بعد مرور سنة على تشكيل الحكومة برئاسة السيد محمد شياع السوداني، يمكن القول انها حكومة منسجمة تعمل بهدوء وتعاون بين اعضائها ووضعت الاسس الصحيحة للتقدم الاقتصادي وحل مشاكل البلاد في هذا الملف، وتمكنت من تمرير موازنة السنوات الثلاث بسلاسة في البرلمان، وتسير الحكومة نحو حل المشاكل مع اقليم كردستان بعقلانية أدت الى حلحلة الكثير من العقد، وتطورت العلاقة مع دول الجوار واستعاد العراق صوته الحقيقي بفضل الانسجام بين السوداني ووزير الخارجية د.فؤاد حسين الذي يقود الدبلوماسية العراقية بحنكة وسط حقل من الازمات الدولية والاقليمية المفخخة.
وكمؤرخ وأحضر في جلسات مجلس الوزراء، أشهد لهذه الحكومة بأنها تتخذ قراراتها بناء على الحوار والتفاهم وبدون فرض للارادات او تفرد بالقرارات، عبر النقاش الموضوعي وتبادل الاراء.
ورغم خروج الصدريين من العملية السياسية إلا إنهم لم يعملوا على اثارة الفوضى او تعكير الاستقرار نظرا لإلتزامهم بتعليمات زعيمهم السيد مقتدى الصدر الذي يرفض إثارة الفتن وتعكير الأمن.
وعندما نأخذ كل هذه المكاسب في عين الاعتبار من جهة، ونرى بالعين الاخرى حقيقة السياسة في النظام الديمقراطي القائم على الفصل بين السلطات مما يجعلها بحرا يعج بالمتغيرات، يكون من الضروري التعامل مع قرار القضاء بابعاد السيد محمد الحلبوسي من البرلمان بروية وتعقل لتفويت الفرصة على اعداء العراق الذين يرغبون باثارة الفتن والقلاقل وخاصة من الصهاينة واعوانهم، وبناء على ذلك ارى ان من الضروري رفض الاستقالات التي تقدم بها الوزراء من حزب تقدم الذي يرأسه الحلبوسي، نظرا لكفائتهم ونجاحهم في عملهم وانسجامهم مع رئيس الوزراء وفي مقدمتهم د. محمد تميم الذي واكب تأسيس العملية السياسية منذ انطلاقها وخرج من رحمها ويدرك كل تفاصيلها وصار خبيرا فيها، وأنا مطمئن الى ان السيد السوداني سوف يرفض الاستقالات.
إن الازمة الراهنة تتطلب من قادة العملية السياسية وفي مقدمتهم السيد مسعود بارزاني والسيد المالكي والسيد الصدر والسيد الحكيم والسيد فالح الفياض وكل القادة المخلصين للعراق، التشاور سريعا لحل المشكلة، كما ان الواجب الوطني يدعو السيد الحلبوسي للتعامل مع قرار القضاء بروية وحكمة فهو مازال شابا والمستقبل امامه لتطوير حزبه والمحافظة على قاعدته الشعبية خاصة ونحن على ابواب انتخابات مجالس المحافظات التي يجب الالتزام بتنفيذها في موعدها.
يجب ان تبقى مصلحة العراق والعراقيين والاستقرار الامني والاجتماعي للبلاد فوق كل إعتبار وهذه مسؤولية الجميع ولا يمكن التنصل منها.