آخبار عاجل

ثلاثية المماليك إبداع رائع للكاتبة ريم بسيوني.. بقلم: سلوى المؤيد

27 - 04 - 2023 12:58 4102

لم تمر علي رغم القصص الكثيرة التي قرأتها، كاتبة مبدعة مثل الكاتبة "ريم بسيوني"، فهي تؤلف رواياتها بأسلوب سلس وبطريقة عاطفية مفعمة بالمشاعر، وهي تطرح الفترة الزمنية التي عاشها أبطال قصصها، ولأنها تخصصت في دراساتها العليا للحصول على الدكتوراه في التاريخ المصري وتعمقت فيه كثيراً، تمكنت من الكتابة بطريقة روائية مشوقة عن فترات تاريخية حول تواجد المماليك في مصر وإدارتهم هذه الدولة العربية العريقة لمدة تصل إلى مئتي عام تقريباً، وقامت هذه الكاتبة المتميزة بتأليف ثلاث روايات هي "ثلاثية المماليك" ثم "ثلاثية القطائع، ثم "ثلاثية الحلواني"، وتدور هذه الروايات حول حكم المماليك لمصر.
وبسبب أسلوبها العاطفي السلس والمشاعر المتدفقة لديها في وصف مشاعر أبطال قصصها وما يحدث في مصر أثناء تلك الفترات، وجدت نفسي غير قادرة على التوقف عن القراءة لمعرفة سير أحداث الكتب الثلاثة، أولها رواية "ثلاثية المماليك" التاريخية والعاطفية، وسرد مشاعر أبطالها بأسلوب مفعم بالعاطفة الجياشة بين أبطال الثلاثة فصول التي ضمها هذا الكتاب.
وكانت الأحداث وأصحابها في هذه الروايات الثلاث يمثلون "حكم المماليك لمصر، حيث استطاعوا خلال حكمهم أن يصدوا عن مصر وشعبها حشود المغول والصليبيين، وانتصروا بسبب مهارتهم في حمل السلاح واستخدامه وهم ينطلقون بخيولهم وأسلحتهم لمواجهة أعداء مصر الغزاة.. وقد يؤخذ على بعض سلاطين المماليك الذين حكموا مصر الميل إلى الرفاهية والفساد، إلا أن ذلك لا ينطبق عليهم جميعاً، إذ كان "السلطان الناصر محمد" الذي سأتحدث عن عصره في رواية "ثلاثية المماليك" في هذا المقال، حاكما عادلاً ومتديناً وكان يستشير في قراراته قبل أن يصدرها أمراءه الذين يثق بهم وبإخلاصهم مثل الأمير المملوكي "محمد بن عبدالله" بطل الفصل الأول من ثلاثية المماليك، الذي انتزع من أحضان والدته وهو في الثامنة من عمره وجعله الأتراك بعد تدريبه مثل بقية المماليك في عصره، قادراً على ركوب الخيل بمهارة عالية واستخدام السلاح في محاربة الأعداء.
إن أول ما كان يفعله الأتراك عند خطف هؤلاء الأطفال، هو تعويدهم على أداء الصلاة في أوقاتها وقراءة القرآن، ثم يقومون بتدريبهم 3 ساعات يومياً في الصباح، على فنون القتال بجدية يعاقب عليها المملوك إذا تخاذل في أدائها، حتى أن المملوك الذي لا يتمكن من القيام بهذه التدريبات كان يتم إخصاؤه ليخدم في قصور السلاطين والأمراء ليتعامل مع نساء القصر من الأميرات والجواري. 
ولا يسع المجال في هذا المقال لأن أذكر رأيي فيما قرأته في الكتب الثلاثة التي ذكرتها وواصلت قراءتها بتمتع وتشوق لمعرفة الأحداث التي عاشها أبطالها، وأنصح القراء بقراءتها ليعرفوا عن حقبة زمنية لا تقل عن مئتي عام لم نكن نعرفها كعرب عن هذه المرحلة من تاريخ المماليك في مصر التي أثبتت أن من يعيش في مصر من الغزاة أو من الأشخاص يحبونها ويحرصون على حمايتها وكأنها وطنهم الأم.
كما أنني علمت من هذه الروايات أن شعب مصر لم يكن يحكم بلاده لعدد من القرون أثناء حكم المماليك والعثمانيين.. حيث كانوا يهتمون بالزراعة والتجارة ولا يتدخلون في حكم بلادهم وحمايتها، إذ كان يقوم بهذه المهمة بجدارة هؤلاء الحكام المماليك واستطاعوا حمايتها من الغزاة المغول والصليبيين.
إن ما يشد القارئ في رواية أولاد المماليك ولا يستطيع ترك القصة تلك المشاعر المتدفقة بين الأمير محمد عبدالله المحسني وزوجته المصرية زينب التي غمر حبها قلب الأمير محمد منذ أن رآها اول مرة ولم يتنازل عنها لحبيبها يوسف، وزرع حبه في قلبها بعد أن كانت تكرهه لأنه أرغمها على الزواج منه.. وبدأت قصة حب نادرة حيث ملأت هذه المصرية الجميلة المثقفة قوية الشخصية قلب هذا الأمير بمشاعر متدفقة وعوضته عن حرمانه من أمه وإحساسه الدائم بالوحدة رغم ما يحيط به من ثراء وجوار، حتى أنه اعتزل الجواري وأصبح مخلصاً لها فقط، إلى أن توفي مقتولاً على يد أحد أعدائه، وكان موته صدمة قوية لها، جعلت هذه المرأة التي لم تتجاوز الأربعين من عمرها بعد زواج ناجح مليء بالحب والعواطف الجياشة والإخلاص بينها وبين زوجها "الأمير محمد بن عبدالله" لمدة عشرين عاماً. وفقدت كل رغبة في الحياة بعد موته، أصبحت تسير وتتحدث وتتعامل مع أبنائها بروح ميتة الأمر الذي جعلني أشعر بنوع من المبالغة من الكاتبة أن تجعل الأم تهمل أبناءها وتصبح منطوية حزينة في غرفتها حتى ماتت بعد سنتين بداء الكلى.
لقد اندهشت من خيال هذه الكاتبة التي كتبت هذه الرواية بتدفق عاطفي نادر من خلال قصصها الثلاث في ثلاثية المماليك، وكان بودي أن أذكر علاقات الحب الجميلة بين أبطالها في الثلاث روايات من "ثلاثية المماليك"، إلا أن المقال لا يسع لهذه القصص والأحداث التي شملتها، وسأتركها ليشتاق القراء لقراءة هذه الروايات التي شملت أحداث التاريخ في مصر في تلك الفترة واهتمام المماليك بتشييد المساجد التي ظلت حتى الآن، وهي التي دفعت هذه الكاتبة المبدعة أن تقوم ببحث تاريخي طويل حول هذه الفترة من حكم المماليك في مصر. واستلهمت منها هذه القصص الجميلة والأحداث التاريخية لثلاثة روايات، في كل رواية ثلاثة فصول مثلما ذكرت في بداية المقال وكانت كل رواية لا يقل عدد صفحاتها عن٧٥٠ صفحة أو أكثر مثل قصتها "ثلاثية المماليك" التي وصلت إلى ٨٥٠ صفحة، وكانت أكثر رواياتها الثلاث تشويقاً لأنني كلما بدأت في رواية من رواياتها أجد نفسي لا أستطيع التوقف عن مواصلة القراءة لأتعرف على مشاعر أبطال تلك الثلاثية.. والحب المتدفق بين أبطالها والمعلومات التي أعرفها لأول مرة عن هؤلاء المماليك الذين عاشوا وأداروا الحكم في مصر لقرنين من الزمان.. أحبوها وكأنها وطنهم الأم.
وأخيرا.. ليس كثيراً على هذه الكاتبة المثقفة ذات الخيال الواسع المرتبط بأحداث تاريخية تمس وطنها أن تحصل على جائزة الكاتب الكبير نجيب محفوظ في عام ٢٠١٩ ولتصبح "أولاد المماليك" أكثر رواياتها رواجاً حيث تمت طباعتها سبع مرات لشدة إقبال القراء عليها.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved