على مرّ السنين، برعت دولة الإمارات في توفير بيئة تمكينية للشركات المحلية.
حيث لا ينحصر ذلك في مرحلة توفير الدعم ضمن مراحل التأسيس فحسب، بل تتعدى ذلك بما يضمن نموها وازدهارها. لذا، فلا عجب من أن تحتل دولة الإمارات.
والتي تعتبر موطناً لعدد من الشركات المحلية الناجحة، المرتبة الأولى عالمياً، كأفضل منظومة بيئية متكاملة للشركات الناشئة ورواد الأعمال، وذلك بحسب تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال لعام 2022.
حيث يعتبر اقتصاد دولة الإمارات اليوم من أكثر الاقتصادات تنوعاً بين دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك نظراً لبيئتها المشجعة للشركات والأعمال، والتي واصلت استقطابها لأصحاب الشركات ورواد الأعمال من مختلف القطاعات.
لكن السؤال الحقيقي هو: هل ستواصل الشركات المحلية لعب دور محوري في تعزيز التنمية الاقتصادية للدولة في السنوات المقبلة؟ الإجابة المختصرة هي نعم.
وفي ظل تعرّض قطاع الشحن وسلاسل التوريد العالمية لأزمات وتحديات متتالية، أبرزها جائحة «كورونا»، وعدم الاستقرار الجيوسياسي، فإن للشركات المحلية الآن فرصة أكبر لاحتلال الصدارة، وتعزيز الاكتفاء الذاتي، وإرساء دعائم التوطين، ومن بين هذه الشركات المحلية.
والتي أسهمت في تحقيق فوائد اجتماعية واقتصادية فارقة، هي العلامة التجارية العريقة كطيران الإمارات، وغيرها من الشركات المحلية الأصغر حجماً، مثل شوكولا ماكاو وهاﭪ كافيه.
ولا يستطيع أحد أن ينكر الدور الحيوي الذي تلعبه الشركات الصغيرة والمتوسطة في العديد من الاقتصادات العالمية، باعتبارها من أهم آليات المُساهمة في تفعيل ودعم التنويع الاقتصادي، وتسريع وتيرة الإنتاج. ما يُعد دلالة واضحة على أهمية ما نوفره لقطاع الأعمال من نظم قانونية وأطر تنفيذية، وبنى تحتية عالمية المستوى.
إضافة إلى منظومة التأشيرات المُحدثة، ما يسهل ممارسة ونجاح الأعمال التجارية، والتي تتخطى ما يتم تداوله ونقاشه عبر عناوين الأخبار، ليُصبح واقعاً ملموساً نجني ثماره.
كما تلعب الشركات المحلية أيضاً دوراً رئيساً في دعم الاقتصاد القائم على الابتكار، وهو أمر أساسي لنجاح دولة الإمارات على المدى الطويل. وحتى تكون الشركات المحلية قادرة على منافسة العلامات التجارية الدولية الأكبر والأكثر شهرة، والتي تتمتع بموارد أفضل، يجب على هذه الشركات التحلي بمزايا ترسّخ من وجودها واستمراريتها، وذلك من خلال اعتماد نهج قائم على السلاسة والابتكار.
يتطلع رواد الأعمال دائماً إلى إيجاد وتطوير حلول جديدة ورائدة في التصدي للتحديات، ويمكن أن تكون هذه الحلول بسيطة، كتقديم منتج أو خدمة فريدة للسوق، إلا أن نماذج تشغيل الشركات الكبرى، قد لا تستجيب بسرعة وفعالية لمثل هذه الحلول.
وفضلاً عن ذلك، ومن وجهة نظر مستدامة، فإن الاقتصاد والكوكب أيضاً، يستفيدان كثيراً من الشركات المحلية، لأن هذه الشركات تعزز الاقتصاد المحلي، عبر الاستفادة من منتجات وخدمات الشركات المحلية الأخرى، ما يؤدي إلى شراكة متبادلة المنفعة، ما يعني أن الشركات التي تأخذ مواردها من المنتجات المحلية، تتطلب عادةً عمليات نقل أقل، واستعانة أدنى بالمصادر الخارجية، ما يقلل من تأثيرها على البيئة.
وتلعب الشركات المحلية أيضاً دوراً مهماً في بناء هوية مجتمعية قوية، فالشركات التي تتأسس داخل المجتمع، تخدم مجتمعها المحلي، وتوفر فرص عمل واعدة للسكان المحليين، وتمكن المواهب المحلية من الظهور، وتنصهر في النسيج المحلي، ناهيك عن أن هذه الشركات تبني علاقات اجتماعية وطيدة مع المجتمع المحلي، من خلال الشراء من الأصدقاء والجيران وبيعهم.
وتعمل الشركات المحلية، الصغيرة منها على وجه الخصوص، على تعزيز روابط الولاء لعلاماتها التجارية، وبناء علاقات وطيدة مع عملائها، فغالباً ما توفر هذه الشركات الموجهة للعملاء، تجارب شخصية، تعزز من خلالها نهج الولاء، عبر إنشاء برامج جذابة ومُجزية.
ولطالما كان هذا الولاء الراسخ هو الداعم للاقتصادات المحلية خلال فترات الأزمات، حيث يفضل العملاء الشركات المحلية الصغيرة في الأوقات الصعبة، كما حدث خلال الجائحة العالمية.
ولا ننسى أيضاً أن الشركات المحلية الصغيرة لا تبقى بالضرورة صغيرة، ولا تبقى مقتصرة على النطاق المحلي، فقد اكتسب العديد من الشركات المحلية شهرة عالمية، لتصبح من أكبر الشركات عالمياً.
وتمثل بلدها الأم حول العالم، معزّزةً بذلك مكانتها في الداخل والخارج. فعلى سبيل المثال، فإن «بربري»، هي علامة تجارية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمملكة المتحدة، و«بي إم دبليو» بألمانيا، و«لوي فويتون» بفرنسا، وفي الإمارات، فإن طيران الإمارات ترفع العلم الإماراتي خفاقاً في جميع أنحاء العالم.
وهناك أيضاً شركات مثل «هدى بيوتي»، ما يعزز سمعة الدولة، بصفتها حاضنة للأعمال التجارية الناجحة. وتتفرد شركات محلية صغيرة أخرى، بهويتها الخاصة، فتقدم تجربة فريدة واستثنائية في قلب دبي، نذكر منها «نيم لاونج»، التي تقدم المأكولات الإماراتية الأصيلة، و«سوشي فاشن»، المطعم المخصص للمأكولات اليابانية، و Bliss›d Juicery & Café، التي تقدم وجبات ومشروبات صحية.
وهذه الشركات والمفاهيم المحلية، ستظل ضرورية لتعزيز تنافسية دولة الإمارات على المدى الطويل، باعتبارها محركاً اقتصادياً أساسياً وحيوياً.