في تقلبات هذه الأزمان نحن بحاجة ماسة إلى التواصل بيننا، ومعرفة بعضنا لبعض وقراءة متمعنة لما نملك من خبرات ومن ظروف ومعطيات ترسم المستقبل لما فيه الخير لنا جميعًا... صحيح إن وسائل الإعلام المتنوعة وأساليب التواصل الاجتماعي في عصرنا ردمت الهوة فيما بيننا وأصبحنا الأقرب لمفاهيم مجتمعاتنا وبات علينا أن نعمق هذا المفهوم لما يعود علينا بالخير...
المؤتمرات السياسية، والملتقيات الاقتصادية والتجارية واللجان المشتركة قرَّبت المسافة المفهومية بيننا، ولكننا لازال ينقصنا الكثير لفهم بعضنا بعضًا، والنظر في الإمكانيات المتوفرة لدينا من أجل تبادل المصالح، وإرساء قيم التعاون الحقيقي بيننا نحتاجها في فهمها والاستفادة منها إلى جهود متواصلة ودؤوبة من أجل خير الأوطان والشعوب.
لقد أوجدنا في أدبياتنا الاقتصادية والتعاون المشترك في شتى مناحي الحياة اللجان المشتركة على مستويات مختلفة تبدأ على مستوى القيادات السياسية والاقتصادية وتنتهي إلى لجان على المستوى الوزاري وهي فائدتها سرعة الالتقاء لتبادل الأفكار ورسم الطرق لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وبالسرعة المطلوبة والمأمولة، وفي ذلك فائدة كبيرة في التحرك السريع وبما يضمن تحقيق المنافع لكل الأطراف على تنوع اختصاصها والأمور المعنية بها...
لا أحد ينكر أهمية التواصل المجتمعي والحضاري والثقافي وكذلك الملتقيات السياسية والفكرية، وإذا كان الرواد الأول يدركون أهمية التواصل، فإننا أصحاب حضارة التقت في أزمان سحيقة تمثلت في حضارة وادي النيل وحضارة وادي الرافدين وحضارة ديلمون البحرين وبقية الحضارات التي قرأنا عنها ووجدنا شواهد منها تمثلت في التواصل الحضاري قبل خمسة آلاف سنة قبل الميلاد ومتاحفنا ومواقعنا الأثرية شاهدة على هذا التواصل الحضاري، ونحن اليوم مع توفر وسائل الاتصال والتواصل علينا أن نؤمن بأنه لا خوف علينا فنحن أمة حضارة ضاربة في عمق التاريخ، وإذا كانت تبادلاتنا التجارية قائمة على ما هو معطى لها فإننا نملك من القدرات والإمكانيات ما نستطيع أن نطوره بما يعود علينا بالنفع ونبني حضارة قائمة على معطيات العصر الذي نحن فيه نستطيع أن نخلق الظروف الملائمة ونستطيع أن نسخر إمكانياتنا لما يعود علينا منفردين أو مجتمعين بالخير...
إن التحرك السياسي الذي شهدناه في الآونة الأخيرة من زيارات قام بها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم حفظه الله ورعاه إلى جمهورية روسيا والالتقاء بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك زيارة جلالته إلى جمهورية الصين الشعبية والالتقاء بالرئيس شي جين بينغ، إلى زيارات لعواصم عربية بغية التمهيد للقمة العربية في دورتها الثلاثة والثلاثين التي عقدت بمملكة البحرين وبنجاح متميز والحمد لله، هذه الجهود المقدرة تدل على قدرة مملكة البحرين وقيادتها الرشيدة على التواصل لما فيه الخير للجميع.
إن الإمكانيات المتاحة لأبناء مملكة البحرين تجعلهم يدركون الدور المأمول منهم، وإذا كنا في زمان الغوص على محار اللؤلؤ قد طوف الأجداد والآباء في هيرات الغوص والتقوا بسفنهم زملاء لهم في خليجينا العربي، فقد استطاعوا أن يتواصلوا مع تجار العالم الآخر من خلال أسواق شبه القارة الهندية فإن التواصل الاقتصادي والتجاري والإنساني أبناء البحرين قادرون على أن يضربوا المثل في أهمية هذا التواصل من أجل خير الوطن والمواطنين.
نعلم إن التحديات كثيرة، ولكن كما يقول علماء الإدارة إنه من التحدي تخلق الفرص المواتية... وعلينا أن نؤمن بقدراتنا وإمكانياتنا، ونتواصل مع الآخرين لما فيه الفائدة لبلادنا ومواطنينا.
نسمع من خلال مجالسنا اليومية والأسبوعية قدرة أبناء البلاد على التواصل الإيجابي مع الأشقاء والأصدقاء في عالمنا العربي وغيرها من البلادين، وإذا كانت سمعة البحرينيين في التواصل الإنساني مع الشعوب الأخرى متأصلة منذ قديم الزمان، فإن الإمكانيات الإنسانية التي يزخر بها المواطنون تجعلهم في مصاف الأمم المحبة للخير والساعية إلى تحقيق المصالح فيما يعود على الجميع بالخير والفائدة.
سنظل نحن الساعين لعمل الخير لبلادنا ولبلاد أشقائنا الذين واجب علينا التعاون والتفاهم ولما يحقق الخير للجميع ويضمن المحافظة على مستقبلنا الذي هو في البدء والنهاية لمصلحة الجميع وللعيش المشترك ولما يخدم أهدافنا السامية النبيلة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي