قد تكون إنساناً متميزاً، وأيضا محبوباً، أو أن الناس تتقبلك، ولكن المشكلة أنك لا تعلم هذا عن نفسك، وقد تكون نظرة الناس عنك ايجابية، بمعنى ينظرون نحوك بالتقدير والاحترام، ولكنك لا تنتبه لهذا التقدير والاحترام، ولا تشعر به.
قد تكون إنساناً يتمتع بخصال حميدة، وصفات رائعة، ويتمتع قلبك بالنقاء والصفاء ومحاولة بذل العمل الخير للآخرين، ولكنك مرة أخرى لا تنتبه لكل هذا، وفي اللحظة نفسها تحكم على واقعك بأنه متردٍ أو أنك فاشل في التواصل مع الناس، أو أنك تعاني من عثرات ومشاكل كبيرة ومتعددة.
قد تكون إنساناً ساهمت بشكل إيجابي ومثمر في الدفع بالآخرين نحو مصاف النجاح والتميز، قد تكون كلمة كتبتها أو قلتها أنارت لآخر الطريق أو أرشدته نحو الطريق الصحيح، ورغم هذا تقوم بتسفيه منجزاتك وتكره واقعك، وهذا الواقع في يوم كان طوق النجاة للآخر.
قد تكون كريم نفس وذا قلب متسع وأبيض كما يقال، لكنك تكره هذه النفس عندما تشعر بالغضب أو تشعر بأنك ارتبكت خطأ بحق الآخرين، وهذه إذا وجدت فهي خصلة جميلة وتحمل عدة دلالات عن الطيبة والخلق الحسن.
ألم يُقل في الحكم: "رؤيتك السلبية لنفسك سبب فشلك في الحياة" وهذه الكلمة أو الحكمة لعلها تلخص جميع كلماتي في هذا المقال، ولكن أتوقف مليا وباعتزاز عند كلمات للممثل الهزلي الشهير شارلي شابلن، عندما قال: "ربما لم يعلق الآخرون آمالا عريضة عليّ، ولكني كنت أعلق آمالاً عريضة على نفسي". وهذه الكلمة تقودنا نحو الضفة الأخرى من هذا الموضوع، وهو أنه مهما كان رأي الناس بك سواء سلبيا أو ايجابيا، لتكن ثقتك وحضورك النفسي أكبر وأعظم من أي نظرة ومن أي رأي.. قد تكون شيئا جميلا فلا تسمح لأحد بإفساده.
أحد الإيجابيين يقول: حينما كنت أكمل دراساتي الجامعية في أمريكا، وضعني أحد أساتذتي في مجموعة مع فتاة أمريكية تدعى كاترينا وتلميذ آخر اسمه فيليب...
ولكنني لم أكن أعرف الأخير.
فسألت كاترينا: من هو فيليب هل تعرفيه؟
قالت كاترينا: نعم؛ إنه زميلنـا ذو الشعر الجميل الذهبي، وكان يقعد في المقدمة..
قلت: لم أتذكره... صفيه أكثر؟
قالت: زميلنـا الرائع ذو الهندام المتناسق والمظهر المرتب والأنيق..
قلت: لم أتذكره بعد.. صفيه بدقة أكثر؟
قالت: زميلنا الذي يلبس دوماً بلوزة شيك وبنطلون جينز مرتب...
قلت:
صدقيني لم أتذكره... رجاء صفيه بدقة أكثر...
قالت:
فيليب زميلنـا الخلوق الطيب الذي يجلس على مقعد متحرك...
هذه المرة فهمت بدقة من تقصد... ولكن طريقة وصفها لفيليب علمني الكثير...
كم كانت كاترينا راقية بوصفها وإيجابية في نظرتها، لأنها أغمضت عينيها عن نواقص فيليب وبدأت بوصف ايجابياته.
فسألت نفسي لو كان قد حدث العكس... أي كاترينا سألتني من هو فيليب فكيف كنت سأصفه لهــا..!!
بالتأكيد كنت سأقول إنه زميلنـا المسکین المعـاق الجالس على كرسي متحرك...
فعندما قارنت نظرة كاترينا الإيجابية مع نظرتي السلبية شعرت بالخجل !!
أعود للتأكيد أنه يجب علينا جميعا أن نقدم المبادرات الإيجابية ونستحث الفكر والتفكير على توليدها وتطبيقها على أرض الواقع.. دون مبادرة أنت لن تكون إنسان فاعل ومنتج، أن تعطي وتقدر وتحترم ولنتذكر دوما أن المبادرة الايجابية تغمر صاحبها أولاً بكل فضائلها وقيمتها الحياتية الجميلة.