آخبار عاجل

الازمة الدولية وتداعياتها ضمن المنظور الاعلامي.. بقلم: د.زاهدة الخليل

24 - 11 - 2022 10:43 300

زاهدة الخليل هى استاذة الإعلام والإتصال في قسم الإعلام في جامعة بغداد والجامعة المستنصرية:

 


     مما لا شك فيه ان عالم اليوم يعيش الان على وقع العديد من الازمات، لعل اهمها و اخطرها ازمة كورونا والحرب الروسية الاوكرانية اضافة الى ازمة الاحتباس الحراري التي اقل ما نقول عنها انها الاشد خطورة على مستقبل الارض، لما لذلك من تداعيات خطيرة على البشرية جمعاء وعلى مختلف المستويات والاصعدة.
     نحن هنا لا نريد التطرق الى مجمل تداعيات الازمات لكننا نؤكد على حقيقة إن وضع انسان ما قبل الازمة هو قطعا ليس كوضعه ما بعدها. كما ان مستويات الازمة تختلف باختلاف الظروف المحيطة بها والاطار الزمني لحدوثها فمن الممكن ان تحدث في اي زمان ومكان ومن الممكن ان تطول مدتها او تقصر وكذلك من الممكن ان تكون لها تداعيات غير محددة بمكان وقوعها، اي من الممكن ان تكون لها تأثيرات على مناطق عديدة من العالم بل من الممكن ان تشمل العالم  كله، مثلما حدث مع ازمة كوفيد 19 والحرب الروسية الاوكرانية، وهذا ما نطلق عليه تسمية الأزمة الدولية.
     ترتبط الازمة الدولية ضمن منظور بعض الباحثين الغربيين بمصطلحين رئيسيين وهما: "التصعيد" و "ردة الفعل" وهنا يأتي الدور الفاعل للإعلام فيهما.
    ان الحديث عن الازمات لا بد بالضرورة ان يجرنا الى التطرق الى الدور الفاعل لوسائل الاتصال الجماهيري وخصوصا الاعلام لما له من دور هام في الكشف على مدى خطورتها وقدرته على اذكائها اضافة الى دوره الجوهري في توجيه الرأي العام بما يتناسب والخطط الموضوعة للتأثير عليه. اذ اصبح وضمن مستجدات واقعنا المعاصر اداة خطيرة من ادوات توجيه الفعل السياسي وصناعة القرار. 
     ولقد اشارت العديد من الدراسات التي تناولت دور وسائل الاعلام في ادارة الازمات سواء الداخلية منها كالأزمات الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية والصراعات المحلية، او الخارجية منها كالحروب والاوبئة وقضايا البيئة، الى اهمية الدور الذي تلعبه هذه الوسائل اثناء حدوث الازمات وحتى بعدها. بل ان هذه الازمات تعتمد في ادارتها وبشكل اساسي على وسائل الاعلام كأحد المرتكزات الاساسية لاستراتيجية مواجهة الازمة.
      ولقد برزت اهمية الاعلام في ادارة الازمات بشكل واضح جدا في حالة الاوبئة ذات الانتشار الواسع وكذلك في الحروب والصراعات مثلما حدث خلال الحربين العالميتين الاولى والثانية وخصوصا الثانية، اضافة الى ما شهدته احداث العراق عام ٢٠٠٣ من تغطيات اعلامية مكثفة كان لها صداها في العالم اجمع، ولا ننسى ايضا ما كان للإعلام من دور فاعل في حادثة تفجير برجي مركز التجارة العالمي بنيويورك، اذ تناول ابعاد الازمة وتداعياتها على امريكا والعالم اجمع، اضافة الى ما حدث خلال ازمة كورونا اذ وضفت وسائل الاعلام المحلية والعالمية كل امكانياتها للإحاطة بالأزمة وتنوير الرأي العام بأهمية اللقاح والاجراءات الوقائية اضافة الى توضيح تداعيات الوباء وآثاره الخطيرة على مختلف الاصعدة.
        ومما تجدر الاشارة اليه ان الاعلام اصبح ضمن واقعنا المعاصر في تطوراته الايديولوجية والتقنية واحدا من موجهات الفعل السياسي وصناعة القرار على المستويين الاقليمي والدولي، ومن هنا جاءت اهميته في الاحاطة بالأزمات التي تواجه صناع القرار. حيث اعتبر المكون الاعلامي ركيزة اساسية للمزيج التكاملي في دراسة الازمات. ولقد تمركزت الدراسات الخاصة بإعلام الازمات بمسارين: فلقد ارتبط  المسار الاول بمفهوم "علم الازمات" الذي يركز على ادارة توازنات القوى ورصد تحركاتها وتوجهاتها، وكذلك التكيف مع المتغيرات الانسانية سوى كانت اقتصادية، اجتماعية، سياسية.
اما المسار الثاني فلقد ركز على تطبيق ما يعرف بعلم "ادارة الازمات" ومداخله المختلفة على بعض الازمات ذات الطبيعة السياسية، البيئية ، الاقتصادية والاجتماعية.
  ومع تنوع منظور ادارة الازمات يبرز الدور الفاعل للإعلام الذي يتخذ بعدا رئيسيا فيها.

      ان دراسة الازمة ضمن المنظور الاعلامي كانت قد تشكلت ملامحها في البدء ضمن اطار محدد تمثل بالتغطية الاخبارية ذات الصبغة السياسية التي ركزت على حوادث العنف والارهاب، الصراعات العرقية، الحروب الاهلية والازمات السياسية الداخلية لكنها تطورت فيما بعد بتطور وسائل الاعلام بتقنياتها واساليبها لتشمل مختلف الازمات التي شهدها العالم كمشاكل الاوبئة والاحتباس الحراري.
      ومن الجدير بالذكر ان دور وسائل الاعلام في معالجة الازمة لا بد ان يمر بثلاثة مراحل وهي: 
      -المرحلة الاولى: وتتمثل بتقديم معلومات معرفية شاملة ومتنوعة تغطي مختلف جوانب الازمة وتمكن المتلقي من الوقوف على ارضية صلبة من المعلومات الغنية والمصادر المتنوعة التي تمكنه من امتلاك ناصية المعرفة الكاملة المتعلقة بجوانب الازمة وعناصرها واطرافها بعيدا عن التغطية السردية والوصفية المستندة على الاسلوب الخطابي والتوجيهي والانفعالي وهو ما يسمى باعلام الضجيج 
-المرحلة الثانية: وتتمثل ببحث الاعلام عن اسباب الازمة وتقديم تفسيرات حولها وعادة ما يستعين لتحقيقها الى محللين وخبراء في المجال . وهنا يمكننا ان نستحضر الحوارات التي تتم على المباشر عبر الهاتف او عبر الفضائيات او تلك التي يتم فيها استدعاء المحللين في الاستوديو ضمن النشرات الاخبارية او البرامج الحوارية 
-المرحلة الثالثة: وهي التي يمكن التعبير عنها بالمرحلة الوقائية وفيها لا يكتفي الصحفي بمساعدة الجمهور المستهدف المتابع لتطورات الازمة بتقديم التفسيرات له ولكنه يقوم بتقديم بعض المسارب المنطقية بشكل مبسط عن امكانية تجاوز بعض الازمات المواكبة للازمة التي تناقش وسائل الاعلام مستجداتها، فهو لا يكتفي بدور نقل المعلومة وتفسيرها بل انه يطرح فرضيات القادم في حياة الازمة ويسعى بشكل غير مباشر الى الاشارة الى ازمات لاحقة قد تكون نتاج لما يتمخض عن الازمة الحالية او قد تمثل بعدا من ابعادها المستقبلية.
ان وجود سياسة اعلامية قائمة على خطة محكمة لما قبل الازمات واثناءها وما بعدها يعتبر من اهم مقومات الادارة الناجحة للازمات. فإعلام ما قبل الازمة من الممكن ان يؤدي دورا مفصليا في تفادي وقوع الكارثة. اما اثناء الازمة فان مهمة الاعلام تتمثل بعرض الحقائق بأسلوب يبعث للطمأنينة والامان والتهدئة. واما بعد الازمة فترتكز مهمته على وضع اليد على الجوانب الايجابية التي حققها ومعالجة القصور الذي واكب عمله خلال الازمة.
    ولكن وعلى الرغم من وضوح الدور الهام لوسائل في تغطية الازمات الا انها من الممكن ان تواجه عددا لا يحصى من المشاكل والمعوقات التي من اهمها: 
-اولا: عنصر المفاجأة وضغط الوقت مما يؤدي الى صعوبة قدرة وسائل الاعلام على مواكبة الحدث بشكل فوري وقد يؤدي الى تعرض الجمهور الى تأثير الشائعات والدعاية المضادة. لذلك يجب التأكيد على ضرورة التحرك السريع ونشر الرسائل التحذيرية في التوقيت المناسب وصياغة المعلومة بطريقة سلسة وواضحة بعيدا عن التعقيد الفني او العبارات المتخصصة التي لا يستوعبها الجمهور العام.
-ثانيا: تعدد الجهات الاتصالية والاعلامية وتنوعها مما قد يؤدي الى صعوبة التنسيق فيما بينها.
        واخيرا لا بد من التأكيد على ان الازمة تعتبر حدثا هاما يترك اثره العميق على مختلف جوانب الحياة وهي حتى وان انتهت ستكون لها آثارها وتداعياتها الواضحة والعميقة. لذلك فان دور وسائل الاعلام  يجب ان لا يكون قاصرا على مجرد التفسير، بل يتوجب عليها ان تتخطى هذه الحالة وان تقدم طرقا للوقاية واساليب للتعامل مع ازمات اخرى اضافة الى محاولة ايجاد اساليب ناجعة للانتقال من مجرد نقل الخبر الى مرحلة صناعة الخبر بما يتلاءم مع ظروف الازمة وتداعياتها.
        
         
    

   



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved