آخبار عاجل

د. حنان ملكاوي بروفيسور العلوم الحياتية في جامعة اليرموك تكريم جلالة الملك عبدالله ومنحى وسام التميز فخر لى وشرف أعتز به ما حييت

06 - 08 - 2022 8:28 270

مع بدايات القرن العشرين نجحت المرأة العربية في كسر حاجز الانعزال عن المجنمع وبدأت تمارس دورها الطبيعي في المشاركة في مجالات الحياة العامة كافة ومن بينها المجالات العلمية ، وخلال تلك الفترة برزت أسماء مضيئة في سماء إبداع المرأة العربية تفوقت في مجالها على أقرانها من الرجال، وتجاوزت في تفوقها حدود الإقليمية لتنطلق بقوة نحو العالمية..

 

 

 فأصبح من المألوف أن نرى ونسمع من وقت لأخر إسم لنابغة عربية يحتفي بها العالم لمساهمتها المتميزة في خدمة العلم وإضافة رصيد جديد لمشاركة العقول العربية في صياغة الحضارة الإنسانية .
من تلك الأسماء المتميزة يبرز إسم لدكتورة حنان عيسى ملكاوي بروفيسور العلوم الحياتية في جامعة اليرموك التي بدأت مسيرتها العلمية بالحصول على درجة البكالوريوس في العلوم الحياتية من جامعة اليرموك ورشحها تميزها العلمي للالتحاق ببعثة للحصول على الماجيستير في علم الجراثيم والصحة العامة ثم درجة الدكتوراة في الكائنات الحية الدقيقة والبيولوجيا الجزئية من جامعة ولاية واشنطن.

 

 

نشرت الدكتورة حنان ملكاوي أكثر من 70 بحث في مجلات عالمية مرموقة ولها عدد من براءات الاختراع حصلت بها على مجموعة متميزة من الجوائز والمنح والتكريمات العالمية منها جائزة القيادة الأسيوية في التعليم ، كما توجت مسيرتها العلمية بالحصول على وسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الثانية تقديرا لدورها الكبير ومساهمتها في مجالات التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو وتطبيقاتها في الطب والزراعة والغذاء والبيئة وذلك في حفل عيد الاستقلال السادس والسبعين للمملكة الأردنية
في حوارها معنا تستعرض الدكتورة ملكاوي أهم المحطات الإنسانية والعلمية في حياتها ومسيرتها المهنية وكيف تجاوزت العقبات والعراقيل التي صادفتها حتى حققت حلمها لتفتح باب الأمل أمام عقول فتيات عالمنا العربي للاستمرار في الاجتهاد والمثابرة من أجل  إثبات جدارة المرأة العربيية في  حمل شعلة العلم والتنوير.

 

س1: البروفيسورة  والعالمة الجليلة حنان عيسى ملكاوى حدثينا عن تجربتك العلمية والانسانية لعلها تكون نبراسا  يضيء للاجيال  القادمة ؟
ج1: أنا من مواليد مدينة إربد التي تقع شمال المملكة الأردنية الهاشمية. حاليا  أعمل بروفيسور في قسم العلوم الحياتية- جامعة اليرموك. الأردن
حصلت على درجة البكالوريوس في العلوم الحياتية من جامعة اليرموك، ولتميزي العلمي وحصولي على المرتبة الأولى في جميع التخصصات على مستوى درجة البكالوريوس في جامعة اليرموك، تم منحي بعثة دراسية للحصول على درجة الماجستير في علم الجراثيم والصحة العامة، ودرجة الدكتوراة في الكائنات الحية الدقيقة والبيولوجيا الجزيئية، كليهما من جامعة ولاية واشنطن/ الولايات المتحدة الأمريكية. 

وفي الحقيقة كانت ميولي منذ صغري أن أذهب لمجال الطب، ولكن عندما أنهيت مرحلة الثانوية العامة وكنت متفوقة والحمد الله حصلت على بعثة علمية من وزارة التربية والتعليم الأردنية لدراسة إما تخصص الطب أو الصيدلة خارج الأردن، أو العلوم الحياتية في جامعة اليرموك في الأردن. ففضلت أن أدرس في تخصص قريب من الطب وهو العلوم الحياتية في جامعة اليرموك في الأردن والتي تقع في نفس المدينة التي يسكن بها أهلي لأبقى قريبة منهم ولكوني في ذاك الوقت كنت صغيرة لم اتجاوز الثامنة عشر من العمر.
وأذكر حينها أنني وعدت الوالد والوالدة، رحمهم الله، بأنني سأبذل جهدي وأثابر في هذه التخصص وأحصل على المرتبة الأولى وأكمل مباشرة دراساتي العليا الماجستير والدكتوراة في تخصصات العلوم الحياتية في أحد الجامعات المرموقة العالمية. وفعلا هذا الذي حصل.
لي إنجازات بحثية مميزة في مجالات علم الكائنات الحية الدقيقة، والتكنولوجية الحيوية، وتكنولوجيا النانو وتطبيقاتها في الطب والبيئة والزراعة والغذاء والصناعة. وادير وأشارك في العديد من المشاريع  البحثية والمبادرات في التعليم والتعليم العالي على المستويين الوطني والدولي. كما أشرفت على العديد من رسائل الماجستير وأطروحات الدكتوراه للطلبة على المستوى المحلي والإقليمي. 
 لي ما يزيد عن 75 بحث منشور في مجلات عالمية مرموقة. وعدد من براءات الاختراع. وشاركت كمتحدث  رئيسي في العديد من المؤتمرات والندوات على المستوى المحلي والدولي. وحصلت على عدد من الجوائز والمنح. وشاركت في عضوية عدة لجان ومنظمات دولية وإقليمية ووطنية، منها: عضو في اللجنة الإدارية العليا ورئيس اللجنة الأكاديمية لصندوق دعم البحث العلمي والابتكار التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الأردن، وعضو في مجلس أمناء الجامعة الألمانية- الأردنية، وعضو في مجلس أمناء جامعة آل البيت، ومستشار دولي في معهد إعتماد الشهادات العالمي (ًWCI) الأمريكي، وخبير للإتحاد الأوروبي في مجال التعليم العالي، عضو في مجلس الإدارة للمؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، وعضو في مجلس الأكاديمية الأوروبية للتكنولوجيا الحيوية البيئية (EFB)، وعضو هيئة تحرير في المجلة الأردنية للعلوم الحياتية، وعضو في "لجنة الثقافة العلمية والابتكار لاحتفالية مدينة إربد عاصمة الثقافة العربية 2022"، وغيرها من اللجان والمؤسسات وغيرها.
وكان لي الفخر والشرف أن أنعم علي، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين بوسام الملك عبد الله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الثانية تقديرا لدوري واسهاماتي في مجالات التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو وتطبيقاتها في الطب والبيئة والزراعة والغذاء والصناعة ، وذلك خلال حفل عيد الاستقلال السادس والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية (25 مايو 2022).
لقد شغلت عدة مناصب إدارية منها: نائب رئيس لشؤون البحث العلمي والعلاقات الدولية في جامعة اليرموك، ونائب رئيس للتواصل العلمي في الجمعية العلمية الملكية، وعميد البحث العلمي والدراسات العليا، ونائب ومساعد عميد كلية العلوم، ومدير كرسي اليونسكو للدراسات الصحراوية والحد من التصحر، ومدير مجلس إدارة المشاريع الخارجية، وعميد البحث العلمي ودراسات الدكتوراة في جامعة حمدان بن محمد الذكية في الإمارات العربية المتحدة.


س2: رفعتى إسم بلادك  عالميا لتكون الأردن الأولى عربيا بإرسال كائنات حية دقيقة للفضاء الخارجى حدثينا عن هذا الحدث المهم؟
ج2:  في هذه الدراسة البحثية، فقد قمت أنا وفريقي البحثي بتحضير وتحميل بعض العينات من الكائنات الحية الدقيقة (سلالات بكتيرية غير ممرضة للإنسان) مُعرفة تعريفا علميا ومعلومة التسلسل الجينومDNA، في المختبرات البحثية في قسم العلوم الحياتية التابع ‏لجامعة اليرموك، بإشرافي كمديرة للمشروع وبالتعاون مع مؤسسة "كيه إس إف"  للفضاء،  تم في إبريل الماضي من هذا العام تعريض هذه الأنواع البكتيرية ومنظوماتها الجينية في بيئة خاضعة للرقابة داخل كبسولة فضائية (من خلال مؤسسة "كيه إس إف" للفضاء KSF Space Foundation). وتتصف هذه الكبسولة الفضائية بأنها وحدة مضغوطة مجهزة بأنظمة دعم الحياة، حيث يتم حماية الكائنات الحية الدقيقة من معظم الظروف القاسية التي من الممكن أن تتعرض لها في الفضاء باستثناء "الجاذبية الصغرى" (Microgravity)، وبالتالي فإن التغيرات التي قد تحدث في فيسيولوجيا الميكروبات على المستويات الخلوية أو الجينية تُعزى في الغالب لتأثير الجاذبية الصغرى.
تم إطلاق هذه الكبسولة الفضائية -التي حملت ونقلت عينات البكتيريا والمادة الوراثية المعزولة من هذه العينات- من المملكة المتحدة إلى الفضاء الخارجي، حيث وصلت إلى ارتفاع وصل إلى 33 كيلومترا فوق مستوى سطح البحر ما بعد الغلاف الجوي وأول طبقة في المدار الفضائي المنخفض، ما يسمى بطبقة الستراتوسفير. Stratosphere وبعدها عادت الكبسولة الفضائية إلى الأرض بعد يوم من إطلاقها، وقمنا مباشرة بدراسة وتحليل هذه العينات البيولوجية من خلايا بكتيرية ومنظوماتها الجينية في المختبر ات البحثية في جامعة اليرموك.
وقد حصلنا على نتائج أولية مدهشة تشير إلى قدرة الخلايا الميكروبية على تحمل بيئة الفضاء وقدرتها على العيش والنمو بعد تعرضها لتلك البيئة القاسية. وما زال مزيد من الدراسة البحثية والتحليلات التفصيلية جار حاليا في مختبراتنا البحثية لسلوك هذه الخلايا البكتيرية التي تعرضت لظروف انعدام الجاذبية في الفضاء الخارجي والطفرات الجينية التي قد تكون حصلت على منظومتها الجينية. وطبعا نحن نسعى حاليا لتوثيق ونشر جميع النتائج البحثية في دورية علمية عالمية بعد الانتهاء من الدراسة التفصيلية وتحليل نتائج المشروع البحثي.
نتائج وأهمية هذا المشروع البحثي:
من الجدير بالذكر أننا جميعا دائمًا ما توجد في أجسامنا أعدادٌ ضخمة من الميكروبات من بكتيريا وفيروسات تعرف بمصطلح " الميكروبيوم البشري" قد يصل عددها إلى 100 تريليون، منها ما يعيش على أجسامنا وفي داخلها يفوق عدد خلايانا البشرية. وفي الواقع، فإنَّ معظم تلك الميكروبات ضروريٌّ لنا. وبالتالي ستكون هذه الميكروبات مكونا لا مفر منه في مهمات الفضاء، وذلك غالبا لأنها تتنقل إما مرتبطة بتكنولوجيا الفضاء، مثل سفن ومحطات الفضاء أو البزات الفضائية لرواد الفضاء، أو بالمواد العضوية المنقولة، وحتى داخل أجسام رواد الفضاء
ومن المتوقع أن تساعد نتائج هذا البحث في فهم كيفية تأثير القوى الفيزيائية على الكائنات الحية الدقيقة على المستوى الخلوي والجزيئي والتطوري، وتفسير كيفية بقاء هذه الكائنات التي تعيش في تلك الظروف على قيد الحياة التي يمكن تحويلها إلى دراسات مستقبلية للكائنات الأخرى من إنسان ونبات وحيوان.
"وسيساعد فهم طريقة تكيف هذه الميكروبات مع ظروف الفضاء، في تطوير إستراتيجيات للتخفيف من المخاطر التي تشكلها الميكروبات المسببة للأمراض على صحة أفراد الطاقم كنقص المناعة وغيرها من المشاكل الصحية.
 وكذلك من التطبيقات المهمة لنتائج هذه الدراسة، أن فهم كيفية تغيير ظروف الفضاء للعمليات الفيزيولوجية الميكروبية، ستوفر لنا معلومات حول كيفية تحوير هذه الميكروبات وراثيا لتحقيق الكفاءة في إنتاج المركبات الهامة المفيدة".
و هذا يقودنا لإجراء مزيد من البحوث العلمية للإجابة على كثير من التساؤلات: هل هناك إمكانية حياة للإنسان والحيوان والنبات في الفضاء الخارجي؟ هل هناك إمكانية لتكيف الكائنات الحية مع ظروف الفضاء القاسية وخاصة في ظل انعدام الجاذبية؟، وهل تصبح الميكروبات أكثر ضراوة ومسببة للأمراض خلال عملية التكيف تلك؟ وهل هناك فوائد مهمة للبشرية لمثل هذه الكائنات المتكيفة أو المتحورة وراثيا أو منتجاتها؟

 

س3: أنعم عليك جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الثانية  تقديرا لدورك الكبير وإسهاماتك  في مجالات التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو وتطبيقاتها في الطب والبيئة والزراعة والغذاء والصناعة، ما شعورك عن اعلان تكريم جلالة الملك عبد الثانى وتقديره لمشوارك العلميى المشرف؟
ج3: كل الشكر والتقدير والامتنان إلى مقام سيدي جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظة الله وأطال في عمره وادام عليه الصحة والعافية، لتكريمي ومنحي وسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز من الدرجة الثانية ...هذا التكريم هو فخر لي اعتز به ما حييت وان هذه الثقة الملكية الغالية تمنحني المزيد من الحرص على اداء رسالتي وشعوري بالمسؤولية. وهذا يؤكد مدى الاهتمام الذي توليه القيادة الهاشمية بالعلم والعلماء من أبناء الوطن، وحرصه جلالته ومتابعته الدؤوبة لهم في كافة المجالات وتكريمه لهم على انجازاتهم وخاصة في مجال التعليم والبحث العلمي. وهذا الوسام ليس لي وحدي وإنما  هو تكريم للمرأة الأردنية وللعلماء والأكاديمين والطلبة جميعا الذين اعتز بهم كفريق بحثي متميز.
إن "تكريم سيد البلاد  لي يعد تكريما ومفخرة لجامعتي الغراء أيضا "جامعة اليرموك" وأنا ابنة هذه الجامعة، كأسرة واحدة متعاونة ومتفانية في رقي وخدمة الوطن والوفاء له ومؤسساته، فخدمة الوطن واجب علينا جميعا لقاء ما منحنا اياه هذا الوطن الحبيب.
وأثمن جهود إدارة الجامعة التي لم تألُ جهدا في دعم الأكاديميين والباحثين والطلبة وتحفيزهم للنهل من مختلف حقول المعرفة، فلولا دعم إدارات الجامعة المتعاقبة التي كانت على الدوام بمثابة الحضن الدافئ، وزملائي من كلية العلوم  وعمادة البحث العلمي والكليات الأخرى ما استطعت الوصول إلى هذا الإنجاز، فالتميز والإبداع ليس للشخص المعني فقط، وإنما للمؤسسة التي ينتمي إليها.
إن هذا التكريم من جلالة الملك.. هو بالحق ترجمة لرؤية جلالته بتحفيز العلماء نحو مزيد من العمل وإجراء البحوث لتطوير المعرفة في مختلف المجالات بما يحقق التنمية المستدامة والتقدم والاستقرار . ويساهم العلم سواء في التعليم أو البحث العلمي، في إيجاد الحلول لكثير من التحديات والمعضلات التي تواجه الوطن في كافة المجالات : من الصحة والزراعة والأمن الغذائي والمائي والبيئة والصناعة والاقتصاد، ومشكلة البطالة في تدريب وتأهيل الكوادر البشرية وإيجاد فرص عمل.

 


س4: من بين كل الابحاث والاختراعات التى طرحتينها ما الذى يثير اهتمامك حاليا ؟
ج4: لدي عدة أبحاث علمية في مجالات في التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو  أهمها:
-    عزل ودراسة الكائنات الحية الدقيقة ومنظوماتها الوراثية التي تستطيع التكيف مع الظروف البيئية القاسية أو الطاردة (التي لا يستطيع أي كائن أخر العيش فيها) ومقدرتها على تحمل هذه الظروف والعيش في هذه والتطبيقات المهمة في خدمة البشرية في كافة المجالات.
- التخلص من الملوثات والمخلفات البيئية باستخدام طرق بيولوجية حديثة وآمنة في التقنية الحيوية والنانوية.
- استخدام تقنية النانوتكنولوجي في الحفاظ على نوعية المياه وحمايتها من التلوث، والكشف المبكر عن الأورام السرطانية ومحاولة الحد من انتشارها، وتحضير منتوجات طبية لحماية البشرة والوقاية من إصابتها بالجراثيم.
- ربط الأكاديمية بالصناعة، والإصلاح في التعليم العالي.
-  التواصل العلمي الفعال، والعلم والمجتمع، ودبلوماسية العلوم.
ولكن ما يثير اهتماماتي دائما هي أبحاثي التي تتضمن:
دراسة كيفية  تكيف الكائنات الحية الدقيقة ونموها  في البيئات القاسية مثل الينابيع الحارة جدا، أو المناطق ذات البرودة الشديدة، أو المناطق الجافة الصحراوية،  أو البيئات المالحة، أو البيئات ذات الضغط العالي أو المنخض، أو البيئات الحامضية أو القلوية، أو البيئات الملوثة بالمواد المختلفة والإشعاعات. وبيئة الفضاء الخارجي حيث انعدام الجاذبية والعوامل الأخرى الطاردة للحياة. ومن ثم  كيفية استخدام هذه الكائنات ومنتجاتها في التطبيقات المهمة وتسخيرها لخدمة البشرية في كافة المجالات والتي تشمل الزراعة والأمن الغذائي والمائي، والصحة، والصناعة، والطب، والطاقة. 

س5: ما هى أبرز التحديات  التي تواجه المرأة في مجال البحث العلمي؟ ومن وجه نظرك هل استطاعت المرأة العربية أن تثبت نفسها فى مجال البحث العلمى ؟
ج5: هناك عدة تحديات تواجه المرأة في مجال البحث العلمي وهي متشابهة في معظم الدول العربية منها:
•    عدم تشجيع ضمان وصول المرأة على قدم المساواة إلى الموارد والتعليم، والخدمات المالية، كدعم لأنشطتهم في مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار.
•    ضعف توفير التمويل للمبدعات ورائدات الأعمال، في المشاريع البحثية الناشئة في مراحلها الأولى لتسريع الابتكار من البحوث الأساسية إلى التطبيقية إلى التسويق التجاري.
•    ضعف تعزيز ودعم المرأة بالمشاركة في صنع القرار فيما يتعلق بسياسات البحث العلمي.
•    البطالة والركود الوظيفي وهيمنة الرجال على فرص العمل والواسطة والمحسوبية.
•    عدم تقديم الدعم للنماذج النسائية الناجحة في مجالات البحث العلمي.
•    لا يتمتعن النساء بالقدر الكافي بخدمات الإرشاد والتدريب والتطوير والوصول إلى أحدث التقنيات الحديثة من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وخاصة التي تتعلق بالتحول الرقمي لتعزيز البحوث والابتكار.
•    الافتقار إلى شبكات ملائمة للتعاون وتبادل المعرف بين العالمات والباحثات العربيات.

ولكن بالرغم من هذه التحديات أود أن أنوه أن المرأة لعبت دورًا محوريًا في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة وأثبتت من خلال هذا الدور قدرتها على التغيير الإيجابي في تلك المجتمعات من خلال القيام بأدوارها المختلفة في المجتمع.
فهي تشغل دور أساسي في بناء أسرتها ورعايتها لهم، من خلال ما يقع على عاتقها كأم من مسؤولية تربية الأجيال، وكذلك وبناءً على مؤهلاتها العلمية والثقافية والاجتماعية تنوعت أدوارها في المُجتمع على مُختلف الأصعدة، فهي المعلمة والعالمة والطبيبة والممرضة والمهندسة والمزارعة والعمل التطوعي....
أضف إلى ذلك فأن المرأة العربية لديها معظم الإمكانيات الطبيعية والكفاءات التي تمكنها من إعداد وإجراء المشاريع البحثية بنجاح. فمنذ عصر الإسلام تم منح المرأة مناصب ثقة ومسؤولية القيادة والتعليم، وحرر الإسلام المرأة من الجهل والتمييز وخاصة في العصور الذهبية في الحضارة الإسلامية.
ولعل أفضل مثال فريد من نوعه على دور المرأة في العلم والبحث العلمي أن فاطمة بنت محمد الفهرية أسست أول وأقدم جامعة في تاريخ العالم وهي جامعة القرويين، في القرن التاسع (عام 859) في مدينة فاس في المغرب.
وهناك قصص نجاح كثيرة للمرأة العربية في مجال البحث العلمي، وتشير الدراسات إن تحقيق الإنجازات العلمية يرتبط بوجود عدد من الباحثات النساء في فرق العمل مما يدعم الإبداع والتفكير الابتكاري. ولا تتميز النساء بقدرتهن على الإبداع فقط بل يتميزن أيضا بقدرتهن على القيادة.

ولكن بالرغم من ازدياد نسبة تفوق المرأة العربية في العديد من المجالات، إلا أن الإحصاءات ما زالت دون المستوى المطلوب في مساهمتها في  البحث العلمي في مجالات العلوم التكنولوجيا والهندسة والابتكار. فبعض الإحصائيات من قبل اليونيسكو والبنك الدولي تشير إلى أن معظم المشاريع البحثية العلمية والنشر العلمي وتسجيل براءات الاختراع تكون في غالبيتها من الرجال وليس النساء. وأن 90% من
الوظائف المستقبلية سوف تتطلب شكلاً من أشكال تكنولوجيا المهارات الرقمية، وبشكل أسرع الوظائف المتنامية المرتبطة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
ولتحقيق المساواة في الوصول والمشاركة في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات للنساء والفتيات:
 تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان 11 فبراير من كل عام "باليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم"، وحمل شعار هذا العام 2022 " العدالة والتنوع والشمول: الماء يوحدنا".
أود أن أنوه أيضا أن جدول أعمال عام 2030 بأهداف التنمية المستدامة، يحتّم على المجتمع الدولي العمل بجدية خلال الخمسة عشر عامًا المقبلة، حيث ساعد إدراج الهدف الخامس للتنمية المستدامة "المساواة بين الجنسين"، على تمكين المرأة كعنصر أساسي. وكذلك الهدف التاسع للتنمية المستدامة "الصناعة والابتكار والعلوم"، فكلا من الهدف الخامس والهدف التاسع للتنمية المستدامة، سيساعد تحقيقهما على إحداث تغيير كبير في مجال البحث العلمي والابتكار، 

س6: لك إنجازات بحثية مميزة في مجالات التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو وتطبيقاتها وهو تخصص دقيقي ونادر . ما هى التحديات  التي تواجه المرأة في خوض عالم علم البيولوجيا؟
ج6: هناك عدد من  التحديات في علم البيويوجيا أهمها: مواكبة التطورات الحديثة  وامتلاك المهارات اللازمة بما يسمى  بالتكنولوجيا البازغة أو الناشئة وتطبيقاتها، ومواكبة تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة التي لها علاقة وطيدة وتطبيقات غاية في الأهمية في العلوم البيوليوجة مثل : التكنولوجيا الحيوية، وتكنولوجيا النانو،  والبيولوجيا التركيبية، والتدقيق الجيني، والجينوم البشري، والبيولوجيا التركيبية أو الصناعية،  والطب الدقيق والموجه،  والمعلومانية الحيوية،  والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والروبوتات في الطب، والطباعة ثلاثية ورباعية الأبعاد، والبيانات الضخمة، ووسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الموبايل، ومنصات التعليم والتواصل مثل الواقع الافتراضي VR، أو المعزز AR، أو المختلط XR

س7: اليوم تشكلين قدوة لكثير من النساء العربيات  البعض منهم يشكون غياب الفرص فى المجالات العلمية ماذ تقولين لهم ؟ 
ج7: بداية أود أن أنوه أن هناك العديد من النساء العربيات المتميزات والذين هم قدوة نحتذي بهن ونتعلم منهن.
في الحقيقة نحن بأمس الحاجة إلى إعادة ترتيب الأولويات العلمية والبحثية في الوطن العربي لمواكبة المستجدات وتحديد الثغرات الموجودة، وكذلك تجاوز التحديات والحواجز الجغرافية والسياسية  والثقافية والصحية والاقتصادية وأهمية التعاون المشترك وتعزيز ودعم التعاون العلمي العربي المشترك بين الباحثات والعالمات.
أصبح جليا أن التكنولوجيا والابتكار يحفزان الإنتاجية والنمو الاقتصادي الشامل والتنمية المستدامة، ويسهمان في إيجاد حلول للتحديات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والصحية الأكثر إلحاحا في العالم، ولاسيما في المنطقة العربية. لذلك لا بد من اتباع وتطبيق نهج متكامل يرتكز على العلوم والتكنولوجيا والابتكار بكافة أشكاله ونماذجه. ولا بد من تشجيع زيادة انخراط النساء ومساهمتهن الفعالة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار الذي من شأنها المساعدة ليس فقط على تحسين الحياة اليومية لهن، ولكنه سيكون المصدر لإحداث تغيير جذري ونقلة نوعية أيضًا.
أضف إلى ذلك أود أن أنوه إلى أهمية المساهمة في تطوير المهارات للنساء في مجال العلوم والتكنولوجيا، لتحقيق الانسجام والتناغم مع مخرجات الثورة الصناعية الرابعة  وتحويل التحديات إلى فرص، فعلى الرغم من وجود الكثير من التحديات التي قد تواجه الفتيات والعالمات إلا أنه لدينا في الوطن العربي عدد لا بأس به من رائدات الأعمال وأصحاب الشركات من الإناث، مما يدل على أن هذا المجال ليس مستحيلا على المرأة.
يجب أيضا مواصلة السعي المستمر للبحث فى سبل ووسائل تشجيع ابتكار المرأة العربية والسعي من أجل تذليل أي عوائق تحول دون إدماج المرأة العربية بشكل كامل فى منظومة العلوم والتكنولوجيا والابتكار فى جميع الدول العربية.
والجدير بالذكر أنه في السنوات الأخيرة زادت نسبة النساء اللاتي يعملن في العلوم في الوطن العربي بشكل ملحوظ، وبالتالي لدينا كنساء القدرة الكافية للتفوق في هذا المجال، كما يوجد العديد من النساء العربيات اللاتي يتواجدن في الدول الغربية، وهن متفوقات وناجحات في مجالاتهن العلمية والبحثية.

س8:البروفيسورة حنان عيسى ملكاوى هل انت راضية عن مستوى البحث العلمى فى الوطن العربى ؟
ج8: بالرغم من الإنجازات البحثية المميزة في بعض الدول العربية إلا أن البحوث العلمية للأسف ما زالت في معظم دول الوطن العربي دون المستوى المطلوب وغير موجهة لتكون ذات أولوية وطنية وعربية وغير مرتبطة بتلبية احتياجات المجتمعات أو ذات صلة مباشرة بالحياة اليومية للمواطن العربي.
وللأسف تتصف معظم المشاريع البحثية والبحوث العلمية بخلوها من الصبغة الابتكارية والإبداع في المجال المعرفي وإضافتها النوعية إلى حقول البحث العلمي العلمي،  ولاتبنى على أسئلة جادة للتغلب على التحديات وإيجاد بدائل وإيجاد وحلول حلول لكي تستفيد منها المجتمعات .
وما زالت منطقتنا العربية تعاني من التغلب على تحدي المفاهيم الخاطئة حول المهارات الفنية ومتطلبات البحث العلمي في مجالات العلوم والهندسة والتكنولوجيا والإبداع، بما في ذلك وضع برامج خاصة لتحسين المهارات بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل.
وللأسف فأن أهم دوافع البحث العلمي  والنشر في الجامعات ما زالت تتمركز للحصول على الترقية الأكاديمية، وهذا ينعكس على صعف أو فقدان الصلة بين  استراتيجيات وخطط البحث العلمي ومتطلبات التنمية المستدامة في المجالات المختلفة. وهذا من شأنه كذلك أن ينعكس عبى ضعف الإنتاج العلمي التطبيقي وعدم تثمين نتائج البحث، واستمرار وجود الهوة ما بين البحوث العلمية والأكاديمية وربطها مع القطاع الخاص.حيث الفجوة ما زالت قائمة بين مخرجات التعليم ونتائج البحوث العلمية وعدم مواكبتها احتياجات ومتطلبات القطاعات الصناعية
وقد يشكل ضعف التمويل للبحوث العلمية في الجامعات عائق إلى حد ما، ولكن لا اعتبره فعلا عائقا كبيرا. مثلا في الأردن تم تأسيس صندوق دعم البحث العلمي والابتكار التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والذي يقدم الدعم المالي للمشاريع البحثية التشاركية وذات الأولوية الوطنية ذات الصبغة الابتكارية وضمن معايير وشروط معينة، ويكون أحيانا الدعم بمبالغ سخية. 
كذلك هناك مؤسسات دولية داعمة Funding Agencies كثيرة خارج الأردن والتي تدعم مشاريع البحوث العلمية ضمن معايير خاصة بها مثل الاتحاد الأوروبي، مؤسسات دعم أمريكية، مؤسسات دعم ألمانية ويابانية وغيرها الكثير.
ولقد استطعت خلال مسيرتي الأكاديمية والبحثية في الجامعة أن أحصل على دعم بقيمة 15 مليون دولار من أجهزة ومواد بحثية.. وغيرها.
وبالرغم من أن الجامعات تعتبر مصدراً لاستثمار وتنمية اهم ثروات المجتمع وهي الموارد البشرية (الثروة الفكرية)، الا انه هناك مشكلة الربط بين نتائج البحث العلمي والواقع العملي وتنمية المجتمع والمساهمة في نهضته. وتفتقر معظم البحوث العلمية في الوطن العربي إلى التعاون العربي المشترك وتتصف بأنها غير منتجة، فمثلا يجب أن يتم تشجيع ودعم البحوث العلمية لتطوير منظومة ذكية للأمن الغذائي وربطه بمؤسسات الإنتاج الاقتصادية في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية والجوائح  وتداعياتها على منظومة الاستدامة مع منظومات المياه والطاقة لتحقيق التنمية المستدامة والتصدي لأي ظروف طارئة سواء كانت كوارث طبيعية أو أوبئة مستجدة ومنبعثة أو غيرها. 

