آخبار عاجل

أبناء المهاجرين .. من حقك أن تحلم بقلم د: محمد مصطفى الخياط

21 - 10 - 2022 11:33 576

كانت أول رسائل جو بايدن -حين تولي مقاليد الرئاسة- التأكيد على قدرة أمريكا استيعاب الأطياف كافة؛ أجناس وأعراق وديانات مختلفة في بلد يضم أكثر من ثلاثين مجموعة عرقية. بيض، وأفارقة، وآسيويين، ولاتنيين، وسكان أصليين. 
تنحدر نائبة الرئيس كاميلا هاريس من أبوين مهاجرين، أب جاميكي وأم هندية. وترجع أصول وزير الدفاع لويد أوستن، إلى القارة السمراء. بينما وزير الأمن الداخلي أليخاندرو، مايوركاس، كوبي الأصل. ونائبة مدير مكتب البيت الأبيض للشؤون التشريعية ريما دودين لأبوين فلسطينيين. 
أكدت اختيارات بايدن على شعار (أمريكا للجميع). صورة مغايرة لتلك التي سعى إليها سلفه دونالد ترامب، (لا مهاجرين). 
في الجوار، تَحفل مواقع الأخبار بصور وزير التنمية الدولية الكندي، هارجيت ساجان، مُعتمرًا بعمامة طائفة السيخ. لا تشك للحظة أنك أمام رجل هندي خالص ولعلك –لا تتردد- جازمًا أنه لم يغادر بلده قط. تخبرنا السيرة الذاتية للرجل الخمسيني، الهندي المولد، توليه منصب وزير الدفاع لست سنوات، قبل منصبه الحالي، فضلاً عن مشاركته في مهمات خارجية عديدة أضافت سطورًا مضيئة إلى سجله العملي المميز.
بحجب الثقة عن حكومة بوريس جونسون مايو الماضي، نافس رجل يحمل أصوله الهندية معه أينما حل السيدة ليز تراس، وزيرة الخارجية آنذاك، على مقعد رئيس الوزراء. وخلال جولات انتخابية شرسة يستخدم فيها المتنافسون كافة الأدوات الشرعية وغير الشرعية لإقصاء الخصوم، أو على الأقل إضعافهم، لم يَعب أحد على ريشي سوناك، وزير الخزانة الأسبق، أصله الآسيوي، ولا بشرته داكنة السمرة، ولا حرص زوجته ارتداء الساري الهندي. انحصر الخلاف حول أفكاره ومقترحاته للخروج من الأزمة الاقتصادية وسبل مواجهة قضايا تأمين إمدادات الغاز وخفض معدلات التضخم. كانت خلافات موضوعية.
عندما جلست ليز تراس في مكتبها الكائن في شارع داونينج ستريت، لم تتردد في إسناد حقيبة الخارجية –التي كانت تشغلها قبل رئاسة الوزراء- إلى رجل نصفه من سيراليون؛ جيمس كليفرلي، ووزارة الخزانة إلى كواسي كوارتينج، بريطاني لأبوين مهاجرين من غانا. وتولت سويلا برافرمان، ذات الأصول الهندية، حقيبة الداخلية، التي تقلدها من قبل ساجد جاويد، الباكستاني الأصل.
وحدها، وقفت المستشارة الألمانية السابقة، آنجيلا ميركل، تواجه عواصف اليمين المتطرف الرافض لمشروعها المفضي إلى استقدام أكثر من مليون مهاجر سوري. ترددت أصداء إيقاعات حزب البديل مع نظرائه الأوربيين الرافضين للمهاجرين؛ ماري لوبان في فرنسا، وجيورجيا ميلوني في إيطاليا بعد فوزها في الانتخابات الأخيرة، وجيمي أوكسون في السويد، وغيرهم.
مسحت ميركل مساحيق التجميل عن وجه ألمانيا وتأملت تجاعيد الزمن. تَقَدَمَ المتوسط العمري للمواطنين وشاخت ألمانيا. تصدت ميركل للعاصفة بشجاعة. تحملت هجوم وسخرية الكثيرين وتبنت منهج انتقاء الأنسب. كانت على يقين من قدرة ألمانيا على استيعاب المهاجرين وذوبانهم فيها. سارت على خطى سلفها كونراد أديناور عندما وقع في 1961 اتفاقية مع تركيا لاستقدام العمال. صاروا جزءًا من تاريخ ألمانيا.
يتمسك المهاجر الأول بموروثاته وتقاليده، ومع الوقت تذوب النقطة في المحيط، فلا يبين لها أثر. يحيا المهاجرون نظامين متباينين؛ الأول تقاليد وأعراف الآباء والأجداد؛ والثاني نظام البلد الذي يقيمون فيه، حيث يصطف المواطنون كافة على حد سواء. 
يصنع ابناء المهاجرين مستقبل الدول المتقدمة. المهاجر مخاطر بطبيعته، تحفزه حرية الأفكار في المهجر وغياب سقف الطموحات. ليس لدى المهاجر ما يخسره. أحلامه مشروعة، ما لم تخالف القوانين. من حقه أن يحلم بعضوية الكونجرس كما فعلت رشيدة طليب وإلهان عمر، وبمنصب الرئاسة كما فعل باراك حسين أوباما.


 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved