كثير من الناس يعيشون في دوامة الماضي، ولا يستطيعون التخلص من ذكرياتهم الموجعة، يقفون أمام أحداث ماضية، وتصبح لتلك الذكريات أثر مؤلم وحزين، عندها تجد أن حياتهم ويومهم يغمره الكآبة والحزن والتعاسة والألم، وكأنهم يعيشون ذلك الماضي بكل تفاصيله الحزينة، ولا يستطيعون الخروج منه، بمعنى أن الخير يأتي وسط الألم، الكثير منا مر بتجربة قاسية.
وأتذكر في هذا السياق مقولة جميلة ومعبرة لابن خلدون، حيث قال: «الماضي أشبه بالآتي من الماء بالماء. هذه حقيقة الماضي، لا يستدعي منا كل هذا الحزن، ولا التوقف وسط محطاته، وصعوبة التخلص من الماضي ستبقى مشكلتك وحدك، لأن توقفك وندمك وحزنك لن تفيدك بشيء، نعم استفد من الأخطاء، لكن لا تسيطر عليك الكآبة والهم»، لأن من بوادر التراجع والإحباط واليأس أن يكون الماضي هو الشغل الشاغل، مجرد التورط بتذكره دوماً، والتحسر عليه واستعادته ومراجعته والتأسف على ما وقع وحدث فيه، وعلى ما فات أو على الأخطاء معناه السقوط، ولكن لو حاولنا التعلم من أخطاء الماضي سيساعدنا على تحقيق النجاح والتقدم نحو المستقبل، البعض يعاني من المبالغة في تذكر الماضي والوقوع في فداحة أخطائه، إنه داء لا علاج له سوى النسيان والبدء بحياة وأهداف محددة للمستقبل.
الأمر المؤسف أنه يمكن ملاحظة وجود مثل تلك السلبية موجودة في مجتمعاتنا بكثرة، فكم مرة سمعنا في مجالسنا أو في اللقاءات الاجتماعية من يردد: «يا ريت عملت كذا وكذا»، «لماذا قمت بذلك؟ لماذا لم أقم بتلك الخطوة؟».
وصدق المؤلف مارك هولم عندما قال: «لا تنظر إلى الخلف إلا إذا عزمت المسير في ذلك الطريق».
كثيرون ينظرون للماضي، والحقيقة البديهية أنهم بهذه الطريقة لن يتقدموا نحو الأمام، لماذا لا ننسى الماضي، ونعيش في الحاضر، ونفكر في المستقبل، ونخطط من أجله، الماضي لا تستطيع أي قوة تغييره، ولكن علينا أن نأخذ منه الدروس والعبر، التي تعين وتنير طريقنا ومسيرتنا، وكل ما علينا فعله التخطيط للمستقبل للجميل، وكل ذلك لن يتحقق إلا بالرؤية نحو الأمام والتقدم.