جرت العادة في السينما المصرية أن تعطى أدوار ذوي البشرة السوداء لممثلين كمبارس من أهالي النوبة، بل تم حصرهم في أدوار الخادم والبواب والسفرجي تحديداً، لكن بعضهم استطاع بجهده الشخصي أن يبرز ويترك بصمة قوية، ومنهم الممثل القدير محمد كامل (1916 ــ 1983) الذي كان قاسماً مشتركاً لمعظم أفلام الأربعينات والخمسينات والستينات من تلك التي تطلبت شخصية سمراء لأداء الأدوار المشار إليها.
ومن بينهم أيضاً الراحل إبراهيم خان، وهو ممثل سوداني من أصول يونانية سكن مدينة أم درمان قبل أن ينتقل إلى القاهرة، حيث دخل السينما من أوسع أبوابها وأدى أدوار البطولة أمام كبار النجوم المصريين في العديد من الأفلام.
غير أن حديثنا هنا هو عن ممثل سوداني آخر هو «خالد العجباني»، الذي جاء إلى القاهرة في مطلع خمسينات القرن الماضي لدراسة التمثيل على حسابه الخاص بالمعهد العالي للتمثيل فتخرج فيه سنة 1952. لكنه بعد تخرجه فضّل أن يبقى في مصر كي يجرب حظه في السينما المصرية.
وقد وفّق في ذلك في حقبتي الخمسينات والستينات اللتين قدم فيهما كل أعماله السينمائية التي لم تتجاوز 17 عملاً فقط، علماً بأن مشاركاته كانت جميعها في أدوار ثانوية ذات مساحات قصيرة.
بدايته كانت من خلال فيلم «أرض الأبطال» (1953) الذي أدى فيه دور المجند فانوس مجلي عبدالنور. بعد ذلك شارك في فيلم «ودعت حبك» (1956) أمام فريد الأطرش وشادية، مؤدياً دور عسكري مريض يهوى الرسم ضمن مجموعة من العسكريين المصابين والمرضى إلى جانب سيد بدير وعبدالسلام النابلسي وعدلي كاسب وأحمد رمزي والصول البحري وحيد (فريد الأطرش).
أما في عام 1958 فقد شارك في فيلم «خالد بن الوليد» في دور خادم ومرافق خالد بن الوليد (حسين صدقي)، وشارك أيضاً في فيلم «سواق نص الليل» أمام فريد شوقي ومحمود المليجي وهدى سلطان، مؤدياً دور الضابط المحقق في جريمة سرقة سيارة شحن جديدة، وفي العام نفسه منحه المخرج نيازي مصطفى مساحة للتمثيل أكبر من كل أدواره السابقة، وذلك حينما اختاره ليؤدي في فيلم «إسماعيل يس طرزان» دور الدليل السوداني المرافق لمراد بيه (استيفان روستي) وابنه قنديل (عبدالسلام النابلسي) في غابات السودان، بحثاً عن قريبهما المفقود نمر الأسد (إسماعيل يس).
وفي عام 1959 شارك في فيلم «الله أكبر»، وأردفه بتأدية دور ضابط بوليس مرافق لوكيل النيابة في فيلم «فضيحة في الزمالك» لنيازي مصطفى من بطولة محسن سرحان ومريم فخرالدين وعمر الشريف وبرلنتي عبدالحميد ومحمود المليجي.
أما في الستينات، فقد قدم ستة أفلام، بدأها بفيلم «بين السماء والأرض» لصلاح أبوسيف (في دور ضابط المطافيء الذي يأتي على رأس فريق لإنقاذ المحتجزين في المصعد).
ثم فيلم «دماء على النيل» (دور مدير السجن في الصعيد الذي يسعى مع آخرين التوسط لإنهاء حالة الثأر المتوارثة بين أولاد سعفان وأولاد أبو الخير). ثم شارك في فيلم «أميرة العرب» (1963) من بطولة وردة الجزائرية ورشدي أباظة (دور أعرابي أبله في بلاط الأمير هشام).
من أفلامه في الستينات أيضاً: فيلم «رابعة العدوية»، وفيلم «فتاة الميناء» دور ضابط البوليس الذي يتنكر في صورة تاجر مخدرات للإيقاع بالمطلوبين، وأخيراً الفيلم الفلسفي «العقل والمال» (1965) الذي جسد فيه شخصية «بركان» جلاد السلطان بشاميل.
كانت للعجباني في الأربعينات، قبل أن يرحل إلى مصر، مساهمات مسرحية ودرامية وإذاعية في السودان. فهو من قدم أول مسلسل درامي من الإذاعة السودانية من 30 حلقة باسم «ود العمدة». وهو صاحب فكرة تكوين فرقة المسرح السوداني الحديث ومموله الأول. و
هو أول شاب سوداني يفكر في دراسة فن التمثيل أكاديمياً بالقاهرة، حيث تزامل مع مواطنه إبراهيم خان ومواطنه الآخر محمد سرور، بل عمل أيضاً في إذاعة ركن السودان من القاهرة، وإذاعة صوت العرب، كما سافر إلى الكويت، فعمل هناك عدة سنوات في المسرح والإذاعة والتلفزيون قبل أن يعود مجدداً إلى القاهرة.