آخبار عاجل

رسائل الانتخابات الأوروبية .. بقلم: محمد مصطفى الخياط

12 - 07 - 2024 11:01 116

 

يصعب على المتابع للشأن العام غض الطرف عن دلالات نتائج انتخابات بعض الدول الأوروبية التي جرت خلال الأسابيع القليلة الماضية، على خلفية ما أسفرت عنه نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي في شهر يونيو الماضي، حيث حققت أحزاب اليمين المتطرفة مكاسب كبيرة على حساب أحزاب الوسط واليسار.
كان أكثر من أربعمائة مليون مواطن أوروبي قد صوتوا للكتل الانتخابية في بلدانهم لانتخاب 720 عضوًا في البرلمان الأوروبي، حيث تشارك كل دولة بعدد محدد (تمثيل نسبي) من الأعضاء، فمثلاً ألمانيا 96، بولندا 52، وبلجيكا 21، ومالطا 6 أعضاء. 
تقدمت أحزاب اليمين على منافسيها في العديد من الدول الأوروبية، ففي النمسا حصل حزب الحرية اليميني على 25.4%، وفي إيطاليا حقق حزب "أخوة إيطاليا" اليميني 28.76%، وفي إسبانيا استحوذ الحزب الشعبي على 34%، وفي بولندا حقق 36.16%
تَصَدُر أحزاب اليمين القوائم لم يُعِد صياغة البرلمان الأوروبي فقط، بل امتدت آثاره الارتدادية إلى البلدان نفسها، إذ أعلن رئيس وزراء بلجيكا استقالته بعد حصول حزبه على نحو 6%، ودعا الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون إلى انتخابات مبكرة شهدت تقدمًا كبيرًا لليمين وأطاحت برئيس وزراءه جابريل آتال، حتى المملكة المتحدة، الدولة التي خرجت من الاتحاد بعد إجراء جراحة استئصال سياسي أُطلق عليها (بريكست)، دعا رئيس وزرائها ورئيس حزب المحافظين ريشي سوناك إلى انتخابات مبكرة أيضًا، انتهت بهزيمته شر هزيمة وفوز ساحق لحزب العمال.
الرسالة الأولى: "واجه نفسك في شجاعة وأترك الناخبين كي يقرروا مصيرهم بأيديهم"؛ لم يكن القادة الأوروبيون مضطرون لحل برلماناتهم والإعلان عن انتخابات مبكرة، كان بإمكانهم استكمال المدد التشريعية وعقد الانتخابات المحلية في حينها، لكنهم عوضًا عن هذا أرهفوا آذانهم لصوت رجل الشارع، وعلقوا عيونهم بحساسات استشعار اتجاهات الرأي العام، وأدركوا أن في ومضات مصابيحها الحمراء تنبيهًا لتغييرات تجرى على المسرح السياسي.
أما ثاني الرسائل: "الفوز الساحق لا يعني أن يحتل الرقم تسعة كل خانات النتائج"؛ في الدول الديموقراطية يصعب حصول حزب على أكثر من 50% من الأصوات، من هنا وصف استحواذ اليمين على نسب تراوحت بين 20-35% بمفردات من قبيل الساحق والكبير، بل واستخدم تعبير "فوز تاريخي" تعليقًا على حصول حزب الإصلاح اليميني برئاسة نايجل فاراج في بريطانيا على أربعة مقاعد من أصل 650 مقعد. من الواضح أن للكلمات معانٍ عديدة نجهلها.
وكانت ثالث الرسائل: "اختلف.. نافس.. ثم تحالف"، تقوم الأحزاب على فكرة اختلاف الأسس الفكرية في تناول الموضوعات العامة والسياسية، ومن ثم تتنافس على استقطاب أكبر عدد من الأصوات يـُمكنها من تنفيذ تلك الأفكار، ولأن المسرح السياسي الديموقراطي محكوم بنسب لا تحقق انفراد حزب بالسلطة، يصبح التحالف مع الآخرين، الـمُختلف معهم، ضرورة، وربما غاية أيضًا.
في اليوم التالي لتكليفه من قِبَل الملك تشارلز الثالث بتشكيل الحكومة، جمع السير كير ستارمر، زعيم حزب العمال ورئيس الوزراء البريطاني، أعضاء حكومته حول طاولة خضراء بسيطة في أحد غرف الاجتماعات في 10 داوننج ستريت، وانخرطوا في بحث خطط العمل التي طالما ناقشوها في حكومة الظل.
بناءً على النظام السياسي في بريطانيا، يُشكل الحزب المعارض –صاحب المركز الثاني في الانتخابات- حكومة ظل، تعمل على دراسة برامج عمل الحكومة الرسمية، وتوجيه النقد لها، إن استدعى الأمر، فإن تولت الحكم أمسكت بملفات تعرف تفاصيلها. ومن هنا جاءت الرسالة الرابعة: "وجود معارضة قوية يضمن قيام حكومة قوية". 
مؤكد أن هناك رسائل أخرى تهدف لتحقيق المصلحة التي عبر عنها سير كير ستارمر بجملة بليغة عقب فوزه "البلد أولا.. ثم الحزب". حفظ الله الوطن.
 



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved