الحرب لا يتم الفوز فيها بالسلاح فقط، ولكن أيضاً يلعب سلاح الإعلام والتأثير إلى اتجاهات الرأي العام دوراً أساسياً فيها.
أحياناً يمكن للدبابة أن تنتصر في ساحة القتال، لكنها لا تجد نصيراً لها ولدورها في مجال الرأي العام.
في حرب غزة، يمكن تدريس أثر الرأي العام الذي تفوق على أثر وفاعلية جيش إسرائيل، الذي يعتبر الجيش رقم 14 في العالم، الذي تبلغ موازنته السنوية 24 مليار دولار مقابل عدوّه الحمساوي، الذي تبلغ موازنته 300 مليون دولار سنوياً.
رغم أن إسرائيل هي عاصمة النادي الإعلامي في العالم بواسطة قوة تأثير الصوت اليهودي على مراكز اللوبي الإعلامي في العالم، إلا أن ذلك لم ينفع إسرائيل هذه المرة.
تقول استطلاعات الرأي العام إن 31 % من مجموع اتجاهات الرأي العام العالمي كانت داعمة للموقف الإسرائيلي مقابل 69 % من العينة كانت تدعم الموقف الفلسطيني.
ويدل هذا الاستطلاع على أن الرأي العام بعد 6 أسابيع قد تحول أكثر لصالح الفلسطينيين إلى حد أن 95 % من العينة ذاتها قد تحولت إلى دعم الموقف الفلسطيني مقابل 5 % لصالح إسرائيل.
قد تكون إسرائيل قد أحرزت خسائر غير مسبوقة في مسرح العمليات في مراحل الاختراق، ثم التمركز، وأخيراً المطاردة والتطهير العرقي، لكنها بالتأكيد خسرت، وبقوة، معركة الرأي العام الدولي.
من لندن إلى باريس، ومن برلين إلى نيويورك خرجت تظاهرات في الشارع العادي دعماً للفلسطينيين من قبيل استنكار الجرائم الوحشية لما فعله جيش الاحتلال.
في عالم أصبح كله يتم ربطه عبر شاشة وعين وصوت واحد موحّد، أصبح التراكم البصري اليومي لصور القتل والهدم والتهجير للنساء والأطفال وللمدنيين العزّل ورقة الحسم التي هزمت سطوة قوة السلاح الإسرائيلي.
هذه الحرب أثبتت أن التفوق العسكري حتى لو بلغ حد الوحشية غير المسبوقة قد تهزمه 30 ثانية على شاشة تقرير تلفزيوني.