في وقتنا الحاضر شهدنا نشاطًا ثقافيًا متعدّدًا محمودًا علينا المواصلة عليه
عشنا فترة من الزمن كانت المسارح الأهلية تقيم نشاطها في صالات الأندية الرياضية والثقافية، كمسرح أوال ومسرح الجزيرة ومسرح الريف، وغيرها، والأنشطة الثقافية التي تقيمها الأندية بنفسها، وكذلك لمسنا نشاط أسرة الأدباء والكتاب وبعض الأندية في القرى والمدن التي تبنت الأنشطة الثقافية، ومنها نادي البحرين بالمحرق ونادي العروبة بالمنامة.
كان النشاط الثقافي هو الأبرز، بالإضافة إلى وجود الدور الشعبية في المحرق والرفاع والحد وبعض القرى، حيث فنون البحر المتنوعة، إضافة إلى فرق العرضة الشعبية التي تقام بالمناسبات.
في وقتنا الحاضر شهدنا نشاطًا ثقافيًا متعددًا محمودًا تقيمه هيئة البحرين للثقافة والآثار برئاسة سعادة الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة ومتحف البحرين الوطني ومركز الفنون بالمنامة، وهي مراكز مهمة، بالإضافة إلى نشاط مسرح الدانة جنوب مملكة البحرين واستضافة فرق عريقة وعالمية، والمراكز التي تشرف عليها معالي الشيخة مي بنت محمد بن إبراهيم آل خليفة كمركز الشيخ إبراهيم، وبيت الشعر وهو بيت أديب البحرين وشاعرها إبراهيم عبدالحسين العريض وبيت عبدالله الزايد رائد الصحافة البحرينية، وغيرها من المراكز المهمة في المنامة والمحرق.
وإذا كانت الأمم تقاس في وقتنا الحاضر بقدرتها الاقتصادية والمالية وقواها العسكرية والدفاعية ومواقفها السياسية، فإن الثقافة لها دورها المأمول الذي لا يجب أن يُنسى، فقيم الثقافة من غير تحيز من شأنها أن ترفع الروح المعنوية للشعوب وتضيف أبعادًا كثيرة للشخصية المواطنية.
بالمقابل، سعدنا بإصدارات كتاب مملكة البحرين وسعيهم لتدشين كتبهم في احتفالات تقام في بعض الأندية والمنابر الفكرية والإعلامية، مع الحرص على إقامة معرض للكتاب سنوي والمشاركة في معارض الكتب التي تقام بالقاهرة وأبوظبي والشارقة والمملكة العربية السعودية.
إن التواصل بين المبدعين في وطننا العربي بالأهمية بمكان، وعلينا أن نحرص على هذا التواصل الحميمي الذي يقوي الأواصر الثقافية بين بلداننا. كنا فيما مضى مع تعقد الحياة وصعوبة التواصل نلوم أنفسنا بعدم تواصلنا مع الأدباء والمفكرين والكتاب والشعراء في مغربنا العربي، وبالعكس في مشرقنا العربي، أما اليوم مع سهولة الاتصال، واستخدام وسائل التقنية الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد لنا العذر في التواصل مع مثقفينا في وطننا العربي من المحيط إلى الخليج العربي... ما نحتاجه هو الإرادة في هذا التواصل، وتشجيع أصحاب المكتبات على الانفتاح على بعضنا بعضًا، والتنسيق مع خطوط الطيران الوطنية لنقل هذا التراث الثقافي والأدبي والفكري، وأن تضاف مهمات أخرى لوسائل المواصلات بحيث يتم تشجيعهم على التواصل الثقافي والحضاري بين بلداننا.
نعم، يواجه الكتاب التحدي كما تواجهه الصحافة المكتوبة، لكن بطبيعة الحال التحدي موجود في حياتنا المعاصرة كما كان موجودًا فيما مضى، لكن إرادة البقاء، وإرادة أن نكون أو لا نكون، تفرض علينا مواجهة هذه التحديات بإرادة صلبة وعزيمة لا تلين...
ثقافتنا جزء من شخصيتنا العربية، وإذا كنا نحن في يوم من الأيام نفخر بأن الشعر هو ديوان العرب، فإننا يجب أن لا ننسى مكانة الشعر والشعراء في حياتنا؛ فقد كانوا منارات نفخر بهم ونعتز، وأصبحوا يرحمهم الله ضمير الأمة والمدافعين عن قيمها وموروثاتها... سنظل نسعى للتواصل الثقافي والفني ونشجع مبدعينا على الخوض في منابر الثقافة على امتداد وطننا العربي، وهذا لا يعني أننا منغلقون على بعضنا، وإنما بإمكاننا في هذا العالم المتغير أن ننفتح على العالم شرقه وغربه، جنوبه وشماله، ومن هنا فعلينا أن نشجع حركة الترجمة والنشر من الآداب الأخرى، وإذا كنا نرى في بعض دول آسيا من يسعون لتشجيع الترجمة من اللغات الأخرى إلى لغتهم، فنحن مدعوّون بالفعل لأن نقوم بمثل هذه الحركة والنشاط؛ فالمستقبل هو في التواصل الحميمي مع الشعوب وأهمية الاستفادة ممّا وصلوا إليه من تقدم حضاري وثقافي وعلمي.
المسؤولية مشتركة والمساعي يجب أن تكون من جميع الأطراف، وسنظل نأمل في أمتنا الخير ونأمل من مثقفينا أن يتبوأوا المكانة اللائقة بهم.