كل واحد منا يرغب بالتجديد والتغيير إلى الأفضل، ولكن هذه العملية ليست سهلة، ولا يمكن للبعض تقبلها بكل سهولة، وبالأخص أن محاولة تغيير الآخرين من حولنا عملية صعبة ولا يمكن القيام بها بسهولة، لذلك من الأفضل البدء بأنفسنا، حتماً نحتاج لحافز ودافع للتغيير، بعض الناس لا يتغيرون إلا عندما حدثت لهم مصيبة أو وصل إلى عمر معين.
فالتغيير الذي ننشده جميعاً هو تغيير إلى الأفضل، لذلك لا بد أن نعوّد أنفسنا دائماً على طلب الجديد، وأن يكون يومنا مشحوناً ومحملاً بهذا الجديد، هو التحدي الحقيقي الذي يواجه كل واحد منا، ولو قُدّر، وتمكنّا في كل يوم من تغيير أيام حياتنا، وتقديم شيء متميز ومختلف، فإنه ودون شك سيكون إبداعاً، ولعل هذا هو السبب في كون المتفوقين والمتميزين قلة.
ذلك أن التغيير الدائم والتجديد المستمر المدروس وليس الفوضوي، لن يكون من ثماره سوى النجاح، وليس أي نجاح، بل الاستمرار في طريق التفوق.
طبيعة الحياة تفرض علينا التغير في جميع مراحل حياتنا، الإنسان الذي يتزوج سوف يحدث في حياته تغيير جذري، وسوف تكون لديه أسرة وأطفال وغير ذلك، سوف يشمل التغيير كل مجالات حياته.
بما في ذلك أن هذا التغيير سوف يشمل الأثاث والمنزل والسكن وتكوين أسرة وترتيب الأمور المالية والتهيئة النفسية والمسؤولية وغيرها من أمور الحياة، طبيعي أن البعض قد يتعرض للطلاق والانفصال لأي ظرف تلك أمور عادية في حياتنا ولا تعني نهاية الحياة، بل تجاوز الصدمات هو التغيير الذي ننشده ونرغب بالقيام به، وقِس على ذلك طلاب الثانوية عندما يتخرجون ويذهب البعض للدراسة في الخارج، في مجتمع جديد عليه لا يعرفه .
ولكن يبدأ بالتأقلم معه حتى ينتهي من دراسته، خلال تلك المرحلة التي قضاها في الخارج يحاول البعض التأقلم مع التغييرات والوقت والدراسة والحماس والامتحانات والغربة وبسبب البعد عن الأسرة وصعوبة الحياة أحياناً فإن البعض قد يعود ولا يستكمل دراسته، ولكن هناك آخرين يضعون لهم خططاً ويتكيّفون ويستكملون مشوار دراستهم، وكم من طالب دخل كلية ولم يرغب بها ثم بعد فترة قام بتغيير التخصص.
يمكن أن يحدث التغيير في نظرتنا لحياتنا وتخصصاتنا ودراستنا وميولنا ووظائفنا وغيرها، ليس عيباً أن يكتشف الإنسان أنه دخل تخصصاً لا يناسبه ولكن الخطأ أن يقضي حياته في تخصص لا يحبه، فالقدرات يصنعها الإنسان والمهارات يمكن أن يكتسبها عن طريق الخبرات والتعليم.
لذلك نجد أن البعض يعيش في ظل دوامة من الشكوى والروتين والملل دون أن يغير حياته، الكثير من الناس ينتظر أن تعطى له الصلاحيات حتى يتغير لذلك نجده متذمراً ويشتكي، إن أغلبية هؤلاء يعيشون في دوامة الإحباط والخوف من التغيير وعدم القدرة على تجاوز الأخطاء، لذلك هؤلاء إذا لم يغيروا نمط حياتهم لن يستطيعوا النجاح في مشاريعهم ولا أهدافهم.
لذلك فعملية التغيير ليست سهلة بل صعبة إذا لم يملك الإنسان إرادة التغيير، المشكلة أن البعض لا يحاول ولا يمارس هذا الدور ولا يجبر نفسه على تخطي حاجز الخوف والقلق من التغيير، بل البعض ينتظر التغيير ولا يحاول أن يمارسه في حياته.
نقول للجميع إن الحياة مستمرة وستستمر والمهم أن تعاود النهوض والاستمرار وأن لا تستسلم لليأس أو لأي من كلمات الإحباط والتقليل ومحاولة النيل من عزيمتك، ولنثق ونتأكد جميعاً أن داخل روح كل واحد منا رغبة للاستمرار والتحديد والتغيير ومحاولة النجاح وعزيمة للتفوق.
والمهم السعي نحو تعزيز ثقافة التغيير في دواخلنا لأننا نحتاجها في كل مرحلة مراحل حياتنا، يقول الباحث في تطوير الذات الدكتور طارق السويدان: «أكثر الناس ينتظرون شيئاً ما ليتغيروا، وآخرون يتغيرون عندما تحدث لهم صدمة، أو تتغير أدوارهم في الحياة. لكن أعظم التغيير هو التغير المقصود الواعي النابع من التأمل والإرادة والشعور بالمسؤولية».