كان للمعلق الرياضي الأشهر علي زيوار (1922-2005)، حضور على شاشة التليفزيون تستشعر معه شخصية قوية وحزم أَصَلَها التزام فطري مع خلفية عسكرية، في أحد مباريات البرازيل في كأس العالم بإسبانيا عام 1982 علق متهكمًا (والكورة دلوقتي مع فالساو، هم بينطقوها فالكاو، لكن الصح فالساو، زي ما بتتنطق في البرازيل، وإحنا بتوع اللغات !!).
وأصل الموضوع أن شيخ النُقاد الرياضيين آنذاك، نجيب المستكاوي تهكم في عموده الصحفي بجريدة الأهرام على زيوار، متهمًا إياه أنه لا يعرف كيف ينطق اسماء اللاعبين، فلم يفوتها له شيخ المعلقين الرياضيين وردها له على الهواء مباشرة، وإن لم يخل الأمر من رُقي إذ اكتفى بالتلميح عن التصريح باسم المستكاوي.
كان حوارٌ لطيف قد دار بيني وبين الإعلامي القدير مجدي صلاح أبو سالم حول عنوان رواية (دون كيخوته) للكاتب الإسباني دي ميجيل ثيربانتيث، ذلك أنني كنت أذكرها (دون كيشوت)، خلاف ما يراه الأستاذ مجدي، ومما زاد حيرتي أن العم جوجل، نطقها مرة كيخوته، والأخرى كيشوت.
وهنا استعنت بصديق إسباني من أصول عربية، فأوضح لي الفرق ثم صوب فإذا المؤلف ثيربانتيث مؤلف رواية (دون كيخوته)، وليس سرفانتيس صاحب رواية (دون كيشوت)، كما شاع نقلاً عن الترجمة الإنجليزية. وصدق الإعلامي القدير.
ومن لطائف ذلك أن الرواية الشهيرة للكاتب والشاعر الروسي لويس باسترناك (1890-1960)، "دكتور جيفاجو" الصادرة قُبيل وفاته بثلاث سنوات، تحولت إلى فيلم حصد خمس جوائز أوسكار تحت عنوان (دكتور زيفاجو)، جسد دور البطولة فيه الممثل المصري العالمي عمر الشريف أمام الإنجليزية جولي كريستي.
وتدور أحداث الرواية خلال الحرب العالمية الأولى واضطرابات الثورة الروسية، حين يترك الطبيب يوري جيفاجو زوجته وأطفاله ويلتحق بساحة المعركة لعلاج ورعاية الجرحى في مستشفى ميداني، وهناك يلتقي الممرضة لارا حيث تنشأ بينهما قصة حب، وفي خضم الأحداث يعود الزعيم الروسي فلاديمير لينين من المنفى وبتوليه الحكم في روسيا تسود الأفكار الاشتراكية ويصبح كل من يختلف معها جزئيًا أو كليًا معاديًا للدولة، وعليه يُتَهم جيفاجو بمعاداة الشيوعية، وأمام المطاردات الأمنية يسعى للهرب مع زوجته وأولاده وفي الوقت نفسه يمزقه حبه للارا.
في لغة مؤثرة علق الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي على المشهد في قصيدة بعنوان "أولد واحترق بحبي"؛ (أصرخ: لارا.. فتجيب الريح المذعورة: لارا../ أعدو خلف الريح وخلف قطارات الليل.. أمضى تحت الثلج/ وحيدًا/ أبكي حبي العاثر في كل مقاهي العالم والحانات...).
كان باسترناك قد أرسل خطابًا إلى الأكاديمية السويدية يشكرها فيه على منحه جائزة نوبل للآداب عام 1958، لكنه عاد بعد أربعة أيام وأرسل خطابًا آخر يرفض فيه الجائزة، ولم يكن خافيًا أن اعتذاره جاء بعد تعرضه لضغوط أمنية من الحزب الشيوعي الحاكم، على خلفية قرار بحظر نشر الرواية استمر قرابة الثلاثين عامًا، حيث طبعت ووزعت في روسيا عام 1987، أي قبيل أربع سنوات من تفكك الاتحاد السوفيتي وإنزال العلم الأحمر عن مبنى الكرملين.
وقد تُرجمت الرواية من نسختها الإنجليزية إلى العربية على يد الكاتب المصري حلمي مراد الذي استأذن عميد الأدب العربي، الدكتور طه حسين كتابة مقدمتها، فكتب العميد عنها وأسهب بأسلوبه السهل المتدفق كجدول ماء رقراق ومدح نصها الأصلي وكذا ترجمتها، واصفًا إياها بأنها رواية بالغة الروعة.
وإن لم يمنع ذلك العميد من توجيه حلمي إلى تصويب العنوان الذي وجده إنجليزي الهوى؛ (دكتور زيفاجو)، فآلى على نفسه التحقق من صحته، فإذا الصواب (جيفاجو)، وعلى ذلك صدرت الرواية روسية العنوان، وظل الفيلم إنجليزي الهوية.