س9: كيف دعمتك الأسرة في تنشئتك حتى تحققي نجاحك العلمي والمهني؟
ج9: لقد نشأت في أسرة كبيرة 4 أخوان و5 أخوات، والدي رحمه الله عمله  كان المربي والمكافح حيث بدأ عمله كمعلم مدرسة ثم مدير مدرسة ثانوية، وبعدها عمل في وزارة التربية والتعليم  إلى أن أحيل على التقاعد بعد خدمة 32 عاما. كان والدي يحب العلم وأفنى حياته في تنشئة بناته وأبنائه وتعليمهم...
أما والدتي رحمها الله،  فكانت امرأة فاضلة ومربية قديرة، ذات اطلاع واسع، أكملت تعليمها حتى الصف الاول الإعدادي حيث لم يكن التعليم شائعا في تلك الفترة وخاصة للإناث، حين فضّل والدها رحمه الله، أن تتعلم مهنة الخياطة التي مكنتها بعد زواجها من الاستمرار في امتهان الخياطة ومساعدة والدي في جلب دخل إضافي للعائلة. وكان والدي ووالدتي رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته من المحبين والمشجعين لأولادهم على العلم والتعليم، حيث كانا يدعماني ويشدا أزري منذ نعومة أظفاري كما الحال مع بقية إخواني وأخواتي
وكان لوالدي ولوالدتي الفضل في تفوقي وتميزي في مسيرتي الأكاديمية والبحثية، حيث حصلت على الترتيب الأول في محافظة إربد في إمتحان دراسة شهادة الثانوية العامة. 
بعدها حصلت على بعثة دراسية على نفقة وزارة التربية والتعليم لإكمال درجة البكالوريوس، حيث منحتني الوزارة عدة خيارات لدراسة تخصصات مختلفة كالطب أو الصيدلة خارج الأردن، او العلوم الحياتية في جامعة اليرموك في الأردن. والحقيقة أن اتخاذ قرار بهذا الشأن لم يكن أمرا سهلا لي بسبب نشأتي في بيت محافظ ينظر الى سفر فتاة لم تبلغ الثامنة عشرة من عمرها، كسرا لتقاليد العشيرة  وعاداتها. ولحبي لتواجدي بالقرب من الأهل الامر الذي حدا بي لاتخاذ قرار بدراسة تخصص العلوم الحياتية في جامعة اليرموك  التي حصلت  فيها على الدرجة الجامعية الأولى البكالوريوس في ثلاث سنوات ونصف و كان ترتيبي المرتبة الأولى على دفعتي وعلى الجامعة ككل في جميع التخصصات، حيث كان لها شرف آن ذاك أن نلت جائزة ملكية تقديرية من المغفور له جلالة الملك حسين بن طلال المعظم لحصولي على أعلى معدل في التحصيل العلمي في جامعة اليرموك، وحصلت بعدها على منحة دراسية على نفقة الجامعة لإكمال دراستي العليا للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه في الولايات المتحدة الأمريكية.
   غادرت الأردن متوجهة الى الولايات المتحدة الامريكية لاستكمال دراستي، وحصلت على درجة الماجستير في علم الجراثيم والصحة العامة من جامعة ولاية واشنطن، وبعد ذلك اقترنت بزوجي الدكتور، وتابعت الدراسة وحصلت على درجة الدكتوراه في الكائنات الحية الدقيقة والبيولوجيا الجزيئية من جامعة ولاية واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية. وخلال دراساتي العليا لقيت كل الدعم والتأييد من زوجي الذي وقف الى جانبي وكان لي خير رفيق في بلاد الغربة ما هوّن علي وانعكس إيجابا على نجاحي وتفوقي وتحصيلي العلمي.
  لي من الأبناء إبنة واحدة وثلاثة أولاد: أكبرهم أنس، طبيب تخدير وعلاج الألم، ورند طبيبة أطفال أسنان، ومحمد طبيب جراحة عظام،  وعمر  طبيب وحاليا يتخصص بعلم الأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية. وبتوفيق من الله استطعت وبحمد الله أن أوفق عبر رحلتي العملية الطويلة بين واجباتي الوظيفية والعلمية والبحثية وبين عملي كأم ومربية لأسرة كريمة.

 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved