آخبار عاجل

الصداقة وما أدراك ما الصداقة.. بقلم: السفير خليل الذوادي

25 - 01 - 2024 8:02 90

عندما كنا في سن الدراسة الابتدائية شعرنا بقيمة الصداقة، وبالذات صداقة المشاركة في مقعد الدراسة، وكان من واجبنا أن نساعد بعضنا بعضاً في فهم الدروس وحل الواجبات وحفظ ما كان يسمى المحفوظات وهي قصائد أو أبيات تتسم بالحكمة والقول المأثور وكان علينا أن نسمع المدرس والتلاميذ ما حفظناه واستوعبناه، ظلت الصداقة الدراسية ردحاً من الزمن من الإبتدائي إلى الإعدادي فالثانوي، ومرحلة الجامعة تفرقت بنا السبل، وذهبنا إلى جامعات أخرى في وطننا العربي، وكان لابد من صداقة جديدة، فيها تجارب متباينة وتأثيرات اجتماعية وثقافية متعددة، لكننا عندما عدنا إلى أوطاننا كان لنا الخيار في أصدقاء العمر الذين تربطنا بهم الجيرة والسكن في مدينة أو قرية واحدة، وربما حي أو فريج يجمعنا بقيم مكتسبة من مجتمعنا أو مجتمع من عشنا معهم ردحاً من الزمن.

عندما نتكلم اليوم عن الصداقة والتعاون المشترك في معترك الحياة العالمية، فإننا نتكلم اليوم عن مصالح مشتركة سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وعلمية وعلينا أن نكون دقيقين في مغزى ومعنى الصداقة المشتركة أو قل المصالح المشتركة فإننا أمام تحدي كبير في أن يستوعب من نتعامل معهم أهمية مراعاة مصالحنا وفرق كبير بين تبادل المنافع لخير الجميع وبين من يريدون دق أسفين الحقد والكراهية بين الشعوب، تعلمنا من مجتمعنا يوم انفتح تجارنا على دول مجاورة لنا، وشركاء في المنافع التجارية وتبادل السلع، وأصبحت معظم بلادنا سوقاً لترويج البضائع والمنافع من شبه القارة الهندية إلى دول أوربية غربية، حتى أصبحنا اليوم على تماس وتقارب مع آسيا، وانفتحت أسواقنا على أسواقهم، وأصبحوا يصدرون لنا ما نرعب فيه، وأحياناً كثيرة نعتاد على ما يصدرونه لنا... في زياراتنا لبعض دول آسيا، كانوا يقولون لنا لا تسألوا عن سعر البضاعة التي تشترونها وإنما أسألوا عن جودة هذه البضاعة وهل تستحق المبالغ التي تصرف لها، بمعنى صريح إنهم باستطاعتهم إنتاج أي بضاعة بحسب الأسعار التي تناسب الزبائن، وإن الجودة لها قيمتها وتقديرها من قبل المشتري.

هذا في مجال التجارة وتبادل المصالح الاقتصادية، إنما نحن عندما نتكلم عن المصالح الجوهرية والمصيرية فإن ثمن هذه البضاعة إن صح أن نسميها بضاعة لا تقدر بثمن، فنحن أمام مصير وقدر لابد أن نكون صادقين وأمينيين مع شعوبنا وبلادنا.

تظل صداقة المرء لأخيه في قمة معايير الصداقة الحقة، والإنسان منا لابد له من صديق يفهم أهدافه وغاياته ويتشارك معه في مستقبل الحياة الخاصة والعامة وفقد صديق لا يمكن أن يعوض بسهولة وكلنا واجهنا هذه المواقف الإنسانية، وهي وإن كانت قاسية على قلوبنا ونفوسنا ولكننا لازلنا نتذكر تلك الأيام والسنين ونتوق إلى تلك الأيام التي عشنا معاً ونحن نختلف ولكن سرعان ما تعود المياه إلى مجاريها ونشعر إنه لابد لنا من بعضنا بعضاً، قد نعتبر وهذا حقيقة أن فقد صديق صدوق لا يقل عن فقد عزيز من العائلة التي تربطنا بهم رابطة الدم، فقد اختلطت مشاعرنا وعشنا تجربة في الحياة قد تكون مريرة وقد تكون مفرحة.

إننا كبشر نتوق إلى الصداقة الحقة ونتوق إلى أن نكون قريبين من بعضنا فلا يستطيع أي واحد منا منعزلاً لا تربطه في مجتمعه صداقة حقة...

عندما أجد أحياناً أن بعض رفاق الدرب يختلفون ويصل حد الإختلاف إلى القطيعة أرثي لحالهم، وكيف وصل بهم الخلاف إلى القطيعة لا سمح الله، وتتبدد تلك الجهود التي بذلوها على مدى سنين بسبب ظرف طارئ أو سوء فهم تفاقمت أجزاؤه، وتدخل فيما بينهم من لا يريدون نفعاً للناس، ويشعرون إنهم بتفريقهم للأصدقاء قد جنوا الكثير، وما يدرون أن الكلمة الطيبة والجهود الخيرة في عودة المياه إلى مجاريها بين الأصدقاء أنفع وأفيد من زرع الحقد والضغينة والشحناء بينهم.

أعود بكم قرائي الأعزاء إلى أهمية الصداقة في حياتكم وليتذكر كل واحد منا أصدقاء العمر الذين مروا في حياتنا وكيف استفدنا من تجاربهم وخبرتهم وتفانيهم في خدمة المجتمع وبذر الخير في ربوع بلادنا، ولنحرص على أن نكون أوفياء لأصدقائنا ونعيش من أجل خير مجتمعنا ووطننا، وليصارح بعضنا بعضاً ونبذر بذور الخير والصلاح فيما بيننا وبين مجتمعنا، فرسالة كل واحد منا هي البناء لا الهدم، ومساعي كل واحد منا أن يكون نصيراً لصاحبه وأن يتعاون معه من أجل خيرهما مجتمعين وخير المجتمع الذي يعيشون فيه ويتنفسون هواءه نتمنى أن تعيش الصداقة الحقة وأن يسهم كل واحد منا في البناء لا الهدم ونشعر بمسؤوليتنا تجاه وطننا ومواطنينا.



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved