آخبار عاجل

عامٌ سعيدٌ يا وطني بقلم: دكتور/ محمد مصطفى الخياط

28 - 12 - 2022 1:16 275


وجه عربى أصيل تكسوه مسحة لطيفة من شمس إفريقيا السمراء. عينان لوزيتان، لامعتان، واسعتان، صافيتان، بلون البندق. طويلة، كساق بامبو أصلها في الأرض وفرعها في السماء أو رمحٌ شرقي قُدَ من صَواَنْ. مشدودة كوتر في قوس رامٍ أوشك سهمه أن يفارقه صوب الطريدة. أبية، كجواد جبليِ فتىٍ أصيل عَصِىّ على الغرباء. من لون شعرها صبغ المساءُ لياليه، ومن ذهب رملها لونت الشمس أشعتها الذهبية، ومن بهاء وإشراق وجهها ابتسم القمر واستدار. 
جلستُ بين يديها استقبل العام الجديد. لا تغادر عيناي عيناها الكحيلتان. تدفئني أنفاسها. يشبعني طعامها. يرويني ماؤها. تطمأنني سكينتها. تمددت على ترابها. أرحت رأسي على صدرها. توحدت في نيلها. مددت ذراعاي ملء الأرض والسماء، استحالا فرعى نيل يتدفق فيهما شلال الحياة، يرتوى الأطفالُ والشبابُ والشيوخ، يُلبِسُ الأرض عباءتها الساحرة الخضراء. تُطِلُ البراعم برأسها من بين الشقوق، تتمايل السنابلُ طرباً، تزكم رائحة الزهور الآفاق. تضيق المحروسة بأجران القمح وعقود الياسمين. 
في انتظار ميلاد عام جديد. نبتهل إلى رب السماء أن يكون عام خير وأمان. عام حب ووئام. يغمرنا التفاؤل وتفيض قلوبنا محبةً وإخلاصا. تتجدد فينا الأحلام. تتبدد من حولنا الأوهام. 
إيه يا وطنًا يحتضن فراخه الصغيرة، يدفئهم في ليالي البرد. يطعمهم في سنوات الجدب. يحميهم في ليالي الحرب. تغمرهم بحنانك ورعايتك حتى إذا ما شبوا كانوا العون والسند، كانوا الدرع والقلم، كانوا الفأس والعلم. وبقدر العمل تتشكل أيامنا الطيبة على أرض طِيبةَ الطاهرة.
برغم الحروب، برغم الآلام، برغم الدموع، سوف نغنى لغد يعم فيه السلام. تبنى فيه العصافير أوكارها آمنة رصاصات الغدر. سنغنى لغدٍ تصدح فيه منارات المساجد والكنائس بترانيم السلام. يُشبك قسٌ وشيخٌ كفيهما ويرددان معاً تراتيل الصباح وتسابيح المساء. سنمشى معاً، قدمٌ على قدم، وصوتٌ على صوت. يتعانق في الفضاء الرحب نداء الحق "الله أكبر" وصدى أجراس الكنائس.
برغم الجروح. برغم القروح، سيأتي غدٌ يمسح فيه اليتامى والثكالى والمكلومين الدموع. غدٌ نأخذ فيه بيد اليتيم، حتى لا ينسى الأب. نقبل جبين الثكلى حتى لا تنسى الأبن. نقف إلى جوار الأرملة، حتى لا تنسى الزوج. صار وطني أبًا وأمًا وزوجًا وابنًا. 
سيأتي غدٌ تتفتح فيه زهور المدارس عناقيد حب وخير وضياء، وتلهو فيه الفراشات بخيوط الشمس. غدٌ نملكهُ بين أيدينا حاضراً لا يغيب.
برغم الصعاب، برغم المشاق، برغم الإجهاد يظل عطاؤك يا محروسة شلال خير ونماء. من أين جئت بكل هذا العطاء، من أين جئت بكل هذا الكبرياء. قدرك أنك أم الدنيا. 
إيه يا وطنا صار هواءً نتنفسه. وفيئًا نستظل به، وبيتًا نقيم فيه. ومسجدًا نتعبد فيه. وصلاة مقدسة نقيمها. تسبيحتي أنت، قِبلَتي أنت. عطرُ فمي أنت.
انظروا صوب الأفق البعيد يا رفاق، فها هي المحروسة تقف شامخة على قوائمها. تُشرق من كَبِدِ الشمس كل صباح، سخية مثل غيمة شتاء، نقية مثل غيمة صيف، يغشي وجهها فرحة العطاء، تشد على كل يد تبنى، تُربت على كل قدم تسعى للخير. تبحث عن قلب حليبي مخلص، عن ساعد قوى يبني ويُرهب، عن أذن خير، عن لسان حق، عن قلم صدق.
من حر آهات العطاش سيبزغ الفجر الجديد، من حر آهات العطاش سيبزغ الأمل الجديد. 
وها هي المحروسة يا رفاق تَغمسُ إبهامها في طمى النيل وتكتب على ستائر الشمس كل صباح "طوبى للمخلصين، طوبى لمن حفظ الوطن". 
حفظ الله الوطن وعام سعيد يا وطني.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved