آخبار عاجل

القاهرة الخديوية والمستقبل.. د محمد مصطفى الخياط

04 - 07 - 2024 9:33 168

 

ما هذا الكتاب؟؟.. وفي أي فرع أُصنفه.. وفي أي مكانة أضعه.. أهو أطلس القاهرة الخديوية بخرائطها ومعالمها من مبان سكنية وتجارية وفنادق وطرقات وشوارع، أم هو شهادة نسب لكل حجر وجدار وتفصيله معمارية من مقرنصات وزخارف لمنطقة وسط القاهرة، منذ ولدت قبل أكثر من مائة وأربعين عامًا حتى إصدار الكتاب في بداية الألفية.
في كتابها الماتع (القاهرة الخديوية)، الصادر عن مركز التصميمات المعمارية، تستعرض الدكتورة سهير حواس –وفي خطو سريع- تاريخ القاهرة بداية من العصر الفرعوني وصولاً إلى القاهرة الحديثة بشوارعها ومبانيها مع رسوم معمارية توضح كافة التفاصيل الهندسية للمباني وزخارفها من مساقط أفقية وأخرى رأسية.  
وقد دلني على هذا المرجع الفريد صديق فاضل لا يبخل بقراءة كريمة لما يتواتر من مقالات تنشر ذات اليمين وذات الشمال، ثم يزيد فضله بتعقيب عميق شامل يوقفني حائرًا في صحراء جهلي، فما أن قرأ مقال الأسبوع الفائت (تطوير الأعمال من عمر أفندي إلى "الكورتا إنجليز")، حتى تذكر وقت كان يعمل في وزارة الآثار، وطُلبَ منه كتابة ورقه بحثية عن المقر الرئيسي لمتجر "عمر أفندي" القائم بشارع عبد العزيز على مساحة 1170 متر مربع، على إثر لغط مفاده هدم المبنى وإقامة صرح اسمنتي حديث بدلاً منه.
وفي غمار بحثه تعرف على الأستاذة الدكتورة/ سهير حواس، أستاذ العمارة بهندسة عين شمس، فكان مؤلَفها أحد أركان دفاعه عن المبني التاريخي ليظل قائمًا على أصوله إلى يومنا هذا، شاهدًا على براعة المعمارى الفرنسي راؤول براندان (1878-1941)، بتصميمه المعتمد على طراز الباروك الفرنسي.
كعادة كل الأعمال العظيمة، بدأت القاهرة الخديوية بحلم يشاغب الخديوي إسماعيل (1830-1895)، ساعده في ذلك دراسته فن العمارة بباريس على يد المعماري النمساوي الشهير (هاوسمان)، أحد أكبر المعماريين آنذاك ومخطط باريس الجديدة.
وبفرشاة عبقرية التصاميم والألوان رسم إسماعيل مدينته الفاضلة، وأوكل تنفيذها إلى مبدعين حالمين قادرين على تحويل صور الخيال إلى واقع معاش جسد حينها ذوقًا عامًا يتناغم مع ما حوله من مبان لا تقل قيمة وتفردًا، جعلت من منطقة وسط البلد حديقة لكل زهرة فيها شخصية مستقلة، حتى أصابها ما أصاب غيرها من تعاقب الليالي وتراكم تراب الإهمال والفهلوة، لتتزاحم على واجهاتها مسوخ لوحات الإعلانات.
عهد الخديوي إسماعيل إلى استاذه هاوسمان ليضع مخطط القاهرة الخديوية، ليبدأ التنفيذ بعد خمس سنوات من الدراسة، فأنشأ شارع محمد علي ليربط بين القلعة ومحطة باب الحديد ومنها مد خط سكة حديد وصل إلى حي عين شمس، وأنشأ دار الأوبرا وكوبري قصر النيل (الخديوي إسماعيل سابقًا)، وكوبري أبو العلا ليربط بين القاهرة والجيزة، لتصبح القاهرة (قطعة من أوروبا) كما قال الخديوي إسماعيل، ليلهم بهذه الجملة الراحلة رضوى عاشور وتجعلها عنوانًا لأحد رواياتها، حولت فيها الخرائط والشوارع والمباني إلى كيانات تنبض بالحياة، وخلف كل منها ألف حدوتة.
وقد استدعى انشاء القاهرة الخديوية تحويل مسار نهر النيل عام 1863 وحل محله حدائق الحيوان والأورمان، وجامعة القاهرة، وأحياء الدقي والعجوزة والمهندسين وبين السرايات وإمبابة. 
ولم يكن تحويل مسار النيل بالأمر الجديد على المصريين آنذاك، فقبل ذلك التاريخ بعشرين عاما حُوِلَ المسار للبدء في بناء قناطر على طول النهر العظيم للتحكم في سريانه، مع إعادة المسار الأصلي بعد انتهاء البناء.
إن شعبًا حول مسار النيل منذ أكثر من مائتي عام وأقام الأهرامات في حراسة أبي الهول قبل آلاف السنين لقادر على صنع المزيد من المعجزات ما تمسك بالعلم والإيمان.. حفظ الله الوطن.
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved