من أسباب ازدهار الدول وتنميتها، تمكنها من إقامة أفضل العلاقات مع الأشقاء والأصدقاء في مختلف أنحاء العالم، وبناء علاقات راسخة متينة تسهم في خير الدول والشعوب، فالعلاقات الدولية ركيزة أساسية في مسيرة الازدهار والتقدم، وهي جسر لتدعيم السلام والاستقرار، وخلق التعاون المشترك في مختلف المجالات، سواء التجارية أو الصناعية أو الصحية أو العلمية أو مجالات الطاقة أو الفضاء أو غيرها.
وقد ترجمت دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الرؤية واقعاً عملياً مشرقاً منذ تأسيسها، فقد عملت على بناء أفضل العلاقات مع مختلف الدول، وقامت بترسيخ التعاون المشترك البنَّاء معها، حتى تبوأت مكانتها المرموقة عالمياً، وحازت على احترام الجميع، واستمرت في مواصلة هذا النهج المضيء الذي أرسى دعائمه القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لتزداد اليوم تألقاً وإشراقاً على يد قائد مسيرتنا صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي هو خير خلف لخير سلف، ليكمل هذه المسيرة بكل عزم وطموح، وينطلق بالدولة لبناء مزيد من العلاقات الاستراتيجية مع مختلف الدول بما في ذلك الدول الكبرى، وتوسيع آفاق ذلك، بما يحقق للدولة المزيد من القوة والازدهار والتقدم والرخاء، ويجعلها في صدارة بناة الحضارة والفاعلين فيها.
وفي هذا الإطار، جاءت زيارة سموه لكوريا الجنوبية، الثلاثاء الماضي، والتي أثمرت عن بناء شراكات ووجوه تعاون استثنائية ومميزة، ومنها توقيع اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة لتحرير التجارة بين الدولتين، لتكون دولة الإمارات بذلك أول دولة عربية توقع اتفاقية تجارة حرة مع كوريا الجنوبية.
ولم تقتصر زيارة سموه على المسؤولين الكوريين فقط، بل اغتنم سموه هذه الزيارة للالتقاء بأبنائه وبناته الطلبة الذين يدرسون في كوريا الجنوبية، جلس معهم، وسأل عن أحوالهم واطمأن عليهم، وتكلم معهم كلام الأب الحنون لأبنائه، حثهم على المثابرة والتفوق، حفزهم على اكتساب العلوم والمعارف، أكد دورهم في تعزيز نهضة دولتهم وتحقيق طموحاتها، كما أوصاهم بالتمسك بعاداتهم وتقاليدهم التي تربَّوا ونشؤوا عليها، ليكونوا قدوات ملهمة ومنارات مشرقة لكل شاب وشابة، وليكونوا كذلك خير سفراء لوطنهم، كالمرآة الناصعة التي تعكس أجمل قيمها وتقاليدها، وقال سموه لهم في هذا الصدد بعبارته الأبوية الحانية: «هذا الإماراتي، نريده أن يتعلم العلم الصحيح، ونريده أن يحافظ على عاداته وتقاليده ويلتزم بها»، وكان لهذا اللقاء الجميل أبلغ الأثر في نفوس الطلبة، كيف لا وهم يلتقون بقائدهم الاستثنائي بل بوالدهم الحنون، وقد أعربوا عن وافر سعادتهم وفرحتهم، عازمين على مواصلة مسيرتهم العلمية بكل جد واجتهاد ومثابرة.
ولم تقتصر زيارة سموه على كوريا الجنوبية فقط، بل أكمل سموه مسيرته من هناك قاصداً زيارة الصين، تلبية لدعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ، وبحث العلاقات الثنائية ووجوه التعاون المشترك بين الدولتين في مختلف الجوانب والمجالات، وذلك احتفالاً بمرور 40 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات والصين، وهي علاقات قوية راسخة شاملة لمختلف الأصعدة، قائمة على التنمية المشتركة والازدهار المستدام، وتعد دولة الإمارات في حال استثناء النفط الخام الشريك التجاري العربي الأول للصين خلال 2023، كما تعد مشاركاً فاعلاً في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في العام 2013، لما تتمتع به دولة الإمارات من مقومات ومميزات من إمكانات تنموية وموقع استراتيجي ودور اقتصادي ريادي في المنطقة، وتعكس هذه المبادرة دور الإمارات المحوري في التجارة الدولية.
إن هذه الزيارات الرسمية التي يقودها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تؤكد حرص دولة الإمارات على بناء أفضل العلاقات الخارجية مع مختلف دول العالم، وهي تعكس النهج الإماراتي الراسخ في تعزيز التعاون المشترك، في عالم لا يخلو من تحديات كثيرة، يحتاج فيه الجميع إلى تكاتف الجهود وتضافرها، لإرساء دعائم السلام والاستقرار في أرجاء الأرض، وتحقيق التنمية والازدهار للشعوب، لتنطق دولة الإمارات بملء الفم بأنه لا أجمل من العلاقات المشتركة التي تعزز السلم وتبني الحضارة وتحقق الخير للجميع.