أكثر من نصف عقد من الزمن، وقادة دولة الإمارات اختاروا خطاً ومساراً خاصاً بهم أو مقاربة بنيوية لتأسيس دولتهم الاتحادية.
وهذا ما يسمى في نظريات العلوم السياسية برؤية القائد الذي هو أحد المتغيرات المؤثرة في تشكيل الدولة أو بنائها، ولعل هذا أحد أسباب أو سر نجاح هذه التجربة التنموية التي ما زالت تبهر العالم بنجاحاتها المتوالية.
دولة الإمارات تتواجد في وسط حالة إقليمية وبيئة دولية ذات طبيعتين اثنتين. الطبيعة الأولى: أنها في منطقة جيوسياسية مليئة بالكوارث والأزمات وهي تمثل تحدياً لكل الدول وتحتاج إلى إدارة تلك الأزمات بشيء من الحكمة والعقلانية المتوازنة لأن الوضع فيها أشبه بمن يسير وسط «حقل من ألغام» سياسية.
ما يعني أن الإمارات حالها كباقي الدول تتأثر بمجريات الأحداث وتتفاعل معها بالطريقة التي قد تؤثر سلباً، هذا لم يغير من مساراتها التنموية، لكن الحقيقة التي ينبغي أن يدركها الجميع وهو يتعامل مع هذه الدولة أنها إن قررت الوصول إلى هدف ما لا تتوقف عن سعيها في تحقيقه، وهذه الحقيقة ناتجة من واقع احترافية التعامل مع كل المتغيرات.
وذلك بفضل وجود قيادة سياسية تدير منظومة العمل الحكومي بطريقة تستطيع الفصل بين الملفات وعدم تداخلها والسيطرة على المتغيرات بما لا تؤثر سلباً على أهدافها الوطنية. أما الطبيعة الثانية للبيئة التي تتواجد فيها دولة الإمارات فيمكن وصفها بأنها: «عقدة نفسية» لأشخاص وتنظيمات ليس لديهم هدف سوى تشويه التجربة الإماراتية والإساءة إلى كل الأفكار الرائدة التي تطرحها الدولة.
فالحملة الإعلامية ضد اختيار معالي سلطان الجابر ليكون رئيساً لـCOP 28 تندرج تحت هذه العقدة وهي ناتجة عن وجود أجندات وشعارات سياسية هدفها تشتيت العمل الوطني الناجح من خلال اتهامات لا أساس لها من الصحة بقدر ما هي أوهام في أذهان المرضى. إلا أن المؤسف في الأمر أننا كنا نعتقد أن هذه «العقد» مقتصرة على أصحاب فكر أيديولوجي إقليمي ولهم مؤيدوهم في مجتمعاتنا العربية.
ولكن يبدو أن هذا «المرض السياسي» له بُعد دولي أيضاً ربما لأنهم يؤمنون أو أنهم يشربون من الوعاء الفكري نفسه سواءً التنظيمات الفكرية أم المؤسسات التي تدعي أنها تدافع عن حقوق الإنسان مع أنها في الأساس هي ضد الدولة الوطنية بمعنى واضح.
قادة دولة الإمارات الذين يحتفلون هذه الأيام باليوم الوطني الثاني والخمسين لاتحادهم، قرروا منذ ما يزيد على 50 عاماً، عدم الالتفات إلا إلى هدفهم في بناء دولتهم القوية وخلق الفرص التي تجعلها ضمن الدول المؤثرة في القرار الدولي.
وهذا ما تحقق وفق دبلوماسية نشطة. وكذلك قرروا أن يجعلوا الإنجازات التنموية هي التي تتحدث عن عملهم وليس شعارات وخطابات. والرائع أن إنجازات الإمارات تتعدى البعد الوطني لتكون عالمية من خلال اهتمام دبلوماسيتها (بأدواتها المختلفة) لخدمة الإنسان. فهي اليوم تستضيف قادة العالم للتفكير من أجل مواجهة واحدة من أكبر التحديات الإنسانية وهو المناخ الذي بات يصنف أحد مهددات الاستقرار العالمي.
هذه الاستضافة هي أفضل تعبير وبرهان أن النجاح الوطني في الاستقرار باعتباره عاملاً مهماً لتحقيق التنمية من شأنه أن يؤدي آلياً أو طردياً إلى النجاح في تحقيق الاستقرار العالمي، وبالتالي التنمية التي يفترض أنها هدف وجود منظمة الأمم المتحدة التي ظهرت بعد كارثة إنسانية عالمية تمثلت في الحرب العالمية الثانية.
إصرار البعض على انتقاد عمل دولة الإمارات والتقليل من دورها الإيجابي لخدمة الإنسانية والزج باسمها في ملفات غير منطقية ما هي إلا أفكار تحمل أيديولوجية تريد التشويش على مصداقية عملها أمام الرأي العام العالمي. فوراء تلك الحملات دوافع غير حسنة تستهدف تخريب كل فكرة نظيفة وكل عمل جميل، فهذا هو هدفهم الحقيقي.
والمؤسف في الموضوع وجود متعاطفين بعضهم يصنف ضمن «النخبة المثقفة». السؤال الذي يفترض أن يطرح هنا لقياس أو لمعرفة مدى تأثير تلك الحملات السياسية والإعلامية التي يقوم بها المخربون من أفراد ومؤسسات بعضهما مدعومة من حكومات في العالم، نتابع التطورات ونجد أنه رغم كل ذلك إلا أن دولة الإمارات مستمرة في ترسيخ «تميزها» وإبهارها للعالم وهو ما عبر عنه حضور قادة العالم الذين بلغ عددهم 140 رئيس دولة وحكومة.
بالإضافة إلى وجود أكثر من 200 جنسية تقيم في الدولة، فما السبب أو التفسير المناسب لذلك؟ التفسير أو الإجابة بلغة المنطق أن من يحاولون الإساءة إلى دولة الإمارات فاشلون حتى في تقدير جهودهم الحقيقية وليس في الوصول إلى هدفهم التخريبي فهي دولة عصية عليهم.
من يحاولون الإساءة إلى الإمارات فاشلون حتى في تقدير جهودهم وليس في الوصول إلى هدفهم التخريبي