دبيّ مدينة سعيدة برجالها ونسائها، محظوظةٌ بنمطٍ كريمٍ من الناس يقومون على رعايتها ومحبة الإنسان الساكن على ثراها، ولقد أتى على دبيٍّ حينٌ من الدهر كانت ترفل فيه في ثياب العزّ والدلال والسؤدد في عهد بانيها ومهندس نهضتها طيب الذكرى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، ذلكم القائد الذي ما زال الزمان يتعطّر بسيرته الطيبة، وما زالت دبيّ تحتضن ذكراه وبصماته احتضانَ الأميرة لفارسها، ولا تنسى رفيقة دربه في مسيرة بناء دبي طيبة الذكرى الشيخة لطيفة بنت حمدان آل نهيّان التي وصفها صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، في سيرته الذاتية الرائعة فقال:
«اسمها لطيفة بنت حمدان بن زايد آل نهيّان، وظيفتها: رفيقة درب راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي على مدى أكثر من أربعة عقود»، لتكون هذه الكلمات نبراساً تهتدي به نساء الإمارات حين تستلهم سيرة «أمّ دبيّ» تلك المرأة الرحيمة القلب، الكريمة الخلق التي أنجبت الرجال، وأبدعت في تربية هؤلاء الفرسان.
واليوم تسعد دبيّ بفارسها الجسور وعاشقها المقدام وباني نهضتها الثانية على نمط فريد جعل منها وجهة للعالم، ومدينة تتمنى كل المدن أن ترتقي إلى مستواها الحضاري الفريد، ذلكم هو صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد الذي جعل دبي هي القسم الثالث خلوداً في الذاكرة حين ذكر: أنّ ذاكرته ستظلّ تحتفظ بثلاثة أشياء خالدة: أبي والخيل ودبيّ، وكما كانت الشيخة لطيفة بنت حمدان رفيقة درب والده الشيخ راشد بن سعيد، فها هي سموّ الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم، حرم صاحب السموّ، هي رفيقة دربه منذ أكثر من أربعة عقود.
حيث اقترن بها عام 1979م، وأنجبت له السادة الفرسان من آل مكتوم، وكانت عوناً له في جميع مراحل الحياة عبر مسيرته الطويلة في بناء الدولة والارتقاء بدبيّ على وجه الخصوص، وظلّ صادق الاعتزاز بدورها الرياديّ في نهضة دبيّ والعمل الإنساني الذي يعكس طبيعتها الإنسانية المتميزة، ونالت جائزة المرأة العربية في العمل الإنساني عام 2020م، فكان ذلك وساماً مستحقّاً لهذه السيدة المِعطاءة التي ورثت مجد الطيب والعطاء من آل مكتوم الكرام.
وتعزيزاً لهذا الدور الريادي لسموّ الشيخة هند بنت مكتوم في العمل الخيري أطلقت بصفتها الرئيس الأعلى لمؤسسة بنك الإمارات للطعام مبادرة في بنك الإمارات للطعام لتوفير خمسة ملايين وجبة من فائض الطعام تذهب إلى مستحقيها من الفقراء والجياع الذين لا يجدون ما يسدّ جوعتهم ويطفئ لهيب المسغبة في بطونهم الخاوية.
فكانت خطوة جديرة بكل التقدير في شهر الخير والمواساة في بلد الخير والعطاء والمواساة. واعتزازاً بهذه المبادرة الإنسانية المباركة، وتعبيراً عن دعمه لسموّ الشيخة كتب صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد آل مكتوم تدوينة ثمينة على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي نوّه فيها بهذه المبادرة وأشاد بالمكانة الفريدة لسموّ الشيخة هند باعتبارها رفيقةَ دربٍ لصاحب السموّ في هذه الحياة حيث قال:
«الشيخة هند بنت مكتوم أطلقت اليوم مبادرة في بنك الإمارات للطعام تستهدف توفير 5 ملايين وجبة من فائض الطعام بالتعاون مع 350 فندقاً ومنشأة غذائية بدبيّ، وبفريق عمل من 5000 متطوع» لتكون هذه المبادرة تعبيراً عن حجم الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات لهذا الموضوع الإنساني الذي بات يؤرّق أصحاب القلوب الحيّة والضمائر النظيفة التي تحمل هموم الإنسان المحروم.
وتحاول بكل جهدٍ نبيل الإسهام في رفع المعاناة والتخفيف من وطأة الجوع التي تفتك بملايين البشر على ظهر هذا الكوكب، الأمر الذي دفع إمارة دبي لإنشاء وقف المليار وجبة الذي يتكفّل سنويّاً بتوفير هذا العدد الهائل من الوجبات من أجل التخفيف من غائلة الجوع ونكبة الفقر والحاجة، فكان عدد المستفيدين من نشاط بنك الإمارات منذ إنشائه خمسة وثلاثين مليون شخص، ليكون ذلك وجهاً من وجوه العطاء الإنساني الذي تتمتع به هذه الدولة الكريمة منذ نشأتها إلى يوم الناس هذا.
وبمشاعر الإنسان الكبير والقائد المُلهم ختم صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد هذه التدوينة بالإشادة بالشخصية الإنسانية لسموّ الشيخة هند بنت مكتوم قائلاً: «الشيخة هند قدوة في العطاء، ورفيقتي في درب الخير، ومصدر سعادة لي ولأسرتي وللمجتمع»، لتكون هذه الكلمات هي خير وسام تتقلّده هذه السيدة الشريفة من لدن صاحب السموّ الذي يعرف قدرها، ويثمّن دورها كقدوة قيادية للعمل الإنساني في وطننا الحبيب.