غير قوانين الطبيعة الفيزيائية، والدينية السماوية، وتلك الوضعية التي يحتكم إليها البشر في أحوالهم العصرية، ثمة قوانين أخرى على قدر كبير من الأهمية، مصدرها تجارب الناس الواقعية، على اختلاف الزمان والمكان، استحقت أن تسجل وتحفظ، بغية أن تستفيد منها الأجيال القادمة. نبدأ أولاً بالحادثة، التي تعد خرقاً لهذا القانون (الأدبي) غير المكتوب، والعنوان الأنسب للحادثة: لا تشرق أبداً في حضرة السيد.
نيقولا فوكيه كان وزيراً لمالية الملك الفرنسي لويس الرابع عشر (1715-1638)، وكان يحب الحفلات الباذخة، ويصرف المال على حياة في غاية التبذير. كان الرجل كريماً وبارعاً، لا يستغني عنه الملك في كثير من الأحوال، وعندما توفي رئيس الوزراء جول مازاران عام 1661 توقع فوكيه أن يسمى خلفاً له، لكن بدلاً من ذلك ألغى الملك المنصب، إضافة إلى إشارات غير هذه.
بدأ فوكيه يشك أنه يقترب من فقدان الحظوة، فقرر أن يتملق الملك عله يستعيد تلك المكانة، بإقامة أروع حفلة شهدها العالم. في ظاهرها احتفال بإكمال قصره الريفي الضخم (فوكس لوفيكونت)، لكن المهمة الحقيقية تكريم الملك، ضيف الشرف.
حضر الحفلة ألمع نبلاء أوروبا، وأعظم عقولها، من لافونتين إلى لاروشفوكو إلى مدام سيفيني، وكتب موليير مسرحية لهذه المناسبة، ناهيك عن المعزوفات الموسيقية، التي صاحبت العشاء، وأطباق طعام من الشرق لم يسبق تذوقها، وتبعت العشاء نزهة في حدائق القصر، صحب فيها الملك الشاب يُعرفه بهندسة البناء وأحواض الزهور والشجيرات، (وصار قصر فوكيه ونوافيره مصدر إلهام لقصر فرساي لاحقاً).
في اليوم التالي، ألقى قائد حرس الملك- دارتانيان- القبض على فوكيه، وبعد 3 أشهر قدم إلى المحاكمة بتهمة الاختلاس من خزانة الدولة (ومعظم الاختلاسات تمت لحساب الملك وبإذن منه - مؤلف الكتاب)، وأرسل فوكيه إلى أكثر السجون عزلة في جبال البيرنييه.
المغزى؛ لا تَبزَّ سيدك في الإشراق حتى عن غير قصد. لا تكن الغيمة التي تحجب إشعاعه.