كثيراً ما نسمع عن السعادة سواء من خلال المحاضرات والندوات وكتب التنمية وحتى من وسائل التواصل الاجتماعي نسمع هذه الكلمات بين الفينة والأخرى، وهذا الكلام ليس له علاقة بالفقر أو الغنى؛ فهناك أثرياء يعيشون بتعاسة رغم كل ما يمتلكون من ثروة، والعكس هو الصحيح، فهناك فقراء في قمة السعادة والرضا، والسؤال هنا كيف يمكن الوصول للسعادة؟
تحقيق السعادة لن يأتي إلا بتضافر مجموعة من العوامل والأسباب ومنها على سبيل المثال لا الحصر. «الشعور بالإنتاجية»، وأنك شخص مفيد في المجتمع، وأيضاً الشعور بالنجاح؛ وأنك تبدع وتنجز وتعمل وتعطي بمعنى أنك إنسان منتج تعطي بحب وإنسانية. السعادة تكمن في الراحة النفسية والعطاء والمحبة للناس، فالسعادة مطلب وغاية، وهي خاصية شاملة لا تقف عند جانب واحد وحسب، فما قد يجلب السعادة لك قد يكون للآخرين سبباً للتعاسة والبؤس، بين يدي كتاب حمل عنوان «قصة حياتي العجيبة»، مؤلفته الناشطة الراحل هيلين كيلر، وهي فقدت نعمتي السمع والبصر، في وقت مبكر من طفولتها، وعندما تقرأ الكتاب تجد أن الكاتبة تتحدث عن السعادة رغم المرارة والألم والمرض الذي مر بها، إلا أنها نجحت في أن تشعر بالسعادة، فهذه المرأة القوية كانت مثالاً ناصحاً للتحدي والصبر، وباتت قصتها أيقونة في العالم. تلك المرأة العظيمة استطاعت أن تتجاوز السعادة وأن تبثها في قلوب الناس والتأثير فيهم بشكل إيجابي، وفي إحدى كلماتها الملهمة قالت: كثير من الناس لديهم فكرة خاطئة عن السعادة. لن تتحقق من خلال تلبية الرغبات، ولكن بالتضحية من أجل هدف نبيل.
وأعتقد أن السعادة تأتي بالمهام التي نؤمن بها ونسعى نحو تحقيقها؛ إن تحقيق الرضا عن الذات له أهمية كبيرة ويجلب لنا الاطمئنان، ومصدر هذا الاطمئنان هو الشعور بالثقة بالنفس والقوة الفكرية والعطاء، ولن تشعر بالسعادة إلا من الثقة والإيمان أنك إنسان منجز وذو فائدة لنفسك ومجتمعك؛ فالحياة ألوان متعددة، لون يومك وأوقاتك بالبشر والخير، وضع هدف رئيسي نبيل يستهدف خدمة مجتمعك.