مسؤوليتنا تجاه أوطاننا وتجاه أجيالنا وتجاه من نعيل من أبنائنا وأسرنا مسؤولية كبيرة وجسيمة في عالم متغير، ونواجه فيه تحديات لا أول لها أو آخر سياسية وإقتصادية وأمنية وثقافية اجتماعية.
التعليم بات ضروريًا ومستوى التعليم هاجس لكل من يتصدى لهذه المسؤوليات من حكومات ومربين ومخططين، وهو طريق طويل لكنه ضروري ولابد منه.
في زماننا كان الحصول على معدل 60% - 70% نسبة النجاح في الثانوية العامة تتيح المجال للحصول على منحة دراسية أو بعثة في إحدى الجامعات المتقدمة العربية أو الأجنبية، أما الآن فنحن نتكلم عن نسب من 90% فما فوق، والغريب أنه ليس في الدراسات العلمية وإنما حتى في الدراسات الأدبية، وهذا هاجس كبير يقلق أولياء الأمور كما يقلق الطلبة أنفسهم.
تعددت جامعتنا الخاصة في أوطاننا بالإضافة إلى الجامعات الأهلية التي تدار من قبل الحكومات، وأصبح المستوى والتخصص العلمي والفني موضع اهتمام من قبل الطلاب وأولياء الأمور، والتعليم كان ولا يزال طريقًا للوظيفة في القطاع العام أو القطاع الخاص، وكانت الوظائف الحكومية تمثل النسبة الأكبر لخريجي الجامعات على الرغم من محدودية العمل الحكومي، ثم تغيرت الأحوال فأصبح القطاع الخاص جاذبًا للخريجين ومن بين ذلك البنوك الوطنية والبنوك العالمية التي فتحت لها فروعًا متعددة في أقطارنا، بالإضافة إلى الشركات الكبرى خصوصًا الصناعية منها، ورغم ذلك فإننا عندما نتكلم عن فترة السبعينات نجد أن الوظائف يومها كانت محدودة، والخريجون كانوا أول باب يطرقونه للتوظيف التربية والتعليم وحتى أولئك الذين لم يأخذوا التربية والتعليم كتخصص أو كمادة إضافية لبعض الدراسات وكانت وقتها الحكومة قد خصصت راتب 95 دينارًا لخريجي الجامعة للعمل في الوظائف الحكومية، وكان أمام الخريجين مجال للترقي من خلال إثبات مقدرتهم والسنين التي يقضونها في الوظيفة وكان مجال الترقي مفتوحًا من مراقب إلى رئيس قسم إلى مدير ووكيل مساعد أو وكيل وزارة، وكان هذا يقاس بالسنين والكفاءة الإدارية.. أتذكر يومها كان المخططون قد أطلقوا دعوات بأن يكون هناك توجيه لراغبي الدراسة الجامعية أن يختاروا التخصص العلمي والأكاديمي الذي تستوعبه الوظائف وسوق العمل، وانيطت مسؤولية التوجيه لإدارة البعثات في وزارة التربية والتعليم بتوجيه الراغبين في الدراسة الجامعية وخصوصًا الحاصلين على منحة دراسية أو بعثة طلابية في إحدى الجامعات العربية والأجنبية باختيار التخصص الذي يطلبه سوق العمل، وقتها متفوقو العلمي كان الأهل يتمنون عليهم أن يلتحقوا بكليات الطب أو الهندسة لحاجة سوق العمل لهم، مع تغير الظروف والأحوال أصبح هذا التخصص لا يستوعبه سوق العمل، وأصبح البحث عن مجالات أخرى ضروريًا وحتميًا خصوصًا لمن هم ينظر إليهم بأنهم يحملون راية المعيشة عن آبائهم الذين بذلوا الكثير من أجل وصولهم العلمي لهذا المستوى.
يظل هذا الهاجس مقلقًا لنا جميعًا لمخططي الاقتصاد الوطني وكأولياء أمور ومجتمع بشكل عام، فالعلم هو طريق المستقبل لأبنائنا وفلذات أكبادنا وحصولهم على الوظائف المناسبة التي تجعلهم يعتمدون على أنفسهم ويشقون طريقهم في الحياة، وبدأنا نستشعر هذه الحاجة عندما شحت الوظائف المتاحة وبدأت التغيرات في معطيات الحياة، وتعقدت الظروف وأصبحت التحديات على المستوى العالمي والمستوى الإقليمي والمستوى المحلي وبدأ التفكير في تطوير وظائف القطاع الخاص مع وضع الشروط والأهداف التي تحمي المواطنين من التعطل والحصول على الوظيفة الملائمة... صحيح أن بعض الدول استشعرت أهمية ذلك لمستقبل الوطن وأبنائه مع التكيف المناسب لإمكانيات الاقتصاد الوطني وفتح أسواق للقطاع الخاص من خلال مؤسسات وطنية تفتح آفاقًا للتوظيف المناسب بما يحمي المواطنين من التعطل ويضيف الجديد إلى الاقتصاد الوطني... نحن عشنا فترة الخمسينات والستينات وحتى السبعينات وكنا نشاهد أبناء الوطن أصحاب الخبرة والتجربة الحياتية وهم يقومون بأعمال البناء والتشييد ويقومون بأعمال الكهرباء والسباكة وتوصيل المياه، وكانوا وخصوصًا من تقاعد منهم من الشركات وعلى رأسها شركة النفط بابكو يقومون بتوصيل الطلبة إلى مدارسهم خصوصًا أبناء القرى الذين التحقوا بالمدارس الإعدادية والثانوية في المنامة للبنين والبنات، فكان البحريني هو من يقوم بتدبير شئونه، والتعارف بينه وبين أولياء أمورهم يجعل الحياة في مجتمعنا سهلة وميسورة.
نحن بحاجة إلى مراجعة سلوكنا الوظيفي وقدرتنا على تجاوز السلبيات التي بدأنا للأسف الشديد نعاني منها، ولنكن متفائلين في الحياة ونعمل جاهدين من أجل خير وطننا بالاعتماد على أنفسنا وتهيئة الظروف الاجتماعية والتعليمية والاقتصادية بما يلائم الحياة التي نعيشها بكل تعقيداتها وتحدياتها، ونحن ولله الحمد نملك من الرصيد الاجتماعي والتجارب الحياتية مما يجعلنا نتكاتف مجتمعين للبذل والعطاء لخير الجميع.. كنا في أحد المجالس الأسبوعية التي بدأت تنتشر في مجتمع مملكة البحرين، وكان الحديث عن البحرينيين وكيف هم كانوا يشار إليهم بالبنان في أعمال الشركات والبنوك والصناعات وكانوا بارزين في مهنهم بل تم الاستعانة بهم من قبل الأشقاء بمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالإضافة إلى مديري البنوك الوطنية وقدرتهم على إدارة البنوك الدولية والإقليمية وبرزوا في مجالهم مما ساهم في التطوير والبناء وأصبحت مملكة البحرين ولله الحمد مركزًا مهمًا للبنوك الدولية وبنوك الأفشور كما كان الحديث عن أولئك الرياضيين الذين برزوا في مجالات الرياضة المحلية والإقليمية والعربية ككرة القدم والسلة والطائرة واليد وإدارتهم للأندية الوطنية و الاتحادات الرياضية ولله الحمد نجد اليوم هذا الاهتمام من قبل القائمين على الرياضة والشباب في بلادنا بقيادة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة قائد الحرس الملكي البحريني ومستشار الأمن الوطني ورئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة، وسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس الهيئة العامة للرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية.
إننا بتكاتفنا وعتمادنا على أبنائنا بالإضافة إلى أنها مسؤولية وطنية ونظرة ثاقبة للمستقبل وبناء الوطن العزيز فإننا بقيادتنا الرشيدة وبتوجيه وطني من قبل حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه قادرون على إنجاز الكثير بدعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورؤيته الثاقبة للبحرين 2030م وتحقيق الإنجازات التي نفخر بها ويفخر بها وطننا العزيز.
إن التكاتف المجتمعي والحرص على تحقيق ما نصبو إليه جميعًا يجعل من إمكانياتنا ولو كانت متواضعة فإن الإيمان والعزم والتصميم على إنجاز الكثير يجعل الشعوب المحبة للسلام تملك القدرة للتغير والبناء والنماء، والتكاتف المجتمعي عامل مهم في تطوير البلدان التي تتطلع دومًا لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والرياضي، وتحقيق كل ما يطمح إليه أبناء الوطن...
سنظل نعمل جاهدين لتحقيق كل ما من شأنه بناء الوطن وبتكاتفنا وتعاوننا نحقق الكثير مما نصبو إليه ومواجهة التحديات بالعلم والمعرفة والإرادة والتكاتف المجتمعي لما فيه الخير للوطن وأهله.