في عالمنا العربي نجهل أهمية الجوانب النفسية، وبالأخص للطفل، فالوالدان لديهما جهل تام بالصحة النفسية لأطفالهما، فتجد بعضهم يمارس ضد أطفاله سلوكيات قد تقضي على مواهبهم وتنهي تميزهم وتدمر تفكيرهم السليم، فهناك من يتهكم على طفله ويسخر منه ومن مستوى تفكيره، إن هذا الأمر يؤثر على الطفل وعلى نفسيته ويؤسس في داخله نوعاً من الخوف قد يكبر معه. إن الصحة النفسية مهمة جداً ولا تختلف عن الرعاية الجسدية، فهناك بعض الأطفال قد يقع فريسه لهذا النوع النفسي فيسبب له آلاماً وويلات وأحزاناً وهموماً تفترس قلوبهم الغضة الصغيرة، وتنغص عليهم حياتهم وتخلق منهم أطفالاً قلقين لا يعرفون الراحة، فهذا الوجع الخفي الذي لا يعلمه أولياء الأمور قد يقضي على حياتهم النفسية. 

فهناك قائمة مختلفة من الصفات والشخصيات التي يجب على الوالدين معرفتها والعمل على استشفاف طفلهم من أي تلك الأنواع النفسية، فهناك الطفل العنيد والطفل الشقي والطفل الحساس، وتكمن أهمية تلك المعرفة المبكرة في تمكينها وقدرتها على تعديل تلك السلوكيات غير الإيجابية في تلك السن المبكرة، لذا هناك حث دائم للوالدين على التقرب من الطفل والتعرف الفعلي عليه وعلى شخصيته.

بل إن مشكلة الأطفال قد تكون أقوى وأعمق من الكبار، فالطفل لا يملك أية مهارات حياتية يمكن لعقله الصغير أن يتحملها، ولا يستطيع استيعاب الكثير من المتطلبات الحياتية، ولا يملك الخبرات والمعارف، فضلاً عن اللغة الواضحة التي يمكن أن يعبر بها عن قلقه وهمومه، ويجد على إثرها المساعدة أو النصح والإرشاد.

ولا يمكن للأم ولا للأب وضع إجابات دون الرجوع لواقع الطفل والتعامل معه وهل هذا التعامل صحيحاً أم به نوع من القسوة ونحوها من الأخطاء؟ وهل الأبوين شديدي الحرص على سلامة طفلهما وإبعاده عن مشكلاتهما وتجنب الشد والجذب أمامه؟ لا بد أن تكون هناك مسؤولية تامة حتى تتشكل شخصية الطفل وفقها ووفق تعاملات الأهل بالدرجة الأولى. 

إنني أجد الرعاية النفسية للسلامة النفسية لأطفالنا أولوية بالغة، ومعها تأتي أهمية الفحص والكشف على أطفالنا والتأكد من سلامتهم وأنهم في كاملة صحتهم النفسية.

فالأسرة تعتبر من أهم مؤسسات المجتمع وأكثرها حساسية كونها المؤسسة التي تخرج منها الأجيال، وهذا الدور علينا جميعاً إدراكه ودعمه ببرامج التوعية والمعرفة التي تعمل على زيادة الجرعات الثقافية والعلمية لدى الأم والأب.