الإنسان في التغيير لا تقف عندها حدود.
نحمد الله أن في مجتمعنا من يقدر هذه القيم ويحرص عليها ويؤصلها ويطورها لما يعود علينا جميعًا بالخير.