حسنًا فعلت مملكة البحرين بانطلاق التخييم في بر البحرين في أوقات محددة بحيث يتاح للمخيمين قضاء أوقات ممتعة مع أسرهم وأصدقائهم بما يتناسب مع المحافظة على البيئة الطبيعية في فصل الشتاء بحيث تتاح الفرصة للأسر للالتقاء في أجواء طبيعة مملكة البحرين، وقد بينت الدولة أوقات بدء التخييم وانتهائه مع المحافظة على نظافة البر والالتزام بما يفرضه التخييم من قيم اعتدنا عليها في أزمات سحيقة، بحيث يتمتع الجميع بفصل الشتاء بما يضفي علينا وعلى أهلنا بكل ما في التخييم من أنشطة رياضية أو ألعاب مسلية إلى التمتع بعمل حفرة تقاد فيها الأخشاب أو الفحم لتكون بمثابة التدفئة وفي نفس الوقت مكانًا للشواء.
أهل البحرين اهتموا كثيرًا بالتخييم من قديم الزمان أسوة بالأشقاء أهل الخليج العربي، وقد فرضت قيم التخييم علينا قواعد وقيم على الجميع الالتزام بها وتشجيعًا للمحافظة على مكان التخييم، فقد خصص سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة مستشار الأمن الوطني قائد الحرس الملكي البحريني أمين عام مجلس الدفاع الأعلى وممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة جائزة مالية أسبوعية لأفضل مخيم في موسم التخييم.
وموسم التخييم انطلق اعتبارًا من 10 نوفمبر 2023 حتى نهاية الموسم في 29 فبراير 2024م.
إن الحرص على النظافة والاعتناء بالبر والتخييم ظاهرة حضارية ودليل على اهتمامنا بهذه النعمة التي حبانا بها الله سبحانه وتعالى.
لزمن التخييم ذكريات جميلة لأبناء البحرين والخليج العربي كما أن بعض الدول العربية الأشقاء يستمتعون بطبيعة البر في موسم الشتاء، وإحساسنا بالاندماج مع الطبيعة يضفي على أوقاتنا ساعات من البشر والحبور، ومنظر الأطفال وهم يستمتعون بالطبيعة مبعث ذكريات نحن إليها ونعيش ذكريات تلك الأيام بما حبانا الله من نعمة تحتاج إلى شكر، فالطبيعة عندما تجود تجعل من أيامنا فرحًا وسرورًا وغبطة نحتاج لأن نستغلها أحسن استغلال بما يفيد الجميع، لازلنا نذكر تلك الأيام التي كنا نبحث عن الكمأة «الفقع» بأنواعه وأحجامه في البر الذي نقصده، وجاء علينا وقت كنا نجد «الفقع» في كثير من مناطق البحرين خصوصًا تلك الأراضي البكر التي لا تتعرض لمرور الحافلات عليها.
البر يذكرنا بتلك الأيام التي يخرج الجميع من أجل التمتع بأجمل أيام الشتاء.
حبانا الله بطبيعة فيها البر وخيراته ومواسمه، والبحر الذي هو عشق أهل البحرين، كان الصيف مرتعًا لأطفالنا في البحر بعد عطلة المدارس كذلك خيرات البحر من أسماك بأنواعها بمثابة رزق للكثير ومتعة للهواة.. لقد عشنا تجربة البر في الشتاء وما يجود علينا بالخير، كذلك البحر الذي هو مصدر رزق للكثير وفي نفس الوقت متعة وسرور لمن يجد فيه المجال للسباحة والإبحار بالسفن التقليدية الصغيرة.. عشنا على أحلام الآباء والأجداد في أن يكون البحر مصدر الرزق من قديم الزمان، ونحتاج إلى أن نهتم بما لدينا من بحار، فقد فطرنا على حب البحر، وكان في زمان بعيد البحر مصدر رزقنا من خلال محار اللؤلؤ والأسماك وتجفيفها للاستهلاك والتصدير لمن يرغب في الاستفادة من الأسماك المملحة بأنواعها المتعددة.
تظل الطبيعة تجود علينا بخيراتها ونعمائها، وعلينا أن نستفيد من هذا البحر المعطاء ونعيش تجربة التمتع بجمال البحر وخيراته وإحساسنا بأننا أبناء البحر، نتعاطف معه ونسعد برؤيته ونسعى للرزق الحلال من خلال الحظور والشباك وأقفاص السمك.. لقد عشنا التعاون فيما بيننا عندما يتم نصب الحظور أو الإهتمام بصيانة السفن الصغيرة والكبيرة لكي تكون في وضع يسمح لها بالإبحار طلبًا للرزق الحلال. لقد تجسدت كل معاني التعاون والتكاتف والتآزر من أجل ضمان الرزق للأصدقاء والجيران والأهل، فبقدر ما تعطي الطبيعة تعطيك هي أكثر من ما تتوقع.
نحتاج لأن نعيش فرحة تلك الأيام عندما يتم إنجاز سفينة جديدة فيتضامن الناس فيما بينهم لإنجاز ما تبقى من السفينة الجديدة والتي يطلقون عليها «أوشار» أي جديدة تحتاج لأن تكون في البحر لمدة معقولة ويتم نزف الماء الذي دخل عليها كون بعض الأجزاء تحتاج إما لإصلاح وترميم أو معالجة الخطأ الذي طرأ على السفينة «الأوشار».
كان البحر ولا يزال الأثير إلى نفوسنا ونحن نسعد برؤية البحر في هدوئه وغضبه، ونحتاج دائمًا للبحر في حياتنا كمصدر للرزق أو ممارسة هواية الصيد أو الاستحمام وتعلم السباحة، في زمان مضى كان المحظوظ هو من يجاور البحر وإن كان أحيانًا غضب البحر يترك أثرًا سلبيًا على البيوت والطرق وتتعرض السفن لأضرار تحتاج إلى وقت لترميمها.
البحر هو الصديق والرفيق وهو مصدر رزق للكثير كما أنه علاج لمن يحتاج إليه وهو المنظر الذي يجذبنا للتمتع بجمال البحر والاستفادة من خيراته الجمة. إن أبناء الجزيرة يعشقون البحر في هدوئه وغضبه، وتسعدهم خيراته العميمة، ونظل نحن إلى تلك الأيام الجميلة، ويظل تعلقنا بالبحر من قبيل الأنس والفرح، كذلك الإحساس بأهميته في حياتنا ومصدر رزق الكثير من أبناء الوطن الذين عشقوا الطبيعة الغناء، وعاشوا قريبين من أمواجه وما تقذفه هذه الأمواج من خير وفير.
نعم نعيش الفرح بالبر وما يضيفه لحياتنا من بهجة ومتعة، كذلك نعيش الفرح بالبحر الذي هو كان مصدر رزقنا من الأجداد والآباء إلى الأبناءـ وتظل الطبيعة في بلادنا والحمد لله معطاءة وتزخر بالخير الذي هو المطلوب في حياتنا الحاضرة والمستقبل. حفظ الله بحرنا ومياهنا الطبيعية والخير الذي تجود به أرضنا الغناء لنسعد أنفسنا ونسعد الآخرين لما يعود على وطننا بالخير والأمن والأمان.