سعى الإنسان على امتداد تاريخه، للتميز من الناحية الذهنية والعقلية، لأنه أدرك أثر قوة العقل، وما ستقود إليه.

0 seconds of 0 secondsVolume 0%

ولم يتوقف السعي للحصول على عقل أقوى، وذاكرة قادرة على الحفظ وعدم النسيان، ومنذ القدم وصفت أعشاب ومواد بأنها تقوي الذاكرة وتزيد معدلات الذكاء، وتبعاً لتحقيق هذا الهدف وضع العلماء والباحثون قوانين كثيرة لتقوية الذاكرة وعدم النسيان، منها ما يسمى بالقوانين الروحية، ومنها القوانين الطبية، سواء الطب البشري المتعارف عليه أو في الطب البديل، مثل تناول الأعشاب التي تحتوي على مادة «المنتول» في تركيبتها الأساسية كالنعناع، وغيرها من المركبات الصيدلانية، ومنها ما استقى من القوانين التي تعمل على تحسين العقل بالتأمل والتدبر في الكون والخلق، وتكون عادة كثيرة في دول شرق آسيا كالصين والهند، وتستخدم تعاليم التأمل الطويل في الطبيعة وإراحة الدماغ بأساليب متطورة تعتمد على تقليل الفجوات البيئية فيها والظواهر المزعجة بتأمل لطيف في الطبيعة.

دون شك أن قوة الذاكرة تعطي الإنسان تميزاً، وتسهل عليه حياته، وتجعله مرتاحاً وبعيداً عن الضغوط النفسية التي قد تحدث بسبب ضعف الذاكرة.

دون شك أننا جميعاً نتعرّض وبشكل يومي إلى نسيان أمور مهمّة أو نسياننا لفعل أمر معيّن، ممّا يتطلّب منا إعادة ترتيب أولوياتنا لاستدراك ما فاتنا.. لذا ظهرت البعض من التدابير التي تحسن وتقوي الذاكرة ولو بشكل محدود.

والعلم يقول لنا اليوم إن المخ يعمل بحيوية ودون توقف حتى أثناء النوم لا يتوقف عن نشاطه، وكما يقول الدكتور يان بورن، من جامعة لوبيك بألمانيا: "خلال النهار يقوم المخ بحفظ المعلومات في مخزن مؤقت، ثم يبدأ في تفصيلها وتجهيزها أثناء النوم لإيداعها في الذاكرة الطويلة، وفي الذاكرة الطويلة تنسّق المعلومات وتُربط مع معلومات أخرى سابقة، ويفرغ المخزن المؤقت معلوماته ويستطيع بذلك تخزين معلومات جديدة أثناء الاستيقاظ عبارة عن معلومات وتأثيرات تتوالى عليه بسرعة كبيرة، ثم تأتي عملية تنسيق المعلومات والانطباعات في الذاكرة الطويلة التي يقوم بها المخ أثناء النوم تكون أحسن ما يمكن أثناء النوم العميق".

كما أن الدماغ يستفيد بشكل رئيسي من التمارين الرياضية، لأن الجسم السليم بيئة مناسبة لوجود عقل سليم، حيث أن التمارين الرياضية تزيد من تدفق الأكسجين باتجاه الدماغ وذلك يقلل من خطر الاضطرابات التي قد تؤدي إلى فقدان الذاكرة، ومنها مرض السكري وأيضا أمراض القلب وانسداد الأوعية الدموية والزهايمر.

والحقيقة أن العلاقات الشخصية والاختلاط مع المجتمع قد تساعد على التخلص من الاكتئاب والتوتر وكلاهما سبب في فقدان الذاكرة، فحاول أن تقضي وقتاً أكثر مع العائلة والأصدقاء، فالتفاعل هو جزء من حياتنا وكلما ازدادت علاقاتك وأصدقاؤك بقيت ذاكرتك نشطة ومستحضرة لكل شيء، ولا تنسَ أن الاهتمام بالصحة يساعد على تقوية الذاكرة، وذلك باتباع نظام غذائي صحي متوازن يعتمد الفواكه والخضراوات، بالإضافة إلى تناول الأطعمة التي تحتوي على الأحماض والتوابل والإكثار من الأطعمة الغنية بالبهارات، والتي لها القدرة على تنمية الخلايا الموجودة في الدماغ.

طوِّر ذاكرتك بنفسك، ولا تجعل كل شيء مكتوباً، إلا المواعيد والأمور الضرورية فيفضل أن تدونها في جدول أعمالك، تحدَّ نفسك لتتذكر باقي قائمة مهامك مثلاً بدلاً من كتابتها كلها، احفظ أغراض مكتبك عندما ترتبه، ثم اطلب من أحد أصدقائك أن يأخذ غرضاً من مكتبك وحاول أن تتذكر ما هو، ابدأ نهارك بحل الكلمات المتقاطعة أو أي لعبة تتطلب بعض المجهود الذهني، فخلايا الدماغ كغيرها من الخلايا تصح وتقوى بالرياضة والتمارين، وتتقلص بالخمول.

ذاكرة المرء كتاب تكتب صفحاته على مرّ الأيام، فهي أشبه بالمفكرة التي يسجل فيها الإنسان يومياته ويكتب فيها الأحداث، ليرجع إليها في المستقبل عند الحاجة، وكما تصاب اليوميات بالتآكل ويبهت الحبر الذي تكتب به الصفحات ثم تضيع بعضها، كذلك الذاكرة الإنسانية تصيبها مثل هذه الآفات فتضيع منها صفحات ويبهت منها صفحات ويمحى البعض الآخر، كل ذلك في صفحات الماضي الذي سجله المرء خلال الحياة.