تؤكد وقائع التاريخ ان العراق كان دائما يتحول الى ضحية في الصراعات الدولية الكبرى بحكم موقعه الجغرافي وثرواته، وهو ما عرض أبناؤه الى الإبادة والقتل والتهجير وتسبب في ضياع ثرواته وتخلفه عن ركب الحضارة الإنسانية ليعيش في دوامة الاستعمار والفقر والتخلف ويخضع للحكام الغرباء والمستبدين لقرون طويلة، وهذه الحقيقة التاريخية يجب أن تكون حاضرة في أذهان القيادات والقوى السياسية العراقية اليوم.
تعيش منطقة الشرق الأوسط على وقع طبول الحرب وفوق صفيح ساخن تسببه الاستعدادات العسكرية فضلا عن الحرب الاجرامية الصهيونية في غزة وردود الأفعال الطبيعية عليها، وتسعى كل حكومات العالم الى تهدئة الأوضاع وتجنب الحرب وخفض التصعيد لأن الانزلاق الى حرب كبيرة ستؤدي الى تضرر الجميع وتعريض حياة الشعوب الى مخاطر كبيرة ومن المتوقع ان تؤدي توسعة الحرب في المنطقة الى تداعيات من الصعب علاجها.
الواجب الإنساني والوطني يفرض على القيادات والقوى السياسية العراقية توحيد رؤاها تجاه ما يحدث والمشاركة الفاعلة في الجهد الدولي لإحلال السلام مع الالتزام بالموقف الشرعي والإنساني والأخلاقي المساند لحقوق الشعب الفلسطيني المعترف بها دوليا والمنصوص عليها في قرارات الأمم المتحدة ومجلس الامن الدولي.
إن وحدة الموقف السياسي العراقي والاصطفاف خلف الحكومة العراقية التي تمثل الشرعية الدستورية والشعبية هو السبيل الوحيد لتجنيب العراق مخاطر ما يحدث كما انه تعزيز لموقف وقوة العراق الذي لن يكون مؤثرا وفاعلا وكبيرا الا بوحدة قواه السياسية وتماسك مؤسساته واحترام مقررات حكومته من قبل جميع المواطنين العراقيين.
لا شك ان الحكومة الحالية حريصة على إبراز موقف عراقي قوي يحمي حقوق العراق ويدافع عن الاشقاء والأصدقاء ويدعمهم فيما يواجهونه من محن، ولا نجد فريقا سياسيا واحدا يشكك في اخلاص وكفاءة ورغبة الحكومة بتقديم إداء قوي وسليم في العلاقات الخارجية ولذلك من غير المقبول الاقدام على خطوات فردية من أي جهة بهدف الاستعراض الإعلامي إذ لا يمتلك حق التحدث والتصرف باسم العراق والعراقيين غير الحكومة الشرعية التي يجمع المواطنون على الاعتراف بها ودعمها.