ولدت حكومة محمد شياع السوداني بعد مخاض سياسي عسير لكن إدراك رئيسها لحجم التحديات والتطلعات الشعبية دفعه لوضع برنامج واضح وعملي كان على رأسه مكافحة الفساد المالي والاداري وتقديم الخدمات للمواطنين من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب، وتضمن المنهاج الحكومي شقين، التنفيذي والتشريعي، ووضعت الحكومة الوليدة إجراء انتخابات مجالس المحافظات في قمة أولوياتها إدراكا منها بأن عملية النهوض بالخدمات يحتاج الى هذه المجالس التي يمثل غيابها خللا دستوريا.
إن إجراء انتخابات مجالس المحافظات هو تتويج لسنة من العطاء الكبير للحكومة التي انشغلت بتحسين الظروف المعيشية للمواطنين وخاصة الفئات الضعيفة والهشة إذ وسعت نطاق الحماية الاجتماعية ورفعت الرواتب التقاعدية وقامت بزيادة رواتب صغار الموظفين، وقدم السوداني صورة متميزة للرئيس الحريص على تحسين اداء الحكومة فهو يعمل 16-17 ساعة في اليوم ويزور الوزارات والدوائر الحكومية والمحافظات دائما وسار الوزراء على نهجه حتى غابت العطلة من قواميس عملهم.
لقد راهن الكثيرون على تفكك وفشل الحكومة لكن خابت توقعاتهم ثم راهنوا على عدم قدرتها على الالتزام بوعودها وفي مقدمتها اجراء انتخابات مجالس المحافظات فجاء موعد الانتخابات وقد هيأت الحكومة كل مستلزماتها وجرت حملاتها الدعائية بسلام ووفرت الدعم الكبير للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وفي مقدمة الدعم كان تعديل قانونها لتمديد فترة مجلس مفوضيها بما يمكنهم من اتمام الانتخابات الى آخر حلقاتها.
كان الخطر الاكبر يتمثل في الشائعات والاراجيف التي بثها البعض ممن لا يريدون الخير للعراق عن دور سلبي للتيار الصدري يؤدي الى احباط اجراء الانتخابات وهو ما وضعه رئيس الحكومة في حساباته وتعاون مع القوى السياسية والكتل البرلمانية في اعلان موقف موحد مصمم على اجراء الانتخابات في موعدها ثم كانت خطوة السيد مقتدى الصدر الحكيمة بدعوة أنصاره الى عدم القيام بأي عمل سلبي او عدائي لعرقلة الانتخابات وهي خطوة تعبر عن عمق حب الصدر للعراق وحرصه على أمنه وإستقراره بعيدا عن حسابات المصالح الآنية، وهي خطوة إستحقت التقدير والاحترام من كل المراقبين والساسة والمواطنين.
هذه الانتخابات مهمة جدا لإثبات إستقرار العراق وتماسك نظامه السياسي وتفعيل مؤسساته الدستورية وهي دليل على قدرة الحكومة على تنفيذ إلتزاماتها وتعهداتها، وستكون نقلة نوعية في الاداء السياسي على مسسار الاصلاح ومكافحة الفساد وتقديم الخدمات بشكل عادل لجميع المواطنين، وهو ما عززه قرار القضاء باجراء انتخابات مجالس المحافظات في كركوك ومعاملتها كأي محافظة عراقية أخرى لتثبيت الاستقرار وتحقيق العدالة بين المواطنين عبر منحهم حق الترشح والانتخاب في هذه المحافظة.
كل الخيرين ومحبي العراق يتمنون للحكومة العراقية التوفيق والسداد في اتمام العملية الانتخابية على خير وجه وأن تكون المجالس المرتقبة في مستوى المسؤولية والطموح الوطني.