أغلبيتنا يجهلون معنى الحرية ولا يدركون قيمتها ولا معناها الواسع، البعض يظن بأن الحرية أن تفعل ما تشاء في أي وقت، إن الحرية هي حق لكل البشر، لا يستطيع أي شخص أن يجرؤ على حرمانها من أي فرد أو لأحدٍ أن يتجرّأ على إنقاصها، أو تجريدها، إن الحرية تشعرنا بأهميتنا في هذه الحياة وبأننا أحرار ولنا قيمتنا، وقد تعددت معانيها واتخذت مفاهيم كثيرة منها أن الحرية هي قدرة الفرد دون إجباره، أو مساومته بشرط أو ضغط خارجي، على اتخاذ قرار، أو تحديد خيار من جملة خيارات مُتاحة.
الفيلسوف الكبير فولتير يقول: «أنا لست مع رأيكم ولكنني سأصارع من أجل قدرتكم على القول بحرية».
إن الحرية لا تعني الإساءة والفوضى للمجتمع، الحرية لا تعني الشتم والتدافع وتجاوز القانون، إن الفهم الخاطئ للحرية الذي نشأ معنا منذ طفولتنا قد يجعلنا نتجاوز على الغير أو نهضم حقوقنا، إن فهمنا الخاطئ للحرية، قد ينسحب حتى في تربيتنا لأطفالنا، في حياتهم اليومية في المدارس ومع زملاء الدراسة، ويكبرون على الفهم الخاطئ لها، وينسى البعض أن الحرية هي تحمل المسؤولية واحترام القوانين وعدم التجاوز والتناحر في أمور الحياة العادية، الفيلسوف الهندي أوشو لديه كلمة في هذا الشأن يقول فيها: «أول خطوة في طريق الحرية هي أن تتوقف عن إلقاء المسؤولية على الآخرين».
ربما يحتاج أبناؤنا وخاصة المراهقين لفهم كلمة الحرية، وبالأخص أصبحنا نسمعها منهم بين الفينة والأخرى، إنني لست ضد منح الحرية لأبنائنا وأن نسمح لهم في الخروج والتواصل مع زملاء الدراسة واحترام الآخرين، ولكن لا يجب السماح بالتجاوز والتأخير عن المنزل وعدم أداء الواجبات وأحيانا القيادة دون رخصة وإزعاج الناس، وإصدار الأصوات العالية والكلمات النابية وعدم احترام الكبير والأذى لمن حولنا من الأهل والجيران والمجتمع..
إن الحرية بمعناها الواسع هي احترام الآخرين والقوانين وتحمل المسؤولية تجاه مجتمعاتنا، الحرية أن نتعلم دروس الحياة، أن نتعلم من التجارب ونتائجها، الحرية اختصرها الكاتب الأمريكي أوليفر وندل هولمز بقوله: «حرية التعبير لا تتضمن حرية الصياح بكلمة حريق في مسرح مزدحم»، أما الفرنسي الكاتب شارل لوي دي سيكوند فقال: «تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين».
لنراجع أنفسنا ونقلّب مفردة الحرية في دواخلنا، فربما نحتاج أن ننشر ثقافة الحرية بين أبنائنا وربطها بالمسؤولية وتربيتهم عليها، البعض ممن يعظم وينشر ويتكلم عن معنى الحرية، يتغافل عن المسؤولية الفردية تجاه مجتمعه، إننا بحاجة لزرع مفهوم الحرية في نفوس النشء على معانيها الحقيقية.