يمر العراق منذ تأسيس دولته الحديثة عام ١٩٢١ بأزمات وحالات ضعف وغالبا ما كانت المراحل السيئة التي شهدتها دولة العراق تكون بالتزامن مع تصاعد الازمات بين بغداد وكردستان بينما كان التقارب بينهما يكون مدخلا لتحقيق انجازات كبيرة، كما حدث مثلا في تأميم النفط الذي انجز في مرحلة تصالح بين بغداد وكردستان.
ان قوة وسيادة ومنعة العراق رهن بالتفاهم والتعاون بين بغداد وكردستان، وهذه المعادلة للاسف لم يفهمها الكثير ممن حكموا العراق سابقا، فصارت البلاد ضعيفة مشتتة وهو ما استغله الاعداء من الخارج وتجار الحروب وعشاق العنف والقمع من العنصريين في الداخل.
لكن ما يبعث على الامل اليوم هو ان رئيس الوزراء الحالي السيد محمد شياع السوداني يدرك أهمية التفاهم والتعاون بين بغداد وكردستان لتحقيق كامل السيادة العراقية وترصين قوة الدولة وقد عبر السوداني عن هذا الادراك أكثر من مرة عبر مواقف عملية سواء في تمسكه بالحوار والتواصل مع المسؤولين في الاقليم او بالمرونة تجاه كثير من القضايا العالقة ذات الطابع الوطني والانساني مثل رواتب موظفي الاقليم.
لقد أثبتت الوقائع وبما لا يقبل الشك، إن استقرار العراق وازدهاره في جميع مناطقه لن يتحقق الا بالتواصل والتنسيق والتعاون بين المسؤولين في بغداد وكردستان، وان ضعف العلاقة بين الطرفين ليس في مصلحة أحد وسيترك البلاد مفتوحة امام جميع التهديدات والاستهدافات ومن مختلف الاطراف.
ان المسؤولية التاريخية والوطنية والانسانية تدعو رئيس الحكومة الاتحادية ورئيس اقليم كردستان وبقية المسؤولين والقادة السياسيين للمباشرة بفتح صفحة جديدة من التنسيق العالي بين مختلف المؤسسات، في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، بما يؤدي الى قطع كل الذرائع والحجج التي يتم استغلالها لاستهداف العراق، وعلى الأشخاص الذين يعرقلون تفاهم المركز والاقليم أن يدركوا عمق الروابط والمصالح التي تجمع العراقيين، وإننا جميعا في مركب واحد كبير إسمه العراق، والضرر الذي يلحق بأي جزء من هذا المركب يصيب الجميع، وسنخسر كلنا لا سامح الله.
بالأمس، توصلت بغداد والاقليم الى تفاهم بشأن النفط، وننتظر، من الوطنيين الشجعان، قرارا جريئا في القريب العاجل ينصف موظفي إقليم كردستان ويحل مشكلتهم نهائيا، كما نرجو ان تتجلى وحدة وإرادة العراقيين وقواهم السياسية في تسريع اختيار الشخص المناسب لرئاسة البرلمان بما يمكن هذه المؤسسة الدستورية من القيام بدورها المحوري ولمساندة الحكومة في سعيها الى تقديم الخدمات للمواطنين والارتقاء بالبلاد.