(عزيزي .....
جدير بالذكر أيضا أن الرئيس الراحل أنور السادات مارس العمل الصحفي قبل وبعد ثورة 1952، وأسس جريدة الجمهورية سنة 1953 وترأس تحريرها فيما بعد ونُشر له العديد من الكتب والمقالات التي روي فيها قصة الثورة وعبّر من خلالها عن مواقفه السياسية تجاه قضايا محلية ودولية تميّز فيها بأسلوبه السهل الممتنع الذي يُشعر قارئه أنه يتحدث إليه مباشرةً سارداً بسلاسة مطلقة ما رآه من أحداث وما كوّنه من آراء…
أما الرئيس الأميركي جون كينيدي فبعد انتهائه من خدمته العسكرية في البحرية وتكريمه لشجاعته القتالية أثناء الحرب عَمل فترة وجيزة بالصحافة لم تتعدّ سنة واحدة كان لها تأثير جوهري عليه وشكّلت آراءه في السياسة الدولية، حيث تم تكليفه بتغطية مؤتمر بوتسدام للحلفاء المنتصرين مراسلاً أجنبيا في برلين، وتنبأ بعدها بمصير ونستون تشرشل (رئيس وزراء بريطانيا 1940 – 1945، 1951-1955)، في الانتخابات التي أطاحت به عندما كتب عن رفض عموم الإنجليز المتزايد لإدارة حزب المحافظين، وأن إنجلترا ستشهد تغييرات اقتصادية شَعُر هو والكثيرون وقتها أنها لن تُنجَز دون فرض نوع من التقييد علي الحكم الديمقراطي، ولو مؤقتا ثم في آخر رحلته الصحفية القصيرة شهد أول جلسة للأمم المتحدة ومجددًا أثبت التاريخ رؤيته الثاقبة للمشهد حيث لم يؤمن بقدرة تلك المنظومة على ضمان السلام في أوروبا، وهو ما تحقق بعدها بأكثر من ٧٥ عام بالحرب الروسية الأوكرانية وفشل الأمم المتحدة سواء في تجنب أو وضع حد للحرب، ولم يلبث كينيدي أن فاز بانتخابات مجلس النواب الأميركي في نفس العام، وأصبح رئيسا للبلاد بعدها بخمس عشرة سنة وما زال يُعد حتي اليوم الأصغر سِنّاً بين من تم انتخابه لهذا المنصب.
المثير أن كلاً من السادات وكينيدي قُتل غدرًا بالرصاص لشجاعة مواقفهما السياسية أمام التيار الجارف الذي أثبت الزمن صوابهما وخلّد التاريخ ذكراهما كرَجُلي دولة وطنيين من الطراز الفريد ومن أعظم من أنجب القرن العشرون.
خالص الشكر والاحترام لسيادتكم على كتابة ونشر هذا المقال البليغ الموّضِح للعلاقة الوطيدة بين عالمي الصحافة والسياسة مع إبراز سلاسة التنقل من أحد المجالين للآخر لبعض من الشخصيات الفذة واستحضاركم هذه النماذج من مصرنا الحبيبة وإيطاليا وبريطانيا وكلها في ذاك الوقت تحت النظام الملكي فألهمتموني ذكر شخصيتين عظيمتين من الأنظمة الجمهورية لتكتمل الصورة عند القارئ وأشكركم على الترحيب بهذا التعقيب …
أ. محمد عثمان)
تلقيت هذا التعليق القيم على مقال الأسبوع الماضي (صحفيون .. ولكن)، وقد آثرت نشره كما وصلني إلا من بعض ما يستلزمه أدب المقال من ضروريات، وما هي بالكثير.
وإيمانًا بأنه بقدر تنوع التعليقات على المقالات تتسع نوافذ الرأي ويتجدد هواؤها، فضلاً عن النظر في الاتجاهات الأربعة، فقد آثرت مشاركة التعليق مع السادة القراء تأكيدًا على أن نافذة الكتابة ملكٌ للجميع؛ الكاتب والقاريء.
وقد لفت انتباهي في تعليق السيد عثمان استعراضه لنموذجين، الأول محلي والثاني دولي، الأول لدولة نامية، والثاني لدولة متقدمة، وعلى الرغم من ذلك التباين الكبير في النظم السياسية فقد اتفقت نهايتي الرجلين، فكلاهما دفع حياته ثمنًا لتعصب فكري، ومن عجب أن السادات عُرف قاتله، بينما ظل قاتل الثاني لغزًا لا ينتظر الحل.
اللافت للنظر أيضًا، أن ممارسة الصحافة منحت القادة فرصة التعرف على رموز الفكر وتوازنات السياسة داخليا وخارجيا، فضلاً عن صقل مهارات البلاغة والقدرة على الارتجال والوصول إلى قلوب الجماهير.