قراءة وعرض – حسين الذكر
قراءة في كتاب ( خلف ستائر القرار ) (1)
العبادي ذكي جدا بالرياضيات وامتاز بالهدوء والحزم وحرية الطرح
لم يستفد العبادي من وصايا المرجعية لضرب الفاسدين ولم يتحرك بذلك
وزراء حكومته قليل الخبرة لا يناقشون وبعضهم أرادها (جلسة شيعية )
لأول مرة التقي الدكتور عبد الله العلياوي في حفل توقيع كتابه ( خلف ستائر القرار ) الذي أقيم بالمركز العراقي للتنمية الإعلامية بادارة د عدنان السراج، وقد عبر العلياوي عن هذه اللحظات بانها من أحلام العمر وطموحاته الفكرية والاكاديمية والشخصية التاريخية التي أتاح له القدر فيها فرصة لم تتح لغيره من خلال عمله كمستشار لرئيس الجمهورية وكذا ممثلا شخصيا للرئيس في مجلس الوزراء ما فتح أبواب تحقيق الحلم من خلال تسجيله وتوثيقه وشرحه وتعليقه على جلسات مجلس الوزراء في حقبة حكم الدكتور حيدر العبادي التي حاطت بها جملة من الازمات والمشاكل الخطيرة التي كادت تعصف بالبلاد والعباد لو لا رحمة الله وحنكة وتعاون بعض المسؤولين والأطراف العراقية المشاركة بالحكم .
وقد استمعت الى الابعاد والاهداف والطريقة التي تناول فيها العلياوي كتابه وقد اعجبتني كثيرا سيما على صعيد التوثيق التاريخي المهم وكذا الاحساس المسؤول لبناء وطن.
وقد تعززت الأفكار حد الترسخ والتاكد حينما اطلعت على معظم تفاصيل الكتاب ذو التسعمائة صفحة، فاردت ان اسهم واكون جزء من هذا السفر الوطني والعلمي والإرث التاريخي والجهد الاستثنائي المتميز الذي بذله الدكتور عبد الله.
حاولت ان اقراه واعرضه كما هو وكما كتبه العلياوي خدمة للقاريء العراقي والعربي والعالمي وكي لا يموت هذا المنجز الكبير ويحصر بالارشفة لاني تيقنت خلال سنوات خلت بان اغلب السادة المسؤولين وكذا المثقفين لا يقرؤن الا ما ندر ولاغراض الاختصاص أحيانا.
لذا شرعت بعرض بعض الحلقات التي اراها مهمة للاطلاع والفهم في فصول الكتاب بالصحف والمواقع والكروبات – ان وفقنا الله لذلك – وبعد الاتفاق مع المؤلف .. الذي وافق مشكورا ..
الحلقة الأولى تسلط الضوء على بعض الجزيئيات المهمة في طريقة وأسلوب إدارة جلسات مجلس الوزراء من قبل الدكتور حيدر العبادي وبعض ما كان يحدث بإدارة الجلسة وطريقة التعاطي والمعالجة والإدارة فيها قبل الشروع في تفاصيل مهمة أخرى سيجدها القاريء الكريم بين طيات الكتاب الذي اعده سفرا تاريخا عراقيا ينبغي لكل سياسي ودبلوماسي وحزبي واعلامي متخصص ان يقرا هذا الكتاب للفائدة من كنز ثري بالمعلومات المهمة التي تفيد اليوم وامس وغدا وبعد غدا.. والله ولي التوفيق.
كتب العلياوي ان السيد حيدر العبادي كان دائما ما يصل متأخرا لجلسات مجلس الوزراء وظل كذلك حتى نهاية فترة ولايته.
وكانت الجلسة تبدا بقراءة سورة من القران الكريم وغالبا ما تكون سورة العصر، كما ان جلسات حكومته شابها الاطالة في الوقت حتى بلغت ستة ساعات أحيانا، فيما كانت في زمن اياد علاوي وعادل عبد المهدي – حسب راي بعض من حضرها – بوقت اقصر وحضور الرئيسين بالوقت المحدد . كما ان العبادي اتصف بالهدوء اثناء رئاسته لجلسات مجلس الوزراء وبالاستماع الجيد لاراء الوزراء وعدم مقاطعتهم وتفهم اراءهم .
كما انه فسح المجال للنقاش بحرية تامة، لكن قلة من الوزراء لهم رغبة في ذلك النقاش فيما كان البعض منهم يتدخل بغير اختصاصه ويناقش كل شيء .
وكانت الصفة الغالبة على وزرائه هي قلة الخبرة واحيانا يغادر الجلسة ويكلف احد الوزراء لادارتها أحيانا حسب العمر او بالتسمية التي غالبا ما كان فيه السيد إبراهيم الجعفري يدير الجلسة بدل عن الرئيس العبادي الذي لم يفرق بالتكليف على أسس اثنية او مذهبية.
وحدث ذات مرة ان تراس المرحوم روز نوري شاوس الجلسة وكان نائب رئيس الوزراء فقال احد الوزراء الشيعة : ( نحن أولى بإدارة الجلسة )، ما جعل شاوس يمتعض ويرد بغضب: ( ان كان الرئيس قد اوصاك بذلك ساخرج واترك الجلسة ). فرد الوزير قائلا : ( والله لم يكلفني احد بهذا الكلام فقط قلته للمزحة ). فرد شاوس: ( هذا مكان ليس للمزاح ) .. فعاود رئاسة الجلسة.
وما زال الحديث للعلياوي: ( لفت انتباهي ذكاء العبادي حيث كان قويا في الرياضيات كما كان حازما في الإدارة .. واعتقد ان ذلك ساعده على التمكن في معالجة الازمة الاقتصادية التي كادت تطيح بحكومته والبلد اذ لم يكن للحكومة قدرة تسديد رواتب الموظفين العام 2015 .. علما ان حكومة العبادي واجهت الكثير من المشاكل والأزمات منها انخفاض سعر النفط وكذا مظاهرات عارمة في مدينة البصرة لشحة الخدمات وازمة الكهرباء واندلاع تظاهرات التيار الصدري ودخولهم المنطقة الخضراء فيما بلغت المشاكل بين الاقليم والمركز ذروتها حتى أدت بالنهاية الى اجتياح القوات الحكومية لمناطق تتواجد فيها قوات البيش مركة – بالاتفاق مع الحكومة المركزية – وغيرها والتي كان يجب حلها بالتفاهم وطريقة الحوار البناء وبشكل اكثر فائدة للعراق والاقليم سيما وان ( قوات البيش مركة) قدمت الكثير من الشهداء في حربها ضد الإرهاب في هذه المناطق – حسب راي العلياوي – الذي أضاف بان السيد العبادي لم يستفد من توصية المرجعية بضرورة ضرب الفاسدين بقوة وكان الأولى ان يستثمر تلك الفرصة التاريخية لتحسين وضع سيطرة الحكومة والحد من تحركات وهيمنة قوى الفساد لكنه لم يفعل شيئا يذكر بهذا الموضوع .