آخبار عاجل

ما لم يقله عبد ربه التائه.. بقلم: علي عبيد الهاملي

21 - 10 - 2022 11:39 225

من المعروف أن الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ، لم يكتب مذكراته أو سيرته الذاتية، وعندما سُئل عن ذلك أجاب: «هناك عشرات المقابلات معي في مختلف وسائل الإعلام، ولا حاجة توجد لكتابة سيرتي الذاتية».

لكن النقاد يجمعون على أنه دوّن جزءاً منها في كتابيه (أصداء السيرة الذاتية)، و(أحلام فترة النقاهة)، وإن كان البعض يعتقد أن الأخير هو الأكثر تعبيراً عن هذه السيرة، وهو ما ذهب إليه مترجم الكتاب إلى اللغة الإنجليزية، ريموند ستوك، الذي قال إن أحلام فترة النقاهة، تحمل من السيرة الذاتية لنجيب محفوظ، أكثر مما حملته أصداء السيرة الذاتية، لكنني بعد أن قرأت الكتابين، أرى أن نجيب محفوظ قد وضع في الكتاب الأول فلسفته في الحياة، وجاء معظمها على لسان الشيخ عبد ربه التائه، الذي احتلت آراؤه ومقولاته وحكاياته، نصف «أصداء السيرة الذاتية» تقريباً، ويعتقد الكثيرون أنه قد قصد به نفسه.

هذه الآراء جاءت على شكل رسائل قصيرة ومكثفة، كأنها كُتِبت لعصر وسائط التواصل الاجتماعي، وليس للزمن الذي كُتِبت فيه. وكان قد تم نشرها أولاً على شكل حلقات في مجلة «أخبار الأدب» المصرية، قبل أن تصدر في كتاب عام 1995 م، كما تم نشر «أحلام فترة النقاهة»، على شكل حلقات أيضاً، في مجلة «نصف الدنيا»، قبل أن تصدر في كتاب عام 2005 م، وقد شكّل هذا الكتاب آخر أعمال نجيب محفوظ، الذي تُوفّي عام 2006 م، وبعد وفاة محفوظ بتسعة أعوام، تم كشف الستار عن بقية الأحلام، لتصدر في جزء ثانٍ من الكتاب عام 2015 م، أضيف إلى عنوانه عبارة (الأحلام الأخيرة)، ليصل عدد الأحلام إلى أكثر من 500 حلم.

كانت بطلة أحلام نجيب محفوظ بلا منازع، كما تقول الصحافية سناء البيسي، التي كتبت مقدمة الكتاب، هي «الست أم إبراهيم»، أمه المتدينة فاطمة، التي استوحى منها 22 حلماً، هي الأكبر في مجموعة الأحلام، كيف لا، وهو القائل: «الإنسان طول فترة حياته يعتمد على الأم في أشياء كثيرة، قد لا تكون بالضرورة أشياء مادية، وإنما يعتمد عليها عاطفياً، لكن برحيلها يفقد سنداً عظيماً في الحياة، ويدرك أنه قد أصبح وحيداً في العالم... رحيل والدتي أثّر فيّ كثيراً، رغم أنني كنت قد تخطيت الخمسين، وكانت هي قد تخطت الثمانين».

يوم الجمعة الماضي، 14 أكتوبر، حلت الذكرى 27 لمحاولة اغتيال نجيب محفوظ، على خلفية اتهامه بالكفر والخروج عن الملة، بسبب روايته الشهيرة «أولاد حارتنا»، على يد شابين تكفيريين، أقدم أحدهما على طعنه بسكين في رقبته. كان الشاب قد انضم قبل حادثة الاغتيال بأربع سنوات، لجماعة متشددة، واعترف الشابان أنهما حاولا قتل محفوظ، لأنهما ينفذان أوامر أصدرها أمير الجماعة، بناء على فتوى للشيخ عمر عبد الرحمن، رغم أنهما لم يقرآ الرواية! صحيح أن الطعنة لم تصب محفوظ في مقتل، لكن أعصاب الطرف الأيمن العلوي من الرقبة، تضررت بشدة، وكان لهذا تأثيرٌ سلبي في عمله، حيث إنه لم يعد قادراً على الكتابة سوى لبضع دقائق يومياً.

حلم 395 من «أحلام فترة النقاهة»: (وجدتني في حفل لتكريم رموز الثقافة والعلم، ووقف الرئيس، وتحدث عن «أولاد حارتنا»، فنفى عنها أي شبهة إلحاد، ونوّه عما فيها من تسامح واستنارة).

بعد أن كان محفوظ قد كتب 146 حلماً من «أحلام فترة النقاهة» بخط يده، قبل محاولة الاغتيال، قام بإملاء ما تلاها من أحلام، على سكرتيره الحاج صبري محمود، ليستعيد بعد ذلك سماعها منه مراتٍ، مراجعاً ومنقحاً، حتى يطمئن ويرضى تماماً، فيتركها جاهزة للنشر. وقد قال النقاد عنها، إنها ابتكار جديد في فن السرد، وإنها من أجمل ما أبدع وألّف محفوظ، وإنها من أعلى مراتب الإبداع والفلسفة والشفافية والحكمة، بينما قال محفوظ إنه مرتاح لهذا الشكل، وراضٍ عما يؤلفه، وإن أحلامه تطورت مع الزمن، فأصبحت أكثر تأثراً بالواقع والأحداث الجارية.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved