في يونيو من سنة 2022 قررت الهيئة الوطنية للصحافة في مصر وقف إصدار مجلة «الكواكب»، أشهر وأقدم المجلات الفنية في مصر والعالم العربي، ورقياً ودمجها في مجلة «طبيبك الخاص» ضمن مجلة «حواء» النسائية التي تصدر عن مؤسسة «دار الهلال»، مع إنشاء موقع إلكتروني خاص لكل إصدار.
كان الخبر صادماً لكل أهل الفن ممن ظلت «الكواكب» منذ تأسيسها ناطقة بلسانهم ومصدراً موثوقاً به لأخبارهم على مدى السنوات التسعين من عمرها الورقي، فسارع عدد منهم إلى إصدار بيان إعادة النظر في القرار المذكور، عادّين أن إيقاف «الكواكب» إلغاء لاسم مجلة فنية عريقة كانت معبرة عن القوى الناعمة في مصر والعالم العربي، وأدت دوراً تنويراً في الحركة الثقافية والفنية العربية، وكان التبرير الذي قدمته الهيئة الوطنية للصحافة لاتخاذها ذلك القرار تعثر الصحافة الورقية، وارتفاع تكاليف الورق والطباعة وانحسار أعداد المشتركين.
والمعروف أن العدد الأول من «الكواكب» صدر في 28 مارس من سنة 1932، عن مؤسسة دار الهلال التي أسسها الصحافي والكاتب اللبناني جرجي زيدان، وبيعت وقتذاك بسعر 5 مليمات للنسخة الواحدة، وكان على غلافها صورة للمطربة نادرة، وكانت في بداياتها تنشر ملخصات لأفلام السينما المعروضة في دور العرض المصرية أو أخبار الأفلام الجاري تصويرها، وأحاديث ومقابلات مع النجوم، ومقالات لرجال السينما والفن، وذلك تحت إشراف إميل وشكري زيدان ولدي مؤسسها.
وجاء عددها الأول محتوياً على تقرير عن كواليس فيلم «أولاد الذوات» (1932) للمخرج محمد كريم، وتقرير آخر يتحدث عن فرق أجور نجوم السينما في مصر وأجور نجوم هوليوود، وتقرير ثالث عن أشهر الفرق المسرحية في مصر، وتقرير رابع عن كيف يحفظ الممثلون أدوارهم، علاوة على حوار مع النجم الكوميدي علي الكسار عن تجربته السينمائية والمسرحية.
بدءاً من سنة 1949 تم تعيين رئيس تحرير متفرغ للمجلة، فتوالى على هذا المنصب حتى إيقاف المجلة كل من: فهيم نجيب ومجدي فهمي وسعد الدين توفيق ورجاء النقاش وراجي عنايت وكمال النجمي وحسن إمام عمر وحــُـسن شاه ورجاء النقاش (مرة أخرى) ومحمود سعد وفوزي إبراهيم وهشام الصواف وأسعد غريب.
وكان الظهور على غلافها حلماً يتسابق عليه نجوم الفن المصريون والعرب، لأن ذلك كان بمقام جواز مرور لهم نحو الشهرة وعالم الأضواء واعترافاً بمواهبهم، كما كان السباق على أشده بين القراء للحصول على نسخة، وخصوصاً أن المجلة ابتدعت منذ خمسينيات القرن الماضي فكرة إرفاق كل نسخة من نسخها بـ«بوستر» مصور لأحد نجوم أو نجمات السينما هديةً مجانية لعشاق الفن السابع. ولاحقاً ابتدعت المجلة فكرة إرفاق بعض أعدادها بأسطوانة بلاستيكية مجانية محتوية على أغنية جديدة للعندليب عبدالحليم حافظ أو فريد الأطرش أو محمد عبدالوهاب أو نجاة أو صباح.
وهكذا كان للمجلة فضل كبير على مجتمع الفن، فهي التي أسهمت في إشهار نجومه أو نقل أخبارهم أو الترويج لأعمالهم أو التعريف بحياتهم الخاصة وهواياتهم، كما كان لها فضل مماثل على القراء من عشاق السينما والمسرح لجهة الارتقاء بخياراتهم ومعارفهم الفنية أو لجهة وضعهم في صورة تفصيلات القضايا المثارة في عالم الفن، فمثلاً أثارت المجلة في أحد أعدادها الأولى قضية كفاح الفنان الكبير زكي طليمات من أجل إنشاء أول معهد للتمثيل في مصر في الثلاثينيات، وإلحاق الفتيات به، وهو معهد سرعان ما تم إغلاقه تحت ضغط القوى المحافظة، ليعود ويفتح أبوابه بعد 12 عاماً من إغلاقه بمنهج علمي أفضل، بينما أثارت المجلة في أحد أعدادها الأخيرة قضية وفاة (أو مقتل) سندريلا الشاشة العربية الفنانة سعاد حسني الغامضة في لندن في سنة 2001، هذا ناهيك عن قضايا خلافية متنوعة كثيرة من تلك التي كانت ساحات القضاء مكاناً للفصل فيها.