آخبار عاجل

حرب فلسطين .. بين احترافية الإعلام وفضفضة المصاطب.. بقلم: محمد مصطفى الخياط

02 - 11 - 2023 10:55 207

سبق وكتبت في السابع من مايو الماضي وفي ذات الزاوية مقالاً بعنوان (كيف تُقرأ المقالات)، عرضت فيه لاختلاف مفهوم ورسالة النص لدى القُراء. عادة نقول (الحقيقة واضحة كالشمس)، وهذا صحيح، ولكن في أي مكان تقف أنت من الحقيقة.
لتقريب المفهوم، الواقف عند ذيل فيل لا يرى خرطومه الطويل ونابيه العاجيين الذين وصفتهم وأنت تقف قبالة رأسه، ولأنه يعلم يقينًا أن لكل حيوان رأس بها عين وأنف وفم وأذن، راح الواقف عند الذيل يتخيل تلك الأعضاء فاقترب وابتعد من الحقيقة بمقادير متباينة، حتى إذا استمع للواقف أمام الرأس صار عليه تصويب استنتاجاته، والعكس صحيح، وهذا سلوك يبدو مثاليًا.
ذكرت المثال لصديق اتصل للتعقيب على المقال، ثم أردفت (المأساة، أن يتمسك كل طرف بما يراه دون غيره)، فعقب مبتسمًا (هذا إن اتفقا أنهما أمام فيل وليس أرنب !!).
في ذات الصدد، تلقيت عدة تعقيبات على مقال الأسبوع الماضي (التصورات الذهنية وحرب فلسطين)، أولها خاص بالعنوان؛ وأن من الأحرى ذكر (غزة) وليس (فلسطين)، ولا أبالغ أنها ملاحظة متوقعة، فقد ألهتنا فظائع غزة عما يجرى في الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث قُتل أكثر من مائة فلسطيني، واعتقل ما يزيد عن 1350 شخص، وكما أشار باسم يوسف في حواره التليفزيوني مع المذيع الإنجليزي بيرس مورجان، ما معناه (أن لا حماس في الضفة، فلماذا يقتل الفلسطينيون هناك). إذا هي حرب على عموم فلسطين وليس جزءً منها، وهو ما يجيب أيضًا على الملاحظة التالية؛ لماذا حرب فلسطين، وليس الحرب في فلسطين، أضف إلى ذلك أن الحرب في فلسطين بدأت منذ عام 1948 ولم تتوقف حتى الآن، فلم تعد في حاجة إلى أداة تعريف (ال) لتمييزها عن غيرها.
أيضًا، رأي البعض –وهذا كامل حقه- أن قصر مرجعية اتخاذ القرارات على ما تشكل من صور ذهنية أمر فيه مبالغة، وهذا رأي اتفق معه، إلا أن اتباع المنهج العلمي يحتم علينا فهم منهجية اتخاذ قرار ما؛ فبشكل عفوي يجمع الإنسان البيانات والمعلومات، غثها وثمينها، ثم يفحصها ويختبرها، فيستبعد رديئها ويحتفظ بجيدها، ومن هنا تتكون الحقائق والبراهين وتستقر في ذهن الشخص فيتخذ قراره، عندها يتطابق يقينه مع الصورة الذهنية.
إذًا فمن أين تأتي الصورة الذهنية الخاطئة، والإجابة بسيطة للغاية، تأتي من عناصرها الأولى؛ البيانات والمعلومات، فالفيل في مفتتح المقال ليس سوى الحقيقة التي ينظر لها العالم من زوايا مختلفة، ولأنه حيوان ضخم، فلن يكون بمقدور الواقف في جانب رؤية الجانب المقابل، لكنه يستطيع معرفة تفاصيله إن وَثَقَ فيما رواه الواقف قبالته، وهذا أمر محل شك في عالم تسوده الانتماءات، وكما أشارت الإعلامية رحمة زين في مقابلتها مع توني خليفة، (لا يوجد إعلام محايد)، فما ترويه أنت عن فظائع إسرائيلية منذ أكثر من خمس وسبعين عامًا، يراه الغرب بعين مختلفة كل الاختلاف، حيث تربى وتعلم الغربي في مدارسه أن الأرض أرض إسرائيل، وأن الدولة الفلسطينية اختراع يدعيه العرب الإرهابيون لاقتطاع جزء من أرض الميعاد، ليصبح السؤال كيف نغير هذه المفاهيم.
وعلى ذكر الإعلام، ألزمتنا حوارات بيرس مورجان مع باسم يوسف، ومحمد حجاب، والسفير الفلسطيني في لندن، وكذلك رحمة زين، وحتى مع شخصيات إسرائيلية، النظر فيما نسميه إعلامًا عربيًا لا يخرج في كثير من حالاته عن (فضفضة مصاطب) لا تتجاوز أصداؤها عتبات الحارة، فيظن السذج أنهم قلبوا الطاولة على مناوئيهم، ولهذا حديث آخر. حفظ الله الوطن.


 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved