عام جديد 2024 بكل ما فيه وما يمكن أن يحدث فيه خيرًا أو شرًا، ودعنا عامًا حمل ما حمل من خير وشر ودعناه بالدموع والآهات كما ودعناه بأجمل الذكريات، ويظل إحساسنا بالأيام راجع إلى كل ما يواجهنا من ظروف نفرح بها ونحزن لا يمكننا أن ننسى في أشهره الأخيرة ما عاناه الأشقاء في غزة وما يعانونه من اعتداء إسرائيلي غاشم وللشهداء جنات النعيم، وأن يمن الله سبحانه وتعالى على الجرحى بالشفاء العاجل، وأن يسود الأمن والسلام ربوع بلادنا العربية الإسلامية، وأن نرى مزيدًا من التلاحم مع الأشقاء والأصدقاء وكل ما يربطنا بهم من علاقات قائمة على الاحترام والتقدير ولما فيه الخير والمصلحة لبلادنا أوطاننا وأهلينا وأصدقائنا، إن إعادة النظر في العلاقات بين الدول تتطلب الشفافية والإيمان بضرورة أن نعيش ونحن مطمئنين بضرورة التعاون لما فيه الخير لنا ولغيرنا.
إن جيلنا الحاضر يتطلع إلى مستقبل يكون أكثر أمانًا واستقرارًا، وينتظر ما يترقبه من القائمين على مصلحة بلداننا من برامج وفرص عمل وفرص العلوم بمختلف تخصصاتها على كثرة الجامعات والمعاهد العلمية، وظروف تفرضها التقنيات الحديثة بما تحمله من فرص وظروف وقيم.
المطلوب منا بذل الجهود من أجل أن يعيش الأبناء بما يأملونه من تقدم ورقي، وأن يكون لهم الدور الإيجابي في صنع المستقبل ومواجهة التحديات والبناء على الإيجابيات، كان أملنا يوم أن كنا في مثل أعمارهم أن نعيش مطمئنين، وأن نتخرج من الجامعات ونحن أكثر تفوقًا في العلوم التي درسناها، وأن يكون لنا الوظيفة التي تسير بها حياتنا إلى ما يأمله كل إنسان من عيش هادئ وأمين ويكون فاعلاً في مجتمعه ويرسم طريق المستقبل لما فيه الخير للوطن والأهل والجيران والأصدقاء، يومها كان الفرح في الحي الواحد أو ما نسميه في لهجتنا البحرينية «الفريج» الواحد، فالفرح في بيت الجيران هو فرح بالنسبة لنا، ومستقبل أبن الجيران هو نفس الأمل والرجاء في مستقبل من يجاوروننا، فالإحساس بالجيرة ذو بعد عميق وإنساني رفيع، وربما الدعوة لتقوية العلاقات بين الجيران هي من ألزم الأشياء وتأتي في أولويات اهتمامنا مجتمعين، فالإحساس بالجيرة يعني التكاتف والتآزر وتقديم كل ما يفيد ويبني علاقات وثيقة راسخة.
نستغرب في هذه الأيام أن يقال إن الجار لا يعرف جاره ولا يحس بآلام جاره ولا يفرح لفرحه، وبتنا في كثير من بلادنا كالجزر المعزولة، نحتاج أن يكون بيننا التواصل، فنحن مأمورون بالتواصل مع الجيران الأقربين والأبعدين، بل نحن مأمورون بالمشاركة في الوطن الواحد وبالجيران الأقربين والأبعدين، وربما وسائل الاتصال باتت متعددة وهناك استفادة مما تتيحه وسائل المواصلات البحرية والأرضية والجوية سواء بالحافلات الجميلة والواسعة أو بخطوط سكة الحديد والجسور البرية والبحرية التي توصل الناس مع بعضهم فتزداد أهمية التقارب والتواصل السريع لما يفيد الاقتصاد وروابط التعاون الاجتماعي والثقافي.
شهدنا في العام الماضي وفي أواخر أشهره الأخيرة الأنشطة الثقافية الغنائية والموسيقية والفنون التشكيلية والمعارض التجارية والأسواق المفتوحة والبضائع المتنوعة التي تشتهر بها بلاد عن الأخرى فسوق الخريف عندما بدأ عندنا في مملكة البحرين كان متواضعًا والأمل كان أن يستمر ويكبر وتكون المشاركة فيه كبيرة، وإذا بنا نظرًا للظروف الصحية وغيرها نرى تقلصًا في النشاط حتى إذا كان مجيء آخر سوق وإذا بنا نرى زخم المشاركة وتنوعها من بلدان شقيقة وصديقة وبتنوع جميل في المعروضات إضافة إلى ما أضافه سوق المجوهرات من معروضات جميلة ومبدعة ومواطنين من البلدان المشاركة وهم يعرضون أجمل ما لديهم من ذهب وحلي وجواهر ليصبح سوق المجوهرات العربية بحق اسمًا على مسمى.
كما شهدنا تطورًا في معظم أقطارنا العربية الزخم الفني والغنائي والإبداعي السينمائي والمسرحي، والتسابق في الفنون والآداب والثقافة وهذا مؤشر يجعلنا نفرح بالاهتمام الثقافي والأدبي والإبداعي، ويجعلنا نتمسك بعناصر تجعلنا نتشارك ونحن أكثر قربًا من بعضنا ونتنافس لما فيه الخير لبلادنا ومواطنينا ومبدعينا.
إن أجهزتنا الإعلامية بحاجة إلى التكاتف وإعادة النظر في المناسبات التي كنا نعمل من خلالها على تنمية العناصر الثقافية والإبداعية كمهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون بجمهورية مصر العربية السنوي ومهرجان اتحاد إذاعات الدول العربية بتونس السنوي ومهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون الذي يقيمه جهاز تلفزيون الخليج من الرياض بمملكة البحرين كل سنتين إلى غيرها من معارض الفنون التشكيلية السنوية للمبدعين من الوطن العربي وكذلك المعارض التي تنظمها كل دولة لمبدعيها.
إن أهمية التواصل فيما بيننا تفرض علينا تقوية الأواصر السياسية والاجتماعية والثقافية بيننا، وأن نركز على كل عناصر القوة في بلادنا وكل القيم التي يؤمن بها مواطنونا من أجل خير بلادنا.
عام جديد 2024م نأمل فيه الخير لجميع بلادنا العربية والإسلامية والخير لكل الأصدقاء الحقيقيين الذين يمدون أيديهم وقلوبنا لنا لنعيش في مجتمع دولي قائم على المحبة والتسامح والتعاون لما فيه الخير لنا جميعًا.. وكل عام وأنتم بخير.