إذا كان مؤتمر الرياض بالمملكة العربية السعودية الشقيقة قد ضم قمة عربية وإسلامية بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود عاهل المملكة العربية السعودية الشقيقة حفظه الله ورعاه، وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله ورعاه وما توصل إليه القادة من آراء ومن تصميم على الانتصار لقضية فلسطين العادلة كونها هي قضية العرب الأولى وبمساندة وتأييد من الدول الإسلامية التي تدرك بما لا يدع مجالاً للشك وجود القدس والأراضي المقدسة والتي يجمع العرب والمسلمون على أن تبقى منارات الإسلام التي من الواجب على كل مسلم ومسيحي أن يؤمن بقدسيتها ويعمل على حمايتها وأن تبقى منارات يهتدى بها وحرمتها واجبة والمحافظة عليها لممارسة الشعائر التي يجمع عليها مختلف الأديان السماوية، ولتبقى منارات هداية يؤمها من يؤمن بقدسيتها وحرمتها وحرمة من يعيشون فيها أو حولها...
وإذا كانت هناك الكثير من القواسم المشتركة بين العرب والأشقاء والأصدقاء في عالمنا الإسلامي، وجمعتنا من خلال المنظمات الإقليمية جامعة الدول العربية بالقاهرة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة قضايا مصيرية مثل التحديات التي تواجه عالمنا العربي سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا ومثلها أيضًا ما يواجه العالم الإسلامي، فإن المطلوب منا منذ هذه اللحظة أن يلتئم شملنا، وقمة الرياض يوم السبت 11/11/2023 أثبتت حتى مع مختلف التوجهات، فإننا لا يمكن أن نتغاضى عن المشتركات وهي كثيرة، ومنها بالضرورة المواقف السياسية والتي فيها الكثير مما يمكن أن يقال عن التباين ولكننا لا يمكن أن ننسى المشتركات والتي بالإمكان تنميتها والبناء عليها.
نحتاج إلى المصارحة نعم، ونحتاج أن نبين ما نختلف عليه ولكننا يجب أن لا ننسى ما نتفق عليه، ودائمًا المستقبل يضعنا أمام تحدي سافر، ويفرض علينا الواجب أن نلبي نداء الإسلام الذي يدعونا لرص الصفوف والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره والقدرة على تملك الإرادة الصلبة التي تمهد لنا الطريق للتفاهم، فالمشتركات كثيرة، وعندما نتكلم عن المصير فإن شعوبنا المحبة للخير والنماء والاستقرار يهمها بالفعل أن تترجم الأقوال إلى أفعال وأن نثبت أن النوايا المخلصة هي الشعار والهدف الذي يأمله منا أبناء العروبة والإسلام على حد سواء وكلما ابتعدنا عن بعضنا كلما وجدت الخلافات والتباينات من يغذيها وينفخ فيها لا من أجل الخير والبناء والنماء وإنما من أجل التدمير والضعف والهوان.
فالخير في بلادنا يقابله حاجة أشقائنا ومن هم على قناعة بالاستفادة من ما هو متاح، وكلما اقتربنا من بعضنا بعضًا استطعنا أن نوحد شملنا ونتغلب على التحديات والنزاعات والمؤامرات التي تحاك ضدنا وتدق أسفينًا في علاقاتنا مع بعضنا بعضًا...
نعم هناك خيرات كثيرة في أوطاننا العربية والإسلامية، وإذا خلصت النوايا وأصبح التصميم هو القاطرة التي تقودنا إلى الاستفادة من بعضنا بعضًا عندها نكون قد ملكنا بإرادتنا ما نملك ونهب ما يفيد في البناء، والنماء اقتصاديًا وتنمويًا واجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا أخوة لنا في العروبة والإسلام.
وإذا طرحنا سؤالاً بريئًا على أنفسنا وهو هل نحن بالفعل مدركين وملمين للقدرات والكمائن التي توجد في بلادنا واستثمارها الاستثمار الحقيقي الذي يعود مردوده خيرًا على بلادنا وشعوبنا؟ وما هو النقص الذي عندنا وما هي الدول التي تملك الفائض الذي نستطيع من خلاله الاستفادة ولا يعني ذلك أن لا نأخذه بغير ثمن وإنما المنفعة المتبادلة وتسخير المال فيما ينفع ويفيد الطرفين.
لقد مررنا بظروف مماثلة ليومنا الحاضر وواجهنا التحدي كل على طريقته وإمكانياته، وأصبح البعض للأسف الشديد يتفرج والبعض الآخر لا يكترث والبعض الآخر يشمت وكأن ما يجري لقطر شقيق أو صديق لا يمس الآخرين وإذا بنا نكتشف أننا كنا جميعًا المعنيين بالذي أصاب بعضنا، والبعض الآخر وجد نفسه في عداد المتفرجين أو ربما في عداد من ينتظرون دورهم.
ولكي لا نعيش في التنظير النظري فإن التفكير منا يتطلب أن نرى ما هي عناصر القوة فنستفيد منها، وما هي عناصر الضعف فنقويها ونعمل على تقويتها وتدعيمها.
المؤتمرات السياسية ضرورية وحتمية وخطوة المملكة العربية السعودية الشقيقة في عقد القمة العربية الإسلامية بداية الطريق الصحيح نحو البناء والنماء، فشكرًا للمملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة هذا التوجه المحمود والخطوة المباركة والبداية ولله الحمد قوية ومثمرة وبناءة إن شاء الله.
نتمنى أن نلتقي كأمة عربية وإسلامية في ميادين وأنشطة شتى فأمامنا المنافع الاقتصادية والتجارية والثقافية والاجتماعية والرياضية، والاستثمار في هذه المجالات يزيدنا قوة ومنعة، وعلينا أن نؤمن بأننا سنواجه التحديات وسنواجه من لا يؤمن بما نقول ويعتقد أننا نحلم ولا نعيش الواقع وإنما الأيام أثبتت أن الحلم قد يصبح حقيقة بل وحقيقة ماثلة يعود مردودها خيرًا. أعلم أن هذه الدعوة قد تكون عند البعض من نسج الخيال وكل ما نملك هو أن نأمل وننشد الخير للجميع وأن يعمل كل واحد منا في المجال الذي تخصص فيه وأصبح مرجعًا يستفاد منه، لأن الآمال كبيرة ونحن نواجه تحديات جسام تتطلب منا أن نكون على قلب رجل واحد، ولأبناء أمتنا الدور الإيجابي والفعَّال، فلنترك لهم المجال للإبداع والتميز والتفكير الجماعي للخير والبناء والنماء، والله الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد.